على الرغم من كل التقدم الذي أحرزته باكستان في حربها ضد (القاعدة) وجماعات متشددة محلية عام 2004 فإن حربها على الإرهاب معرضة للانزلاق في فوضى بسبب إساءة استعمال عملية استئناف الدعاوى في المحاكم. يقول ضباط شرطة محبطون إن القضاة والمحققين يتعرضون للترويع من رجال يعتقدون أنهم جاءوا لنشر الخير بل إن بعض السجناء يديرون شبكات الإرهاب من زنازينهم. قال ضابط شرطة كبير يعمل في الحملة على الجماعات المتشددة في مدينة كراتشي الجنوبية «هؤلاء الارهابيون الخطيرون ليسوا أحياء وحسب بل يتمتعون بموجب لوائح السجن بقدر كبير من التسهيلات من بينها استقبال زائرين.» ومضى يقول «إنهم ينسقون مع بعضهم بل يديرون عمليات مباشرة باستغلال نظام السجون الفاسد.» ونجا الرئيس الباكستاني برويز مشرف في ديسمبر كانون الأول عام 2003 من محاولتين لإغتياله من تدبير القاعدة. وضاعفت قوات الأمن الباكستانية في وقت لاحق من جهودها لتدمير الجماعات الارهابية التي تنمو بقوة في المدن الباكستانية المكتظة وفي جبالها النائية على الحدود مع أفغانستان. وبعد مرور عام كان في وسع مشرف أن يتباهى خلال زيارة رسمية لواشنطن ولندن وباريس بانتصارات حققها على القاعدة بعد اعتقال عدد من الشخصيات المهمة وحملة كبيرة شنها الجيش على الجماعات الإسلامية المتشددة على الحدود الأفغانية. وأشاد الرئيس الأمريكي جورج بوش بتصميم مشرف على أن «يقدم للعدالة اولئك الذين يلحقون الأذى والألم بشعبه... وليس فقط أناسا مثل أسامة بن لادن.» ويفوق عدد من اعتقلتهم باكستان وهي حليف مقرب من الولاياتالمتحدة في الحرب على الإرهاب منذ هجمات 11 سبتمبر أيلول عام 2001 من المشتبه بانتمائهم للقاعدة عدد الذين اعتقلوا في أي دولة أخرى حيث اعتقل أكثر من 600 في السنوات الثلاث الماضية. لكن عجز المحاكم عن التكيف مع الأوضاع الجديدة يقوض النجاح الذي أحرزته قوات الأمن. وقدر إقبال حيدر وهو وزير عدل سابق عدد القضايا المعلقة أمام المحاكم بحوالي مليون قضية. وقال «البنية الأساسية لمحاكمنا مروعة... نظامنا القانوني بطيء إلى حد مؤلم.» وقال مسؤولون إن هناك حوالي 200 متشدد مدان في مدينة كراتشي المضطربة من بينهم كثيرون محكوم عليهم بالاعدام ينتظرون النظر في دعاوى استئناف مرفوعة أمام المحكمة العليا في إقليم السند. والمشهد متكرر في المحاكم في كافة ارجاء باكستان حيث تتحدى مئات من دعاوى الاستئناف الأخرى عقوبات قررتها محاكم أقل تنظر في قضايا الارهاب. قال أحمد رشيد وهو محلل باكستاني ومؤلف كتاب عن حركة طالبان الأفغانية «التأخير يلحق ضررا بالغا بالحرب على الإرهاب.» وأضاف أن التأخير «يبين أن الحكومة ليس لديها اهتمام كاف بتقديم هؤلاء للعدالة.» واستطرد قائلا «القضاء في فوضى.» ويتزايد الاحباط بين الشرطة. قال مسؤول كبير بالشرطة في كراتشي رفض الكشف عن هويته «نعتقل المتشددين وندمر خلاياهم لكن إدانتهم صعبة جدا.» ومضى يقول «حتى في حالة إدانتهم على مستوى المحاكم الأدنى فإن دعاوى الاستئناف المنظورة أمام محاكم أعلى تستمر لسنوات.» ويعطي القانون الباكستاني المحكوم عليه الحق في الاستئناف أمام المحكمة العليا أو المحكمة الأعلى. لكن لا يمكن نظر أي قضية إذا تغيب أحد محامي الدفاع. وهناك متشددون إسلاميون بارزون من بينهم أحمد عمر سعيد الشيخ البريطاني المولد من بين المدانين الذين تنظر المحكمة العليا دعاوى استئناف للأحكام الصادرة عليهم. وصدر حكم بالاعدام على الشيخ في يوليو تموز عام 2002 بتهمة التخطيط لاختطاف وقتل الصحفي الأمريكي دانييل بيرل ولم تعقد جلسة واحدة للنظر في قضيته منذ تقدم بدعوى استئناف في 19 يوليو عام 2002. ويقول محامون إن المحكمة العليا في إقليم السند التي تضم عضوين أجلت الدعوى دون نظرها رسميا لأكثر من 20 مرة. وقال عبد الواحد كاتبار محامي الدفاع عن الشيخ لرويترز «ليس ذلك خطأ أحد... القضاة مثقلون بالعمل.» وقال حبيب أحمد مساعد المحامي العام إن هناك حاجة لعدد اكبر من القضاة نظرا لمعدل الجريمة في بلد سكانه 150 مليونا. وقال وزير العدل الباكستاني محمد واصي ظفار إن الحكومة قدمت مشروع قانون للبرلمان في محاولة لضمان التعامل مع قضايا الإرهاب بسرعة. وأضاف «الجمعية الوطنية أقرت القانون وننتظر إقراره في مجلس الشيوخ.» واستطرد قائلا «كما تنوي الحكومة زيادة عدد القضاة.» لكن المحامين لا يريدون أن يصبحوا قضاة إذ سيتقاضون أجورا أقل كما سيكونون أكثر تعرضا للتهديدات. وقال مسؤول بوزارة العدل «من يحاربون القوى العالمية لا يخشون القضاة... إنهم يهددونهم علانية.» وأضاف «يجب ضمان سلامة القضاة حتى بعد تقاعدهم.»