كنا نعيب على الإعلام المحلي الرسمي جموده وغياب لياقته التي كانت تجعل منه مردداً مسائياً لتقارير (و.ا.س) الصباحية.. مع بعض نثار من الأخبار العالمية الوقورة، يتلوها المذيع المتخشب من شماغه مروراً بالورقة وصولاً إلى الموجز، بالطبع بالمفهوم المهني من الصعب أن يطلق على ذلك النوع من الطرح إعلاماً، حيث يفتقد دوره الرئيس كسلطة رابعة مستقلة عن أجهزة الدولة وبدلاً من هذا أصبح أحد مؤسساتها التي تقوم بمهمة العلاقات العامة الترويجية لأداء مؤسساتها وبشكل يقلص من حياد الطرح واستقلاليته، الجمهور المتلقي بدوره أشاح عن هذا الطرح، بل ولقبه (غصب واحد.. واثنين) وظل الإعلام المحلي إلى الآن يعاني غياب وشح جماهيره. هذه الفجوة الكبيرة في خطابنا الإعلامي (التي لا تتوازى مع حجم المملكة وحضورها على المستوى الإقليمي والعالمي) أعتقد تم ترميمها عبر محطات خارج الحدود، مهنية ناجحة برؤوس أموال سعودية منعتقة من اشتراطات الرقابة المحلية وجمودها، وبدورها استطاعت أن تستقطب الخبرات وليس فقط تنافس في السوق الإعلامية بل وتتصدر المشهد، وتستقطب المشاهدين الحريصين على مصادر إعلامية قادرة على تفكيك الخطاب الاستشراقي المتعجرف المضمر داخل مصادر الأخبار الأجنبية، وأيضاً تمتلك المهنية والحس الوطني. في الوقت الحاضر المملكة هي أحد قطبي صراع في المنطقة، وتقود تحالفاً عسكرياً كبيراً، وذلك يتطلب صناعة إعلامية توازي وتغطي أهداف وتحركات هذا التحالف بشكل مهني، وعندما نقول بشكل مهني ذلك يعني أنه يحترم عقلية المشاهد من الطروحات الشعاراتية الزاعقة، أو التقارير الهشة ذات المعلومات المستهلكة والبائتة. وألا يستدرج إلى طرح سجالي يفتقد المصداقية، على سبيل المثال انتشر على وسائل التواصل تحت عنوان (حسن زميرة) تقرير إخباري لقناة محلية، أسمته (حسن زميرة) للرد على قائد مليشيا حزب الله، تبدى في هذا التقرير الكثير من الثغرات الإعلامية مثل:- - عنوان التقرير ينحدر بالمهنية الإعلامية إلى مفردات العصابات من (زعران) وشبيحة (حسن زميرة)!!.. قد أستوعب أن أسمعه في قناة الجديد أو أم تي في اللبنانية، ولكن إطلاقاً ليس من قناة محلية. - لن أقول جديداً عندما أقول إن لغة الإعلام الذكي تقوم على المعلومات الموثقة والأرقام، وتختفي العاطفة والميول في طيات العمل لكن بذكاء. - استدراج خطابنا الإعلامي إلى مواجهة مع مليشيا يعتبر سقطة إعلامية، فالكبير يختار أعداءه بحرص وأناقة ونصر الله وميليشيته برمتها، لا ترقى بأن تكون نداً للمملكة. احتاج الإعلام العربي ردحاً طويلاً من الزمن كي يتجاوز إعلام التلاسن والانفعالات، وأخذ يحاول أن يمهد طريقه نحو إعلام المهنية والرسالة المدروسة التي تخدم الأهداف دون أن تطمس الحقائق، ولا نريد أن نتقهقر به هناك مرة أخرى. من يتابع على snapchat الرياض_لايف، وماذا فعل هؤلاء الصغار في اختراق العالم عبر الصورة، سيعرف حتما أن هناك تحديات كبيرة تنتظر إعلامنا المحلي، والذي لا ينصت إلى هؤلاء الصغار ولا ينتبه إلى ماذا يفعلون، وينتج تقاريرَ اخبارية مليئة بالثغرات، لا أعتقد أنه سيقوم بمهمته الوطنية الموكلة له. لمراسلة الكاتب: [email protected]