مع بدء العد العكسي لمعركة الانتخابات البرلمانية في مصر والتي تنطلق مرحلتها الأولى في التاسع من نوفمبر المقبل طفت على السطح أزمات جديدة تنبىء عن سخونة حقيقية في أجواء الانتخابات . ففي تطور لافت طالب مجلس الدولة الحكومة والحزب الوطني الحاكم في تقرير صدر عن هيئة مفوضي مجلس الدولة ، بضرورة إلغاء جميع عمليات القيد الجماعي للناخبين الذي قامت به الحكومة من خلال نقل ناخبين من مواطنهم الانتخابية خلال فترة القيد الأخيرة إلى الدوائر الانتخابية المهمة والتي ترشح فيها وزراء الحكومة الستة ورموز الحزب الوطني والبرلمان الحالي واستخراج شهادات انتخابية جديدة على اعتبار أن هؤلاء أبدوا رغبتهم في تغيير مواطنهم الانتخابية . القرار الجديد سيعيد نحو مليوني ناخب إلى مواطنهم الانتخابية ، واتهم مرشحو المعارضة والمستقلون الحكومة والحزب الحاكم بارتكاب أعمال تزوير متطورة للانتخابات قبل بدايتها تكرارا لسيناريو أزمة الناخبين الوافدين التي ابتكرها الحزب في الانتخابات الرئاسية . كانت الأجهزة المختصة بإعداد كشوف الناخبين وافقت على نقل هذا العدد من الناخبين إلى دوائر انتخابية جديدة تقل فيها احتمالات فوز مرشحي الحزب الوطني بعد أن تكشف ثقل مرشحي أحزاب المعارضة والتيارات السياسية الأخرى وفي مقدمتهم الإخوان المسلمون الذين يمثلون الخطر الأكبر في العديد من المحافظات . وقال برلمانيون ان إصرار الحكومة والحزب على ارتكاب تلك المخالفة يضع السلطات الدستورية أمام اختبار صعب للغاية كما وضع اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات البرلمانية في مأزق يتعين عليها الخروج منه سريعا وقبل لجوء المتضررين الى القضاء . على صعيد متصل فشلت الأحزاب المصرية التي تخوض الانتخابات ، وفي مقدمتها الحزب الوطني الحاكم وأحزاب المعارضة في إطار تحالف الجبهة الوطنية ، في التوصل إلى صيغة موحدة لتطبيق ميثاق الشرف الانتخابي الذي أقرته الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني في شهر يونيو الماضي وغابت عن التوقيع عليه أحزاب المعارضة الكبرى ،الوفد والتجمع والناصري، لمقاطعتها الحوار الوطني في الجولات الثلاث الأخيرة والتي شهدت التوصل إلى هذا الميثاق واعتبر بعض قياداتها أن الميثاق غير ملزم لها . ووصلت المفاوضات بين الأحزاب إلى طريق مسدود واتهم الحزب الوطني الحاكم بعض الأحزاب والمرشحين بالاتجاه الى شراء ضمائر بعض الناخبين في مختلف الدوائر الانتخابية بالمال . وتقوم لجنة قانونية منبثقة عن اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات البرلمانية بفحص أكثر من 50 شكوى تقدم بها الحزب الوطني ونفت أحزاب المعارضة هذه الاتهامات، معتبرة أن الحزب يستهدف من وراء تلك الشكاوي إخفاء حقيقية ما يفعله بعض مرشحيه وأن هناك وقائع سيتم تقديمها أيضا إلى السلطات المختصة . وحذر مرشحون مستقلون من خطورة ظهور سلاح المال في المعركة الانتخابية وطالبوا منظمات المجتمع المدني بالتحرك فورا لمراقبة هذه التصرفات التي تتم في بعض الدوائر التي ترشح فيها رجال أعمال ، والتي تفسد العملية الانتخابية وتخرجها عن نطاقها وتنذر بسيطرة أصحاب رؤوس الأموال على البرلمان الجديد . من ناحية ثانية كثفت جماعة الاخوان المسلمين من نشاطها ودعمها لمرشحيها في الانتخابات البرلمانية في مصر والتي تبدأ مرحلتها الأولى في التاسع من نوفمبر المقبل . والى جانب المسيرات واللافتات والتجمعات والمؤتمرات ووسائل الدعاية المختلفة التي تستخدمها الجماعة المحظورة أطلق إخوان الإسكندرية إذاعة تحمل اسم «سما» على شبكة الانترنت . وتقوم الإذاعة بعرض برامج الإخوان الانتخابية وبث لقاءات مع مرشحي الجماعة ، وإجراء استطلاعات رأي للجمهور حول طموحاتهم وآمالهم في عضو مجلس الشعب لعام 2005 ، وبدأ مستخدمو الإنترنت الاستماع للاذاعة للتعرف على برنامج الإخوان في الانتخابات ، وستقوم الإذاعة بعرض مسلسل كوميدي يدور حول مواطن يرغب في انتخاب عضو لمجلس الشعب ويمر ببعض الصعوبات حتى يستطيع في النهاية الإدلاء بصوته . وليست هذه هي الوسيلة الوحيدة التي لجأ اليها الاخوان ، لكن يبدو أنهم يجيدون التعامل مع أدوات العصر بدءا من المواقع الألكترونية الى رسائل الهاتف الجوال بجانب الوسائل التقليدية التي يجيدون أيضا توظيفها بأعلى درجات الاتقان من اللقاءات المباشرة الى الاحتكاك الجماهيري الواسع لتجتمع لديهم مختلف مفردات الدعاية في رحلة البحث عن المقاعد الخمسة والخمسين في البرلمان القادم التي يخططون للفوز بها