كانت الهجمة التي شهدتها المملكة خلال الفترة الماضية شرسة إلى حد كبير، فبعض من المنظمات دأبت منذ فترة على التدخل في شؤون المملكة السيادية وحقها في فرض القانون، واصفة ذلك الحق بأنه يتناقض وحقوق الإنسان، متناسية جهود المملكة الدبلوماسية والإنسانية خارج حدودها، والشهادات التي تقدمها المنظمات والمؤسسات الدولية عن حجم الإسهام الإنساني الدولي للمملكة. وخلال الأسبوع الماضي أصدرت المملكة بيانين رسميين نددت خلالهما بالتدخل في شؤونها الداخلية باعتبار ذلك الأمر يتناقض والأعراف الدولية. وتشعر المملكة أنها مقصودة ومستهدفة بحملة ذهبت إلى حد أن لفّق مدير منظمة (هيومن رايتس ووتش) كينيث روث صورة لامرأة تجلد في ميدان عام ونشرها على أن ذلك يحدث في المملكة، قبل أن يتدارك حجم خطئه ويحذفها من حسابه على «تويتر». وهذه عينة بسيطة لما تقوم به تلك المنظمات التي تتشدق بمفهوم حقوق الإنسان وترسم جغرافيته بناء على أجندة مشبوهة، وهي بذلك تختطف هذا المفهوم النبيل وتسيسه. وتنفذ تلك المنظمات من خلال هذا المفهوم إلى المؤسسات الرسمية في الدول الغربية، وتحاول الضغط عليها من أجل التأثير على المملكة، فهي تستبق زيارة بعض المسؤولين الغربيين إلى الرياض، وتبدأ بتحفيزهم والضغط عليهم من أجل إثارة موضوع «حقوق الإنسان»، وتحت تلك الوطأة يرضخ بعض المسؤولين. وقد وفقت المملكة وهي تصدر بيانها الأول قبل زيارة أحد المسؤولين الغربيين، ثم كان قرارها من خلال جامعة الدول العربية رفض إعطاء كلمة لوزيرة الخارجية السويدية التي أرادت إسماع مندوبي الدول هناك درساً في «حقوق الإنسان»، لولا أن المملكة رفضت قيامها بذلك. والمملكة وهي تستدعي سفيرها في السويد فقد أصابت، صحيح أن العلاقات بين البلدين تؤرخ منذ خمسينات القرن الماضي، والتعاون بين المملكتين شهد تطوراً على المستوى الاقتصادي تحديداً، إلا أن ذلك يجب أن يكون مدعاة لاحترام متبادل، وليس مبرراً للتدخل في سياسات المملكة، وليس من المنطق أن تضع الرياض أو تفصّل قوانينها وتشريعاتها على الطراز الأوروبي، لترضي تلك المنظمة أو تلك الدولة، أو أن تنتظر إطراء من أي طرف دولي لسجلها الحقوقي. كان قرار المملكة استدعاء سفيرها من السويد مطلوباً باعتباره رسالة واضحة ليس فقط لإستوكهولم بل لكثير من الدول الغربية، التي نصبت نفسها محامياً ومدافعاً عن مفهوم امتهنته كثيراً عندما جعلت منه أداة سياسية.