عاد الرجل للمنزل ليكتشف أنها تنتظره بجانب عشاء قد أعدته لهما، يبدو عليها الانزعاج بسبب تأخره وبرود الأكل. بدأ الصراخ. تعذر هو بعدم معرفته بأمر العشاء، بدأت تلومه لعدم اهتمامه وتقديره ولو بشكرها على الأقل مقابل ما قامت به. صرخ مؤكداً على أنه ليس من المعقول أن يكرر شكره أو إعلان أنه يحبها ويحترمها في كل مرة يتقابلان فيها. لماذا علي أن أقول ما هو واضح؟ سألها. "لا أعلم كيف وصلنا لهذه المرحلة! خلال عيشنا سوية، جاوزت المعقول لأجلك. طبخت، جمعت أوساخك من الأرض، أختار وأظهر لك ملابسك وكأنك طفل في الرابعة. دعمتك، دعمت مستقبلك الوظيفي. إن تعشينا بالخارج فأنا دائماً من يخطط ويجهز لكل شيء. أعتني بكل شيء ولا أعتقد بأنك تقدر أي من تلك الأشياء! لا أعني لك شيئاً على الإطلاق! كل ما أطمح له وأريده هو أن أعرف أنك تقدرني وأن تظهر لي بشكل أو بآخر أنك تهتم". هكذا انفجرت الشخصية النسائية في الفيلم في وجه الرجل. كانت كلماتها كالرصاص، بينت أن عبارات الشكر والتقدير حتى لو لم تكن من القلب فإنها تعني للنساء الكثير، تعني أننا كرجال ممتنون لما قمن به. وقف الرجل مشدوهاً من الفكرة وكذلك كنت أنا خلال مشاهدتي الفيلم في السينما. لم يكن يدور في خلدي أن تفكيري كرجل وتفكير زوجتي قد يتباينان ويتنافران جداً على أمر كهذا. خرجت من ذلك الفيلم البسيط وقد أخذت درساً في أن الرجال من المريخ والنساء من الزهرة كما يقولون. عالمان مختلفان تماماً. هذا الفهم الدقيق لمشاعر وعقل المرأة جعل هوليوود تتفنن في تقديم أفلام مصممة وموجهة للنساء تسمى (تشيك فلك) أو أفلام النساء. يعود أول أفلام هذه النوعية إلى فجر السينما. تلك الأفلام تصمم بذكاء لتناقش قضايا تهم المرأة -وغالباً الشابة منهن- كمعاناتها في العمل والحياة والعائلة وإثباتها لذاتها وكونها ضحية لظروفها. وبدءاً من بوستر الفيلم والألوان المستخدمة فيه وانتهاء بالتوقيت الأنسب للعرض كعيد الحب. وعلى الرغم من أن الأدوار الناطقة للنساء في الأفلام طوال السنة لا تتجاوز ثلث الحوارات بسبب السيطرة الذكورية الكاسحة إلا أن النساء تكفلن بجعل سلسلة أفلام الشفق أو توايلايت أحد أكثر الأفلام ربحية على الإطلاق حيث شكلن ما يقارب 75٪ من الجمهور. عزيزي الرجل، في حال وجدت فيلماً رومانسياً أكثر مما يجب حسب معاييرك فلتعلم بأن ذلك الفيلم ليس لك. تماماً كحال الكثير من النساء عندما ينفرن من أفلام الأكشن والقتال. عدم مناسبته لذائقتك ليس عذراً لأن تتوهم بأن أفلام النساء أقل جودة ومستوى من أفلام "الرجال". أفلام مثل (شروط المحبة، قصة حب، عندما قابل هاري سالي، الحارس الشخصي، سهران في سياتل، لديك إيميل، مذكرات بريدجت جونز) كلها رائعة وحصدت الإعجاب النقدي والنجاح التجاري وحتماً ستعجبك أنت أيضاً. أخيراً، إن كنت ممن يؤمن بأن السينما فن للرجال وصنعه الرجال. فأقول لك، لا تنس بأن ما يقارب نصف المشاهدين في سينمات العالم من النساء وأن أول فيلم روائي في تاريخ السينما عام 1895م كان من إخراج آليس جاي بلاتشي.. امرأة.