بقدر ما أنا سعيد بنجاح فايز المالكي في شخصية الكابتن مناحي بن مطلق ومحمد العيسى في شخصية مرزوق (مرمر زماني) إلا أني أشعر بالخوف من تأثير شخصية كابتن مناحي على بعض طلاب المدارس في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة حيث تلبس البعض من طلاب الابتدائية والمتوسطة شخصية الكابتن مناحي السائق (العربجي) الذي يحل مشاكله بيده مستنداً على (العجراء) العصا الغليظة ومسدلاً شماغه على كتفيه و(نافش) شعره الأجعد ويمشي باستهبال ويجعل من الاستغفال وسيلة لتعايشه مع الناس. هذه الشخصية بدأت تتسرب داخل المدارس وداخل البيوت حتى ان بعض الطلاب بدأ يتحدث بنفس لهجة الكابتن مناحي وليس لهجة مناحي الأصلية وهي إحدى لهجات مملكتنا وعزيزة علينا لكنها لهجة العربجي المبتذلة وهو ما نخشاه على الطلاب في مرحلة عمرية.. أنا لا أقصد اسقاط أو اغفال مثل هذه الشخصيات فهي جزء من مجتمعنا وسائقو الباصات هم جزء منا ولهم دور اجتماعي ودور وظيفي نحترمه ونقدره وعندما نريد أن نستثمر هذه الشريحة علينا البحث عن إيجابيات هذه الشخصية التقليدية والغالية علينا لنحافظ عليها وعلى استمرارها في تأدية دورها داخل المجتمع.. لذا سعدت أن فايز المالكي تناولها كشريحة اجتماعية تقليدية تؤدي دورها منذ أن كانت خطوط المواصلات متواضعة وكانت الطرقات متعرجة والشوارع ضيقة والحركة السكانية والاقتصادية في أبسط صورها.. واستمر دور سائقي الباصات يؤدي دوره والحاجة تزداد إليه في مدينة مثل الرياض لا تستخدم سوى وسيلة واحدة في المواصلات وهي السيارات فقط.. فكنت أتمنى أن يغوص المالكي في عالم قائدي الباصات والنقل العام من خلال شخصية الكابتن مناحي والتعرف على مشكلاتها والتحديات التي تواجهها وما يعترضها من مشكلات وظيفية ومهنية تقف دون تطويرها كأن يبحث في نقابة سائقي الباصات وتحسين أوضاعهم المعيشية ودعمهم ليستمروا في تأدية دورهم لا أن يتحول مناحي إلى صورة مهرج يستغل (كاركتر) سائق الباص وانتماء مناحي الاجتماعي والثقافي ليزيد في التهريج على لهجته وهيئته دون أن يقود إلى هدف.. مجتمعنا من المجتمعات التي تتصف بالوداعة والمحاكاة وطلابنا في المراحل المبكرة يتأثرون دائماً بالصور النمطية الكوميدية لذا فإن للفن رسالة يجب عدم اسقاطها أهمها مبدأ نشر قيم الخير ومحاربة الشر وهي إحدى أساسيات الأعمال الدرامية وهذا لا يلغي تجسيد الشخصيات وتعريتها أمام المشاهدين لكن لابد أن يكون هناك معالجة وهذه المعالجة ترتكز على القيم الأخلاقية التي يسعى الفن إلى تكريسها.. وهذا يعيدني إلى الفنان بكر الشدي يرحمه الله الذي قدم لنا شخصية قريبة من شخصية مناحي من حيث اللهجة والثقافة المحلية لكن بكر الشدي قدمها بصورة مليئة بالقيم والأصالة والتهذيب.. وأنا هنا لا أقصد تجميل الواقع وإضافة المزيد من الزيف على الشخصية المحلية لكن أرى عدم إغفال المعالجة والصياغة والهدف الذي يريد الفنان إيصاله للمجتمع فالكابتن مناحي شخصية محلية ضمن نسيجنا وجزء من تشكيلة المهن التي يؤديها مجتمعنا لكن ليس بالضرورة أن نجعل مناحي عربجي غير مبال بمهام مهنته يرسم حركة سير سيارته حسب أهوائه واحتياجاته الشخصية دون الالتزام بخط سير حركة النقل العام واحترام مشاعر ومواعيد أعمال راكبي الباص.. فهل هذا هو واقع النقل العام وهل الكابتن مناحي نموذج لسائقي الباصات فإذا كان كذلك فإن فايز المالكي صدق في تجسيد شخصية مناحي وفشلت وزارة النقل وإدارة المرور في جميع خططها الموجهة للنقل العام.