تمثل العلاقات العامة شرياناً رئيساً في مختلف القطاعات والمؤسسات والكيانات، وتحتاج لحساسيتها إلى رؤية واضحة، رسالة سليمة وأهداف محددة وصريحة ابتداءً من رأس الهرم في كل إدارة وانتهاءً بأصغر من فيها. ذلك أنها تشمل العلاقات في الكيان نفسه وبين موظفيه وجمهوره وكذلك علاقة المنظمة بالمنظمات الأخرى. وإذا كانت بعض الجهات قد قصرت مفهوم العلاقات العامة لديها على: التنسيق للمؤتمرات والملتقيات، توزيع رقاع الدعوة والاستقبال والتوديع وتجهيز حيثياتها المختلفة. فإن ذلك يحتاج إلى إعادة نظر وتحديث رؤية ورسالة أبعد منه بكثير. وذلك في محورين رئيسين: الأول: تفعيل العلاقات العامة لتخدم المفهوم الصحيح لها من البنية الحقيقية للكيان سواء كان دولة أو منظمة أو مؤسسة أو أسرة. والعلاقات الإيجابية داخل الكيان نفسه، نشأة وتطوراً واستمراراً ووقاية ودعماً. وبينه وبين كافة الأفراد والمؤسسات وفق خطط مستدامة محاطة بمتابعة في التنفيذ ونقويم للنتائج. بحيث يكون ممثل العلاقات العامة عنصراً فاعلاً ورئيساً بين أفرادها ومؤشراً واضحاً وصريحاً وسليماً على مستوى أدائها، وانعكاساً إيجابياً ملموساً لمن يتعاملون معها، ورافداً حقيقياً وجاذباً محترفاً لفئة جديدة جديرة بثقتها واستدامة التعامل معها. كما أن المكلّفين بالعلاقات العامة إدارة وعاملين جدير بهم الحرص على التدريب الاحترافي الميداني الواقعي سواء كان بمبادرة شخصية سعياً لتطوير الذات والرقي بها؛ أو بإسهام من جهات الاختصاص من وزارات ومؤسسات وإدارات وهذا أولى وأنسب. حتى يكون التدريب على رأس العمل لما له من أهمية بالغة في قياس أثر التدريب وتقييمه وتقدير مدى الاستفادة الحقيقية منه. أما الثاني: فهو التحول إلى العلاقات العامة الرقمية التي أوشك العالم بأسره أن يجعلها صبغة لكافة تعاملاته؛ فلا تكاد ترى من البشر أحداً إلا بين يديه جهاز ذكي ينجز به تعاملاته، ويتجاوز به حدود المكان والزمان، حتى أصبح ملوك الدول ورؤساؤها يجعلونها إحدى الوسائل الهامة التي يخاطبون بها شعوبهم. وكذلك رؤساء مجالس الإدارات ومدراء الشركات وكبار الشخصيات وجدوا فيها اختصاراً لكثير من الوقت والجهد، وقدرة أوسع على وصول الرسالة الترويجية والتحفيزية والتجديدية والعضوية والمشاركة المجتمعية والإعلام والتسويق والدعاية والإعلان وسائر ما تقتضيه العلاقات العامة على مستوى عالٍ من المهارة والاحترافية. وإذا كانت العلاقات العامة بما تمثله من قياس الرأي العام الحقيقي النزيه الصادق المحايد ركيزة رئيسة في كل كيان فإن سعيها إلى التحديث الدائم يزيد من فاعليتها وإيجابيتها ويوطد العلاقة بين المجتمع ومؤسساته وأفراده. إن التميّز في العلاقات العامة باستثمار قنوات التواصل الاجتماعي الالكترونية يتيح فرصة واضحة لتعريف المجتمع بمؤسساته وفتح قنوات الاتصال الإيجابي وتعزيز أسلوب التعامل التفاعلي، ولاسيما وأن الإحصاءات تشير إلى الملايين من المشتركين في قنوات التواصل الاجتماعي الالكترونية سواء كانت بريدا الكترونيا، تويتر، فيسبوك، انستقرام.. وغيرها. وهذا بلا شك يُعطي فرصة أكبر لتنافس الجهات في مستوى الخدمات والجودة المقدمة للجمهور لأنه أصبح من السهولة بمكان الاطلاع على الخدمات المقدمة من المؤسسات المشابهة في لحظات ومقارنة مستوى الخدمة والجودة في المنتجات والتواصل لمعرفة كافة التفاصيل بأسرع مدة ممكنة قبل اتخاذ قرار التعامل مع أحدها. ولمعرفة معظم مؤسسات القطاع الخاص بأهمية العلاقات العامة الرقمية نرى كثيراً منها قد خصص ميزانيات عالية وكفاءات بشرية مؤهلة ومدربة وحوافز متعددة للمبدعين في العلاقات العامة لما لهم من أثر بالغ في تحقيق أهدافهم الاستثمارية وجذب العملاء ومتابعة استمرار رغبتهم في التعامل مع مؤسساتهم وعدم التحول منها لغيرها. إن استشعار الكيانات لأهمية العلاقات العامة في نجاح مسيرتها التنموية أمر ينبغي أن يحظى بحيّز أكبر من الاهتمام على مستوى المؤسسات الحكومية التي بدأ بعضها يتنبه لذلك ويخصص له مواقع على بعض شبكات التواصل ولكن الأمل في تفعيل إيجابي بحجم طموح المواطنين وتطلع القيادة لوطن أكثر إيجابية وأكثر تفاعلية وأكثر نمواً وتطوراً. كما أن المتخصصين في العلاقات العامة جدير بهم أن يستشعروا أهمية المسؤولية التي ينبغي عليهم السعي للتأهل لها بالممارسة الجادة وفق مستويات عالية من الاحترافية والمهنية ليحققوا الأهداف المنوطة بهم. في إطار من الصدق والأمانة والنزاهة والإخلاص. بهذا نصل بعون الله إلى التميّز في العلاقات العامة التي يجعلها كفيلة بتحقيق الرؤى والتطلعات على مستوى الأفراد والمجتمعات.