شهدت المملكة العربية السعودية خلال المرحلة الماضية قفزات كبيرة في التعليم العالي ومؤسساته، من حيث الطاقة الاستيعابية، والتوسع الكبير في البنية التحتية، واستحداث جامعات جديدة، وإنشاء كثير من المراكز الأكاديمية، وهيكلة التخصصات، والمواءمة مع سوق العمل، وزيادة كفاءة مؤسسات التعليم العالي، وبرامج الابتعاث، وغير ذلك من التطور النوعي بالنسبة إلى أعضاء هيئة التدريس والطلاب. واليوم، مع تعيين معالي الدكتور عزام الدخيّل وزيراً للتعليم، بعد دمج وزارتي (التعليم العالي والتربية والتعليم) فإن لدى الجامعات كثيراً من التطلعات المستقبلية، التي تفرضها متطلبات المرحلة، والدفع بعجلة التطوير، والتنمية، والأهداف الاستراتيجية التي تسعى الوزارة إلى تحقيقها، ممثلة في الوصول إلى مجتمع المعرفة، وتضطلع الوزارة بدور كبير في الإسهام في بناء هذا المجتمع؛ من خلال تنفيذ البرامج الأكاديمية والتطويرية المتعددة ذات العلاقة ببناء المجتمع. ومن تلك التطلعات زيادة كفاءات الجامعات، وتعزيز شراكتها مع القطاع الخاص، فيسهم القطاع الخاص في دعم العملية التعليمية، وتسهم الجامعات في تلبية احتياجات سوق العمل، وهذا يعزز دور قطاع التعليم في مؤسسات المجتمع المختلفة، وتنتقل الجامعات من البحث الأكاديمي إلى أسواق العمل. ومن المهم أيضاً تعزيز التواصل بين الجامعات نفسها، وتبادل الخبرات فيما بينها، ونقل خبرات الجامعات القديمة إلى الجامعات الحديثة، بحيث تعمل الجامعات كمنظومة واحدة متكاملة، وهذا يضمن العمل بقوة الفريق، فالمؤسسة الواحدة تعمل بقوة المؤسسات كلها. نتطلع أيضاً إلى أن ينصب الاهتمام بتحسين كفاءة هيئة التدريس، والتركيز في نوعية إنتاجهم، وتنمية الإبداع والتميز لدى أعضاء وعضوات هيئة التدريس، وإتاحة فرص التطور والانطلاق والمشاركة أمامهم، وتطوير مؤشرات التقييم، ومنحهم المحفزات المعنوية والمادية، وربطها بإنتاجيتهم، فالمدرس هو التعليم، وهو الذي يجعل من المؤسسة شيئا كبيرا، أو غير ذلك. وإذا ركزت الوزارة اهتمامها بالمدرسين فإن أثر ذلك سيعود على الطلبة، فالمدرس الكفؤ سينتج جيلاً كفؤاً، ولن نحصد العنب إلا من شجر العنب. هناك تطلعات كثيرة منوطة بالوزارة، فيما يتعلق بالطلبة – سواء الدارسين في المملكة، أو طلبة الابتعاث، وتطلعات متعلقة بالموظفين وبغيرهم من العاملين داخل المؤسسة التعليمية، وتطلعات ينتظرها المجتمع بمختلف قطاعاته العامة والخاصة من قطاع التعليم، وتطلعات تتعلق بتطوير البحث العلمي، وتطوير المحتوى الدراسي، وتطوير العملية التعليمية بأكملها. ونحن على ثقة أن تحقق الوزارة هذه التطلعات وأكثر منها، مع قيادتها الجديدة، وخصوصاً مع الدعم السخي والاهتمام الكبير الذي تحظى به من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله.