بعث لنا القارئ محمد الشلوي بالسؤال التالي: هل يمكن رفع دعوى في المحاكم السعودي بطلب التعويض المادي عن الضرر المعنوي الناشئ عن السب والقذف والتشهير وغيرها مما يمس كرامة الإنسان ؟ نشكر القارئ الكريم على سؤاله. ونحب أن نوضح في البدء ما هو المقصود بالضرر المعنوي، يقصد به الأذى الذي يصيب الإنسان في شرفه وعرضه من فعل أو قول غير مشروع مما يعد مهانة له، كما في حاله القذف والسب، وكل ما يسبب ألماً في جسم الإنسان وعاطفته من ضرب لا يحدث أثراً وقد يتمثل بتفويت مصلحة غير مالية. والمحاكم في المملكة العربية السعودية تطبق أحكام الشريعة الإسلامية في كل ما يعرض عليها من دعاوى. وبالرجوع إلى آراء الفقهاء المسلمين في مسألة التعويض عن الضرر المعنوي الذي يصيب الإنسان نخلص إلى ما يلي: يقول النبي صلى الله عليه وسلم ((كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)) ومسألة تحريم السب والقذف هي محل إتفاق جميع الفقهاء، وللقذف كما هو معلوم حد الجلد، أما السب والتشهير وكل ما يمكن أن يمس كرامة الإنسان دون القذف، فيكون للقاضي إيقاع عقوبة تعزيرية، وذلك إيضاً محل إتفاق بين الفقهاء المسلمين في كافة المذاهب. أما مسألة التعويض المادي عن الضرر المعنوي ? وهو محل تساؤل القارئ- فأغلب الفقهاء لا يرون ذلك ولا يقرونه للأسباب التالية: 1- أن التعويض أو الضمان يقصد به إعادة الحال إلى ما كان عليه إن أمكن أو الجبر والإزالة، وإعطاء المال عن الضرر المعنوي لا يمكن ان يرفعه أو يزيله. 2- أن الضرر المعنوي يختلف باختلاف الأشخاص ومكانتهم، مما يجعل تقويمه بالمال صعباً . 3- في العقوبات والتعويض يشترط المماثلة والتجانس، ولا يوجد مماثلة بين المساس بالشرف والعرض والكرامة وبين التعويض بالمال، فهما ليس من جنس واحد. 4-أن وضع شرف الإنسان واعتباره وعواطفه موضع الاموال العادية يتنافس مع المثل الأخلاقية العليا. والخلاصة أن الرأي الغالب في الفقه الإسلامي يقر التعويض عن الأضرار المادية المتحققة فقط، أما الضرر المعنوي فلا يتم التعويض المادي عنه. وهو ما يجري عليه العمل في المحاكم السعودية. لاستفساراتكم القانونية يرجى إرسالها على البريد الإلكتروني [email protected]