إن من الأمور المتفق عليها لدى العامة والخاصة ولدى الاقتصاديين وأرباب العمل أن الموارد البشرية تعتبر موارد اقتصادية يمكن من خلالها تفعيل استغلال الموارد المادية والطبيعية . فالمال والثروات بدون أيد تديرها بكفاءة تصبح في واقع الأمر عبئاً وحملاً ثقيلا على الدول . وبالتالي فإن أي خطط أو برامج تنموية ذات طابع شامل لابد أن تركز على الاستثمار في الموارد البشرية . كما أن تنمية الموارد البشرية يجب أن تركز على بناء وتأهيل جيل ثان من القيادات يستطيع أن يدير عجلة التنمية لما فيه المصلحة العامة . وفي هذا المجال فإن المصارحة أو المكاشفة تستدعي طرح سؤال هام على ذوي العلاقة سواء في القطاع الخاص أو القطاع العام عن مساهماتهم في إعطاء فرصة للجيل الثاني - وأقصد هنا الشباب - في تحمل المسؤولية وإدارة العجلة . إن بلداً مثل المملكة يمثل فيه جيل الشباب نسبة كبيرة من السكان ليوجب علينا العمل على تهيئة جيل من الشباب لإدارة القطاعين العام والخاص , مع الأخذ في الاعتبار أن يكون هذا الجيل القادم يمثل جميع فئات المجتمع وأطيافه . إن الممارسات الحالية سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص لتوحي وللأسف بأننا سوف نعاني في المستقبل من نقص في القيادات المؤهلة ، مما سيضطرنا إلى الاعتماد لاحقاً على الخبرات الأجنبية ولفترات طويلة . ومع اختلاف الممارسات في القطاعين إلا أنها تؤدي في النهاية إلى نتيجة واحدة هي النقص في القيادات العليا المؤهلة ، وهنا أقول القيادات العليا وليس عامة الموظفين . ومن تلك الممارسات في القطاع العام الإبقاء على القيادات التقليدية لفترات طويلة دون تغيير أو حتى نقلهم إلى جهات أخرى دون إعطاء الجيل الجديد حقه في الإدارة . وهذا ولا شك يقتل الطموح والمنافسة الشريفة لدى الشباب . أما القطاع الخاص فلا يزال يعاني من عقدة عدم الثقة في القدرات الوطنية أصلاً . فالواضح أن هناك حاجزا ضخما من الشك في قدرة الشباب القيادية ، أو قل ان هناك سوء فهم بين الطرفين في كيفية تأهيل القيادات وتطويرها. كما أن هناك تناقضا كبيرا في تصرفات الإدارة التقليدية فبينما يعطون الغير فرصة في التعلم والخبرة ، تجدهم يترددون في إعطاء تلك الفرصة لأبناء هذا البلد . إن المنطق ليؤكد أنه من الصعب أن تخلق بين عشية وضحاها قيادات شابة من الجيل الجديد تحل محل القيادات الأولى ما لم يتم العمل تدريجياً على إعطاء الجيل الجديد فرصة تحمل الأعباء والمسؤوليات . وفي نفس الوقت فإنه ينبغي الاستفادة القصوى من الجيل القديم فيما يتعلق بالرؤى التخطيطية والاستراتيجية مع ترك العمل التنفيذي المتغير لجيل الشباب . ٭ قسم المحاسبة جامعة الملك سعود