تتلازم فكرة الرعاية الصحية في ذهني مع توفر الدواء الفعال الذي يكتب في وصفة طبية نتيجة للتشخيص السليم، وبيني وبينكم أعتبر أن نظرتي هنا قاصرة ومحدودة. فالدواء الذي أخذه بوصفه من الصيدلية هو نتاج أبحاث وتجارب طويلة تعتمد في الأساس على فهم المرض وميكانيكيته وطريقة الإصابه به وتطوره وأسبابه، وهذه الأبحاث متفرعة ومتنوعة لكنها مثلا حين تتعلق بتطوير العقاقير تبدأ بأبحاث معملية بحتة وتمر بتجاب خلوية ثم تجارب على الحيوانات ثم تجارب سريرية وتجارب تحدد مدى امان الدواء وتجارب تحدد نوعية الجرعة قبل أن يصبح اسما تجارياً في ورقة كتبها الطبيب بخط لا يقرأه أحد أو معلومة في النظام الإلكتروني للمستشفى تصل للصيدلي الذي يعطيني إياها. ومازلت هنا أتحدث عن محور واحد للرعاية الصحية والذي يتعلق بالعلاج للحالة المرضية. لكني هنا قد أغفل عن جوانب أخرى مهمة، لذلك سأطرح السؤال عليكم:" ما هو مفهومكم للرعاية الصحية؟" وبينما أنتظر إجاباتكم، سأتشارك معكم في تصوري لهذا المفهوم؟ الرعاية الصحية تشمل الجانب التشخيصي والعلاجي والوقائي والثقيفي وأيضا الجانب المعرفي والإداري والاستراتيجي، كل منها مترابط بصورة أو بأخرى بالآخر. لا يمكنك مثلا أن تركز في الكادر الطبي على تطوير مهارات الأطباء المتخصصين وتنسى تطوير الجهاز التمريضي لأنك هنا تخل بتوازان الرعاية الصحية، ولا يمكنك مثلا أن تنشئ مستشفى تعليمياً بدون أن يكون فيه كادر بحثي منتج يساعد على تأصيل مفهوم البحث العلمي ويطوره. ولا يمكنك مثلا أن تنشئ مختبرا تشخيصيا بدون من أن تستفيد من نتائج الأبحاث المعملية المحلية التي توفر لك معلومات حيوية ووراثية عن الشريحة المجتمعية التي تتعامل معها بحث توفر لك مرجعا معلوماتيا يساعدك على التشخيص السليم. ولا يمكنك أن تتوقع من طبيب مثقل بساعات عمل طويلة أن يعطي وقتا كافيا للمريض بحيث يستمع له ويفهم حالته ويوفر له التثقيف الصحي ويوصل له المعلومة. الرعاية الصحية منظومة متكاملة يجب أن ينظر لجميع جوانبها بحيادية لتحقق معادلتها بتوازن.