تضمنت إجابات الملك عبدالله بن عبدالعزيز لأسئلة المحاورة الإعلامية الأمريكية ذائعة الصيت/باربرا وولترز من محطة ABC الأمريكية محتويات كثيرة جداً لكنها ذات أبعاد ومضامين عميقة لا يدرك مقاصدها ومغزاها إلا من يجيد سبر غور اللغة والسياسة والاقتصاد وغيرها في منظومة القيادة العليا، ففي حين عمدت المحاورة باربرا جاهدة لتتمحور اسئلتها وتركز على القضايا ذات الأكثر اهتماماً على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وفي الشارع الأمريكي على وجه الخصوص، وهي تلكم المتعلقة بالإرهاب، ودور السعودية في التصدي له، وارتفاع اسعار النفط العالمية وما يصحبها من تضخم في الاقتصاد العالمي وقلق حول مستويات الإمداد المستقبلية على المدى الطويل، وقضية فلسطين والوضع بالعراق والتقنية النووية الإيرانية، وحقوق المرأة، والبطالة وغيرها من المحاور التي تشغل حيزاً كبيراً في مجالات التفكير، فقد انبرى لها فارس الكلمة المحنك عبدالله بن عبدالعزيز بحديث شمولي اتسم بالصراحة والشفافية والحكمة والحصافة والشجاعة، والإبداع في عرض الصورة الحقيقية كما هي لا كما تصورها بعض وسائل الإعلام الحاقدة، وبرع كعادته في إزالة اللبس ودحض التهم العالقة في أذهان المجتمعات الغربية بسبب الحملات الإعلامية المفروضة على المملكة، فكان حديث الملك بلسماً يضع النقاط على الحروف، ويلامس جميع الهموم في مستوياتها المتعددة؛ المحلي منها: المتعلق بعلاقة الحاكم بالمحكوم والتأكيد على الاهتمام بالشعب وأن مسكنه العين من الجسد فهو لا يغيب عن الناظر البتة، وبذلك فمن المتعذر إقرار شيءلا يقره ولا يقبله أو يرضاه، والجانب الإنساني المتضمن إنكار تقبيل اليدين لغير الوالدين براً بهما، وكذلك ما يتعلق بحقوق المرأة في الإسلام وانفتاح المجتمع السعودي على العالم وتدني نسبة البطالة ومعدلاتها في المجتمع السعودي. اما الهموم الإقليمية فتتعلق بموقف المملكة من الصراع العربي الإسرائيلي وتحقيق السلام في العراق وخلو المنطقة من أسلحة الدمار الشامل ووقف محاولات إيران لصنع الأسلحة النووية. أما الهم الدولي المشترك فيتعلق بالإرهاب الدولي، والعلاقات التاريخية المتميزة بين السعودية وأمريكا، وإمدادات النفط العالمية وارتفاع أسعاره وما قد يترتب على ذلك من تضخم وبطء نمو في الاقتصاد العالمي. إن ما تضمنه هذا الحديث الشامل من أبعاد كبيرة لا يقتصر على إدانة المملكة واستنكارها وشجبها لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، وتأكيد تواجد التطرف في كل دول العالم، وتجديد إعلان الموقف السعودي الحازم في التصدي للإرهاب والتطرف، والالتزام بالقضاء على الفئة الضالة حيث وقعت الاتفاقات الأمنية لمطاردة فلولهم في كل مكان، وإنما يتعداها ليشمل التأكيد على اهتمام القيادة بشعبها، والتشديد على حقوق المرأة التي تمثل الأم والأخت والبنت والزوجة في المجتمع، وبالتالي حفظ حقوقها كاملة تماماً مثل شقيقها الرجل، والجميع يحظون بتقدير القيادة لهم وحفظ حقوقهم ولن يصدر قرار لا يرضاه المجتمع. ومثلما تهتم المملكة بالأوضاع الإقليمية في فلسطين والعراق وإيران فإن استقرار الأوضاع الاقتصادية والسياسية في العالم تمثل محور اهتمام المملكة ولذا فهي معنية باستقرار الأوضاع السياسية ويهمها كثيراً استقرار الاقتصاد العالمي وتوفير إمدادات الطاقة وكبح جمح ارتفاع اسعار الوقود، ومع انها تستفيد من ارتفاع اسعار البترول في رفع معدلات دخلها الوطني لكنها جزء لا يتجزأ من المنظومة العالمية وتهتم كثيراً بالشأن الدولي، ولذا سارعت إلى رفع معدلات إنتاجها المحلي من البترول لزيادة الإمدادات وتلبية الاحتياجات وخفض معدلات الأسعار المرتفعة ومحاربة التضخم، وهكذا هي السياسة السعودية - منذ أرسى دعائمها الملك عبدالعزيز رحمه الله وسار على نهجه من بعده أنجاله - ثابتة وراسخة، تتعامل مع الأحداث والمستجدات بحكمة بالغة ونظرة مستقبلية صائبة ورأي سديد، وقد أثبتت الأيام والسنون أن الوزن الاقتصادي والثقل السياسي والدبلوماسية الحكيمة للمملكة العربية السعودية اكسبها احترام العالم أجمع، ومكنها من احتلال مواقع ريادية ومراكز متقدمة في المحافل الإقليمية والمنتديات الدولية. ٭ وكيل وزارة التربية والتعليم المساعد للتخطيط والتطوير الإداري