كثير من التساؤلات تطرح نفسها بإلحاح في هذه الفترة العصيبة والخطرة التي تمر بها اليمن.. تتطلب الإجابة عنها ومنها: - هل أصبحت اليمن فقيرة إلى حد العدم من الحكماء والعقلاء وذوي الرأي السديد الذين يمكن لهم المساهمة في إخراج اليمن من أزماته المتفاقمة..؟ - وإذا سلمنا بأنه لازال هناك عقلاء وحكماء يستشعرون خطورة الأوضاع المعقدة للغاية التي تعيشها البلاد.. فلماذا تأخر دورهم في إنقاذ الوطن.. وظلوا متفرجين على ما يجري من أحداث خطيرة ومتسارعة لاشك أنها ستزيد من آلام اليمنيين ومعاناتهم، وتهدد بتمزيق وتشظي الوطن..؟ - وهل اليمنيون عاجزون عن حل مشاكلهم حتى يتدخل الخارج لحلها وهم يعرفون أن هناك تجارب عدة تؤكد بأن مشاكل اليمنيين لا يمكن أن تحل إلا من قبل اليمنيين أنفسهم..؟ - ثم.. لماذا تصر الأحزاب والتنظيمات والمكونات السياسية على جعل مصالحها الذاتية مقدمة على مصلحة الوطن؟ أمام كل تلك التساؤلات فلا زال هناك بصيص أمل بأن يجد أي اتفاق تتوصل إليه القوى السياسية لحل الأزمة الراهنة طريقه للتنفيذ بعيداً عن المماطلة والمراوغة التي أوصلت البلاد إلى ماهي عليه اليوم، صحيح أن اليمنيين لا تنقصهم الاتفاقات التي تفرضها موازين الصراع وحقائقه الميدانية التي تشترطها الأجندات والمشاريع السياسية والمصالح الفئوية والحزبية لأطراف الصراع على حساب المصالح الوطنية العليا، ولكنهم يحتاجون إلى صدق النوايا، والتعامل برؤية وطنية متحررة من الحسابات المصلحية القاصرة، تسهم في إنقاذ الوطن الذي تحتم عليهم مسؤولياتهم الدينية والوطنية صيانته والمحافظة عليه وحمايته من التصدع، والعمل على تجنيبه المخاطر والمحن، وعدم الانزلاق نحو التناحر والحروب والفتن والتشظي والتمزق.. وهو مايفرض على أطراف الصراع إعادة قراءة الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والأمني على نحو متجرد من أنانية الذات وأهواء المصالح ليدركوا بأن مايجب عليهم القيام به لا يتجاوز وقفة ضمير نابعة من حرص حقيقي على اليمن، وأخذ العبرة من المآلات الكارثية التي وصلت إليها أقطار شقيقة كالعراق وسوريا وليبيا وقبلها الصومال، والتي قد يكون لها أسبابها ومبرراتها، لكننا في اليمن كنا ولازلنا نختلف عن تلك الأقطار كون بلدنا ديمقراطيا تعدديا يمتلك إرثاً تاريخياً يؤكد قدرة اليمنيين على حل مشاكلهم بأنفسهم بالحوار الديمقراطي السلمي، وعلى قاعدة الحفاظ على الوطن وكيان الدولة والتمسك بالثوابت الوطنية، لاسيما وأن باب الحوار لازال مفتوحاً ومتاحاً وسيبقى كذلك إذا أراد اليمنيون ذلك، والدخول إليه يتطلب فقط تحكيم العقل والضمير، والإجابة عن سؤال واحد ووحيد: إلى أين يُراد السير بالوطن في ظل هذه التجاذبات التدميرية.. وعدم الإدراك بأن الكارثة لن ينجو منها أحد ولن تستثني أحداً؟ وإن من يعتقد غير ذلك فهو واهم ولا يرى الأمور كما يفترض أن تُرى.. وهو ما يحتم على عقلاء وحكماء اليمن أن يكون لهم دور لإنقاذ وطنهم، وأن تكون أصواتهم عالية فوق كل صوت يحاول الزج بالوطن إلى الهاوية، وعلى أولئك الذين يريدون تصفية حساباتهم مع الوطن وثورته ووحدته أن يتوقفواعن غيّهم، وأن يُقال لهم بصوت واحد:(كفى) فاليمن لم تعد تحتمل أكثر مما تحملته، وأنه لا يجب السماح بهدّ سقفها على رؤوس أبنائها.. وهو ما ينبغي أن يعمل الجميع على إعلاء قيم الحوار ووضع كل القضايا على الطاولة للنقاش والتفاهم وتقديم التنازلات في سبيل الوصول إلى حلول بتوافق الجميع تصب في الحفاظ على الوطن، وهو مايفرض أن تسود روح المسؤولية الوطنية، وأن تحل بدلاً عن الحسابات الخاصة الأنانية والآنية أو الأجندات والمشاريع الصغيرة التي يجب أن يتم تجاوزها إلى مشاريع بحجم الوطن ومستقبل أجياله،, فالجميع مدعوون في هذه اللحظات إلى وقفة يكبرون بها أمام شعبهم.. وتجعلهم كباراً في نظر الآخرين.