سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    مترو الرياض    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متعب بن عبدالله: عبدالله بن عبدالعزيز شخصية مرحة ومتواضعة وصادقة
«الرياض» تعيد نشر ندوة الثلاثاء للحديث عن فقيد الأمة
نشر في الرياض يوم 29 - 01 - 2015

تزخم ذاكرة الصحف بالعديد من اللقاءات أو الحوارات التي ركزت على مختلف المبادرات أو مشروعات العملاقة التي شهدها عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله -، هذه اللقاءات لم تغفل الجانب الإنساني أو النهضوي التي شهدتها تلك الفترة، ففقيد الأمة قائد استثنائي استطاع أن يفرض نفسه على الصعيد الدولي وفي الوقت نفسه تربع عبدالله بن عبدالعزيز في قلوب شعبه حبا وكرامة، فلم تمنعه هموم الدولة يوما من أن يكون عبدالله الأب والأخ والصديق لكل فرد، إلا أن ذاكرة المواطن ما زالت تتذكر حديث ابنه صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وزير الحرس الوطني في «ندوة الثلاثاء» بجريدة «الرياض» بمناسبة احتفاء المواطنين بذكرى مبايعته ملكاً على البلاد والذي تم نشره يوم الثلاثاء 24 - جمادى الآخرة - 1433ه.
حديث الأمير متعب كان مختلفا عن رجل مختلف وقائد استثنائي، و»الرياض» إذ تعيد نشره لتسلط الضوء على جانب مختلف من حياة قائد الأمة -رحمه الله - فالحديث تطرق لعبدالله الوالد والملك والإنسان.
دعوات الحوار بين الأديان جاءت منسجمة مع قناعته بسماحة الإسلام وشموليته
زعماء العالم يرونه «ضمانا» لما يتفق عليه
مواقف عملية
أكد صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله أن مواقف الملك عبدالله العملية جاءت مطابقة لأقواله، فقد كان -رحمه الله- مشغولاً وهو في رحلته العلاجية بشعبه ووطنه؛ فلم يتغيبوا يوماً عن قلبه وفكره، حيث كان أول حديث له عقب إفاقته من تأثير العملية الجراحية، هو سؤاله عن أحوال الوطن والمواطنين، ثم ما لبث أن باشر مهامه القيادية وهو على سرير المرض في المستشفى، ثم أثناء إقامته في مقر نقاهته، فكان يوجّه بتلبية حاجات المواطنين وتدبير شؤونهم، ويتألم لما قد يصيب أحدهم، وتبدو عليه علامات السرور والسعادة عندما يعلم أن المملكة وشعبها في خير وأمان واستقرار.
التعليم وتنمية الإنسان
في البداية تساءل أحد الزملاء عن رؤية خادم الحرمين الشريفين للتعليم العالي، وانتشار الجامعات في مناطق المملكة، والانجازات التي تحققت على مدى عدة سنوات، التي توجت بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، إلى جانب برنامج الابتعاث، وتأهيل العنصر البشري، ودعم مشروعات التنمية الاقتصادية.
وأوضح الأمير متعب بن عبدالله أن التعليم بشقيه العام والعالي من أهم المحاور التي اهتم بهما خادم الحرمين الشريفين، حيث أطلق (مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم)، ورصد له مبلغ تسعة مليارات ريال خدمة للتعليم وسعياً لإيجاد بيئة تعليمية إيجابية، وكذلك اهتم بالتعليم العالي، فزاد عدد الجامعات من ثماني جامعات إلى (34) جامعة حكومية وأهلية، كما تم إنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) التي تعد إضافة مهمة في هذا الجانب، كما أمر بإنشاء جامعة الأميرة نورة للبنات التي تعد أكبر جامعة في العالم، وغير بعيد عنا تدشينه مؤخراً المرحلة الأولى لعدد (16) مدينة جامعية متكاملة بتكلفة تزيد على 81 مليار ريال، كما أطلق برنامجه للابتعاث الخارجي عام 1427ه، وهو مشروع استراتيجي له أهدافه الثقافية والتنموية، وقد قفز عدد المبتعثين من (5,000) إلى (130) ألف طالب وطالبة تم ابتعاثهم إلى (46) دولة على مستوى العالم، مشيراً إلى أن خادم الحرمين الشريفين همه الأساس أن يجد المواطن رجلاً أو امرأة وصل إلى مستوى عالٍ من التعليم.
التدرج في الإصلاح الذي اتبعه جعله ناجحاً على كافة الأصعدة
إدارة شؤون المواطنين بالديوان الملكي دليل حي على اهتمام الملك بشعبه
وقال: أما ما يتعلق بالتنمية وأهدافها في المملكة؛ فإن الإنسان هو محور التنمية وهدفها وصناعتها في آن واحد؛ لأنه لا يمكن استغلال الثروات الاقتصادية على أكمل وجه دون تنمية الإنسان وإعداده وتأهيله، وقد حرص على تكريس هذا المبدأ في عدة محاور من أهمها: إنشاء المدن الاقتصادية ودعم المدن الصناعية، وتنويع مصادر الدخل.
زعيم عالمي
وقال الزميل «يوسف الكويليت» - في مداخلته - إن الملك عبدالله ظاهرة لن تتكرر، ليس لأنه فقط حوّل المملكة من نطاق نصف الأمية إلى الجامعات الأولى، وبدأ بالحرس الوطني كمؤسسة ثقافية أكثر منها مؤسسة عسكرية - ونحن شهدنا حضور المثقفين إلى الجنادرية وهم معارضون ضد المملكة، حيث كان يريد أن يجمع الآراء كلها - ووصل إلى امتداد جديد هو حوار الحضارات والأديان، وإنما أقول (لن يتكرر)؛ لأنه ليس قائداً محلياً، وإنما زعيم عالمي بكل ما تعنيه الكلمة، فالملك عبدالله وضع للمملكة أسس احترام أمام العالم غير مسبوقة إطلاقاً، وكل الناس يخاطبونه على أنه رجل الإنسانية، والثقافة، والتحديث، ورجل الجامعة، والرجل الذي يريد أن يدخل المرأة سباق التنمية في المملكة.
يؤكد دائماً أن التغيير والانفتاح بيد الشعب ويجب أن يكون نابعاً من الداخل
وعلّق سموه: «خادم الحرمين حريص دائماً على أن يكون اسم المملكة وشعبها في المقدمة، ويعلم أن هذا الهدف لا يتحقق إلاّ بعزيمة أبناء وبنات الوطن المخلصين، وقدرتهم على المنافسة، واستشعار المسؤولية»، موضحاً أن خادم الحرمين حريص على تحقيق السلام، واستعمال الكلمة الطيبة كسلاح في حل كثير من المواضيع العالقة، إلى جانب دعم مسيرة الحوار مع الآخر، والتواصل المشترك معه في القيم والمبادئ.
تطوير الحرس الوطني
وفي سؤال آخر لأحد الزملاء عن دور الملك عبدالله في تطوير الحرس الوطني إلى أن وصل إلى مؤسسة عسكرية وثقافية وتراثية وطبية، قال سموه:»لا يُذكر الحرس الوطني إلا ويذكر معه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - حيث يعود إليه الفضل بعد الله تعالى فيما وصل إليه الحرس الوطني من تقدم وتطوُّر ورقي، ليصبح - بحق - مؤسسة عسكرية حضارية شاملة».
وأضاف: إن الحرس الوطني اليوم مزود بأحدث الأسلحة والمعدات، ولديه منظومة دفاعية متكاملة تشتمل على معظم الأسلحة المعاصرة والحديثة، وفي الجانب الاجتماعي هناك المدن السكنية الحديثة لمنسوبي القطاع، وفي الجانب التعليمي، خطا الحرس الوطني خطوات ثابتة، بدأت بتعليم الكبار والقضاء على الأمية، وتطوير المدارس العسكرية التي كانت تتولى إعداد وتأهيل الضباط، ثم إنشاء كلية الملك خالد العسكرية، ثم إنشاء كلية القيادة والأركان، مع ابتعاث المئات من الضباط إلى الخارج للحصول على الدورات العسكرية المتخصصة أو استكمال دراساتهم العليا لدرجتي الماجستير والدكتوراه؛ الأمر الذي رفع مستوى قدرات وكفاءات المنسوبين وانعكس بالإيجاب على أدائهم لمهامهم، إلى جانب افتتاح جامعة الملك سعود للعلوم الصحية بالحرس الوطني؛ لتتولى تخريج الكفاءات الطبية التي تحتاج إليها مستشفيات الحرس الوطني في مجالات التمريض والمجالات الطبية والفنية الأخرى، وكذلك دعم الشؤون الصحية بالحرس الوطني عبر التطوير المستمر لمدينة الملك عبدالعزيز الطبية بأفرعها الثلاثة في الرياض، والمنطقة الشرقية، والمنطقة الغربية؛ لتصبح بما تضمه من أقسام ومراكز متخصصة أحد مكتسبات الوطن الشامخة، وتمثل مرجعية طبية ليس على المستوى المحلي فحسب، بل على المستوى العالمي.
وأشار إلى أنه في الجانب الثقافي والفكري، تبنى خادم الحرمين الشريفين فكرة إقامة المهرجان الوطني للتراث والثقافة عام 1405ه، وتولى الحرس الوطني مهام الإعداد له والإشراف عليه منذ انطلاقته حتى الآن، وأصبح - تحت رعايته وتوجيهه - معلماً ثقافياً وحضارياً بارزاً، سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي أو العالمي، وفي السياق نفسه يأتي تأسيسه مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، التي تعد صرحاً من صروح الثقافة والفكر في بلادنا، وقد انطلقت من بيته - رحمه الله - قبل أن تتوسع إلى الوضع الحالي وتكون قريبة من المهتمين عبر فروعها المختلفة، إلى جانب حرصه على اقتناء المخطوطات القديمة، وقد بادر بشراء بعض المكتبات القديمة وأهداها لمكتبة الملك عبدالعزيز.
وسيلة الحوار
وتداخل الزميل «سعد الحميدين» متحدثاً عن الانفتاح الذي اتسم به عهد الملك عبدالله، وأفرز نتاج الوعي المسؤول أمام المتغيرات والمغريات، متسائلاً عن اهتمام خادم الحرمين بالحوار كوسيلة تقود إلى غاية التغيير للأفضل؟، وقال الأمير متعب بن عبدالله: «تتضح جهود خادم الحرمين الشريفين في نشر ثقافة الحوار على المستوى الداخلي في تأسيس (مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني)؛ ليكون منتدى لطرح القضايا الداخلية، ومناقشتها، وتبادل الأفكار حولها، وتأسيس (مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للدراسات الإسلامية المعاصرة وحوار الحضارات) في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وكذلك ما يطرحه مهرجان الجنادرية من آفاق رحبة للحوار بين المفكرين والأدباء، كما نتذكر جميعاً دعوة خادم الحرمين لحوار الأديان في الأمم المتحدة، وكذلك المؤتمر التاريخي لحوار الأديان في مدريد الذي جسّد رغبة الملك عبدالله لدعوة الجميع للتعارف والتعاون والتسامح».
وأضاف: «نجد منهج الحوار واضحاً في فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية)، حيث أصبح المهرجان ملتقى سنويا يجمع المثقفين السعوديين مع غيرهم من المثقفين العرب والمسلمين والغربيين من مختلف المدارس الفكرية، للتحاور في القضايا التي تشغل الرأي العام، والوصول إلى رؤى وقناعات تدعم التعارف والتفاهم والتواصل بين شعوب العالم»، موضحاً أن جهود خادم الحرمين في نشر ثقافة الحوار لم تقف عند هذا الحد، بل بادر - رحمه الله - إلى دعوة قادة دول العالم إلى الاعتماد على الحوار بين الأديان والثقافات والحضارات المختلفة؛ ليحل محل المواجهات والحروب التي سادت العالم وتسببت في تعاسة الشعوب وشقائها؛ وذلك في مؤتمر الحوار الذي دعت إليه المملكة وعقد في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 14/11/1429ه، وكذلك المؤتمر التاريخي لحوار الأديان في مدريد الذي حضره شخصياً.
الأمير متعب بن عبدالله متحدثاً بالندوة
وأشار إلى أن هذه الدعوة جاءت منسجمة مع قناعته - حفظه الله - بسماحة الإسلام وشموليته، وأنه دين للناس كافة، ومتمشية مع السياسة الخارجية للمملكة التي تنطلق من مبادئ وقيم الإسلام الخالدة، وتدعو جميع البشر إلى التعارف والتعاون والتسامح رغم ما بينهم من تنوع واختلاف.
العلاقة مع المواطن
وفي سؤال للزميل «د. أحمد الجميعة» عن علاقة الملك عبدالله بالمواطن، أوضح سموه أن سياسة الباب المفتوح أصبحت تقليداً ملازماً لعلاقة القائد بشعبه، حيث يقول عنها خادم الحرمين: "إن مجالسنا المفتوحة موضع متابعة كل العالم، وهذا العالم يرى من خلالها مدى تلاحم الشعب والقيادة؛ وهي التي قلنا ورددنا من سنين أنها قوام سلوكنا، ونحن مفطورون عليها".
وقال: «في مجالسه المفتوحة وحواراته التلقائية مع مواطنيه، لا يميِّز خادم الحرمين بين محدثيه ومحاوريه من أبناء شعبه، فالمسِّن، والصغير، والغني والفقير، لهم القدر نفسه من الاهتمام والتقدير، كل منهم يجلس إلى جواره ليحدثه مباشرة فيما يرغب، ويطلب منه ما يحتاج إليه، فيسعى - رحمه الله - إلى تلبية احتياجاته وحل مشاكله، ولذا نتذكر توجيهه قبل أسبوعين عندما خاطب المسؤولين والوزراء، فقال: (أطلب منكم ألا تحطوا بوابين على مكاتبكم ولا تسكرونها أمام الشعب)».
وأضاف: «لم يكتف خادم الحرمين باستقبال مواطنيه في مجالسه، بل خصص إدارة متكاملة باسم شؤون المواطنين بالديوان الملكي لتلقي طلباتهم وحل مشاكلهم، كما سعى بنفسه إلى لقائهم في الأسواق والأماكن العامة، بل وفي مساكنهم الخاصة، ليطلع على شؤونهم، ويتفقد أحوالهم، ويتحدث معهم بتلقائية وعفوية وبساطة، ويستمع في أبوة حانية وأخوة وفية إلى همومهم وشكواهم؛ وقد شاهد العالم أجمع - عبر وسائل الإعلام المرئية - زيارته لأحد الأحياء الفقيرة بمدينة الرياض، وتفقده لبيوت المواطنين البسطاء، وسؤاله - بصدق ومحبة - عن احتياجاتهم ومطالبهم لتلبيتها على الفور، ولم يتردد - رحمه الله - حينها أن يصرّح على مرأى من العالم أجمع أن المملكة فيها فقراء، وأن ذلك ليس عيباً نداريه، ولكنها مشكلة لابد من معالجتها، ونحن قادرون على حلها - بإذن الله».
وأشار إلى أن تلك الزيارة المفاجئة لم نكن حتى نحن أبناؤه نعلم عنها شيئاً، وكان دافعه إليها هو شعوره بالمسؤولية تجاه مواطنيه، والعمل على حل مشاكلهم، وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم، وعن ذلك يقول: «هؤلاء لهم حق علينا، فنسعى لهم في محاولة المؤتمَن المجتهد - إن شاء الله - أن نعي الأسباب ونوجد الحلول لأوضاعهم؛ لذلك فالهدف من مجيئي هنا يحمل واجباً تمليه علينا عقيدتنا الإسلامية التي تتجاوز أي اعتبارات سياسية أو إعلامية».
وقال: لقد حرص خادم الحرمين منذ توليه مقاليد الأمور على زيادة دخل المواطنين؛ ليتمكنوا من مواجهة أعباء الحياة وزيادة أسعار السلع التي عمَّت العالم أجمع، وذلك من خلال زيادة رواتب المواطنين (المدنيين والعسكريين)، وزيادة الحد الأعلى لمخصصات الضمان الاجتماعي للأسرة، وكذلك الموافقة على عدد من القواعد المنظمة لتقسيط مديونيات الدولة على العاجزين عن الوفاء بها، والإعفاء من الدين للمتوفين والمعسرين، كما أصدر - رحمه الله - عند عودته من رحلته العلاجية العديد من الأوامر الملكية في سبيل تحسين دخل المواطن وتيسير أموره المعيشية، كما حرص أيضاً على تلبية حاجات المواطنين الرئيسة، وإيجاد حلول عملية لما يواجههم من عقبات، وخصوصاً في مجالات الإسكان، والعمل، والصحة.
العلاقة مع المسؤول
وفي سؤال للزميل «د. أحمد الجميعة» عن علاقة الملك عبدالله بالمسؤولين، وتحديداً حين يكون الحديث من «ذمتي إلى ذمتكم»، أجاب سموه: «علاقة خادم الحرمين مع المسؤولين تتمثّل في المشاركة الجماعية لتحمّل المسؤولية، بحيث يشعر كل مسؤول بالمسؤولية المباشرة عما يؤديه من عمل، ويظل على القيادة دور المتابعة والتوجيه والدعم والمحاسبة»، مشيراً إلى أن الملك عبدالله لديه قدرة في التأثير في من حوله، وكثيراً ما يوظّف هذه السمة القيادية في توجيه المسؤولين بالدولة؛ ليحفزهم على بذل المزيد من الجهد، والإتقان في أداء الأمانة، والإخلاص في العمل، لصالح الوطن والمواطن، مؤكداً أن ما يقدم للمواطنين من خدمات عبر أجهزة الدولة ومؤسساتها، هو حق لهم، وليس لأحد فضل فيها إلاّ الله تعالى.
وأضاف: «مع التوجيه الذي يقدمه للمسؤولين في الدولة، فإنه يحرص في الوقت ذاته على تطبيق مبدأ المحاسبة، ومنح الصلاحيات للمسؤولين في الدولة، تسهيلاً للإجراءات، وعدم تعطيل مصالح المواطنين، وهذا يخلق في المسؤول العزيمة والثقة، ومؤخراً خاطب الوزراء قائلاً: (أوصيكم بالجد والاجتهاد والمسؤولية، لأن هذه أمانة.. أمانة.. أمانة من عنقي إلى أعناقكم)، وأتذكر عندما شرفني برئاسة الحرس الوطني قال لي: (يا متعب.. الحرس الوطني أغلى عليَّ من عيالي، واليوم من ذمتي إلى ذمتك)، وهي كلمات غالية على نفسي، وسأظل أذكرها ما حييت، وأستمد منها العزم والهمة والإصرار على البذل والعطاء والحرص على الارتقاء بالحرس الوطني، أداءً للأمانة، ووفاءً لثقة سيدي التي أعتز وأتشرف بها.
حرب إعلام!
وفي سؤال آخر للزميل «د. أحمد الجميعة» عن رؤية الملك عبدالله للإعلام، وما ينشر على النت، قال سموه: «خادم الحرمين ينظر دائماً للإعلام على أنه في المقام الأول أمانة ونزاهة ورسالة أخلاقية، ويجب أن ينقل الحقيقة من دون زيادة أو نقصان، وغير بعيد عنا حديثه عندما استقبل الوفد المصري الأسبوع الماضي حين طالب الإعلام السعودي والإعلام المصري على حد سواء بأن يقول خيراً أو يصمت».
وأضاف:»الحرب اليوم ليست حرب سلاح، وإنما هي حرب إعلام، ونحن نفتقد إلى صدق الإعلام الخارجي، وتحديداً القنوات الفضائية، حيث تقول وتنسب أشياء لبعض من دون تحقق»، مشيراً إلى أن البحث عن الحقيقة أصبح اليوم صعباً عكس الكذب، متمنياً أن تنهض الصحافة بدورها في تصحيح الأفكار والمعلومات والتصدي للإعلام الزائف، إلى جانب تحري الدقة فيما تنشره.
عهد إنجازات المرأة
أشارت الزميلة «نوال الراشد» - في مداخلتها - إلى أن عهد الملك عبدالله هو عهد انجازات المرأة السعودية، إن كان على المستوى الشخصي من استقباله لها، وإن كان على المستوى الوظيفي وتوليها مناصب قيادية، وآخرها السماح لها بعضوية مجلس الشورى والترشح وحق الانتخاب في المجلس البلدي، متسائلة: هل سنشهد في المستقبل حقيبة وزارية للمرأة في مجلس الوزراء أو سفيرة لبلادها في إحدی الدول؟.
وأجاب سموه: «أعتقد أن المرأة وصلت إلى مراتب ومناصب كبيرة، وستدخل إلى مجلس الشورى في دورته المقبلة؛ لتتحدث باسم المرأة، وهمومها ومعاناتها»، مشيراً إلى أنه لا يستغرب أن تكون وزيرة يوماً ما، أو تكون سفيرة تمثّل وطنها في الخارج، ولدينا تجربة ناجحة مع سفيرة سابقة في الأمم المتحدة، فما المانع إذاً؟، مؤكداً أن حضور المرأة السعودية مشرف، فلا مانع من تقلدها مثل هذه المناصب، فالمرأة لها مكانتها المرموقة منذ فجر الإسلام، فالسيدة خديجة - رضي الله عنها - كانت تمارس التجارة بشكل واسع ولها علاقاتها الكبيرة في هذا المجال، وقد ساندت الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة، وكان لها ولغيرها من النساء دور كبير يذكره التاريخ.
ثقة الملك
وتساءلت الزميلة «أسمهان الغامدي» عن ثقة الملك في المرأة؟، وهل ستمكنها من الدخول في مجالات عمل أخرى؟. وقال سموه: «المرأة على مستوى ثقة الملك، ولكن على المرأة أن تثبت جدارتها في عدة مواقع، وتتحمل مسؤولياتها، وتواصل حضورها الفاعل والمتميز مجتمعياً وتنموياً وفكرياً، وحضورها لتمثيل المملكة أمام العالم»، متمنياً أن لا تبحث المرأة على التخصص السهل، فقد اكتفينا من تخصصات نظرية لا تتوفر وظائفها بسهولة؛ لذا أرجو أن يكون اتجاه المرأة المستقبلي اتجاهاً علمياً، وتطرق مجالات واسعة ترفع شأنها، وتظهرها بالصورة التي نتمناها للمرأة السعودية في الداخل والخارج.
مكافحة الفساد
وتساءل الزميل «سالم الغامدي» عن دعم الملك عبدالله لهيئة مكافحة الفساد، وتحقيق النزاهة؟. وقال سموه: «اعتماداً لهذا المبدأ، فقد أصدر - حفظه الله - أمراً ملكياً يقضي بإنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد والقضاء عليه بكل صوره وأشكاله، وترتبط تلك الهيئة بمقام خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - مباشرة، وتُسند إليها مهام متابعة تنفيذ الأوامر والأنظمة ومتابعة وكشف جميع أوجه الفساد المالي والإداري».
وأضاف: "عندما نطلق كلمة (فساد في الدولة)؛ معنى ذلك أن الفساد يعم الجميع، وهذا غير دقيق؛ لأن من سرق أو اختلس هو فرد بعينه؛ أي: أنه مواطن ويجب أن يتحمل مسؤولية ما أقدم عليه، وليست الدولة شماعة نلقي عليها كل شيء، فعندما يكون هناك تجاوزات من أفراد لا نعمم على الجميع أنهم فاسدون؛ ولذا من المهم كشف هذه القلّة، ومحاسبتهم، والتشهير بهم".
أربعة مفاهيم
وتناول الزميل «د. أحمد الجميعة» أربعة مفاهيم طُرحت في عهد الملك عبدالله خلال السنوات الماضية، وهي الإصلاح، ومحاربة التعصب، والانغلاق، ودعم العمل الشريف للمرأة، متسائلاً عن نتائج الجهود التي تحققت لترسيخ هذه المفاهيم مجتمعياً؟.
وأجاب سموه أن التعصب بكافة صوره (الديني، والمذهبي، والعرقي، والقبلي، والمناطقي) لا يليق بوطن دستوره كتاب الله وسنة نبيه، وشعب متمسك بقيادته، ومحب لوطنه، ولذا من المهم أن يبقى الوطن للجميع، ونترك كل ما يثير الخلاف والشقاق بيننا، فاليوم أبناء الوطن عائلة واحدة مهما كانت أسماؤهم ومواقعهم.
وقال: «إن سياسة الإصلاح بكافة مستوياته نجحت بفضل التدرج في التطبيق، والشواهد كثيرة، أما محاربة الإنغلاق فهو نابع من ذات الإنسان؛ فهناك أناس لم يؤثر فيهم التعليم حتى في أعلى درجاته العلمية من الخارج، وهذا الشيء لا يستطيع الملك عبدالله أن يغيّره نهائياً حتى يغيّروا هم ما في أنفسهم»، موضحاً أن ثقافة العمل الشريف للمرأة آتت ثمارها في مجال التوظيف، والعمل الحر، وكسر ثقافة العيب، وأصبحنا نشاهد المرأة تنجح في مواقع عمل شريفة، وتكسب مادياً من دون أن تعتمد على أحد، أو تنتظر منه المساعدة.
القوات العسكرية
وطرح الزميل «يوسف الكويليت» سؤالاً عن تقويم سموه لقواتنا العسكرية في ظل الوضع الملتهب في المنطقة؟. وأجاب الأمير متعب بن عبدالله:»لقد حظيت القوات المسلحة بمثل ما حظيت به قوات الأمن من عناية واهتمام خادم الحرمين وسمو ولي العهد الأمين - حفظهما الله - باعتبارها الحصن المنيع - بعد الله تعالى - لحماية المملكة من أي عدوان خارجي، ولذلك حرص - رحمه الله - على تطوير قواتنا المسلحة - إعداداً وتأهيلاً وتدريباً وتسليحاً - لتكون على درجة عالية من الاستعداد والجاهزية التي تمكنها من ردع من تسول له نفسه الاعتداء على حياض الوطن، ولكون هذه القوات جميعها لحماية الوطن الغالي فلم ولن يبخل عليها خادم الحرمين بالدعم والتطوير المستمر، وأتمنى في هذا المقام من وزارة المالية أن تتفهم أهمية القطاعات العسكرية وضرورة التعاون معها؛ لكونها تدافع عن الوطن من جهة، كما أنها - من جهة أخرى - تخلق آلاف الفرص للباحثين عن العمل.
مبادرات سياسية
وعن مبادرات الملك عبدالله السياسية؟ وأجاب سموه: «عُرف خادم الحرمين بين القادة العرب والعالم بأنه رجل مبادرات، وخصوصاً في الأزمات، وما زال القادة العرب يذكرون له - رحمه الله - مبادراته للم الشمل الفلسطيني، وكذلك مبادرته التاريخية لوحدة الصف العربي الذي انقسم على نفسه بعد العدوان الصهيوني على غزة، وكيف رأب هذا الصدع - بحكمته وسعة صدره - بدعوة الفرقاء من القادة العرب في القمة العربية التي عُقدت في الكويت، وكذلك مبادرة الملك عبدالله للسلام في الشرق الأوسط لتي أطلقها في القمة العربية ببيروت، ولاقت تأييداً وإجماعاً عربياً».
وأضاف: «حكمته، وبُعْد نظره، ورؤيته الشمولية، ومبادراته الشخصية لحل الأزمات الإقليمية والدولية، ووفائه بالتزاماته منحته ثقة قادة العالم شريكا فاعلا ومؤثرا في حلِّ الأزمات الدولية»، مشيراً إلى أنه خلال السنوات السبع المنصرمة، ضاعف رصيد المملكة من العلاقات والشراكات الاستراتيجية الدولية، وعزّز كثيراً من مكانتها ودورها الإقليمي والعالمي بفضل مبادراته الإيجابية لتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، كما كانت مبادرته إلى تطوير الحوار الحضاري بين الشعوب بمختلف دياناتها وثقافاتها، تحت مظلة الأمم المتحدة، حدثاً عالمياً تاريخياً مازالت أصداؤه تتفاعل في المراكز والمؤسسات السياسية والثقافية والفكرية على مستوى العالم، كذلك كان لالتزام المملكة - تحت قيادته - مسؤولياتها دولة عضوا في مجموعة العشرين، وأكبر منتج للطاقة في العالم، حضوراً فاعلاً وقوياً في مجلس إدارة المؤسسات الاقتصادية العالمية مثل (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي)، فضلاً عن اختيار (الرياض) عاصمة المملكة، لتكون مقراً للسكرتارية العامة لمنتدى الطاقة العالمي.
وقال: أما على الصعيد الإقليمي، فإن خادم الحرمين هو رائد جهود المصالحة وتنقية الأجواء العربية، والعمل على إيجاد أرضية مشتركة لعمل عربي مشترك يمكِّن الأمة العربية من الدفاع عن مصالحها، والحصول على حقوقها المشروعة، وعلى رأسها حقوق الشعب الفلسطيني، وفي كل القمم كانت أفكاره وطروحاته خريطة طريق للخروج من حالة الجمود والسلبية، والبحث عن قواسم مشتركة للتقدم، مستشهداً بسعيه في نزع الخلاف بين حركتي فتح وحماس في اتفاق مكة الشهير عام 2007، وكذلك مشاكل السودان وتشاد، وجهوده في جمع أطراف النزاع في اليمن والتوقيع في الرياض على المبادرة الخليجية، كما سبق وأن جمع زعماء السنة والشيعة في العراق بمكة المكرمة من أجل التقريب بينهم، وكذلك موقفه الواضح مما يحدث في سورية، ونتذكر جميعنا كخليجيين مبادرته الأخيرة بانتقال دول مجلس التعاون من التعاون إلى الاتحاد في كيان واحد.
وأضاف: «قلت في السابق أن من مميزات خادم الحرمين الصدق والوضوح، وهذا يخلق بعض المشاكل؛ لأنه - رحمه الله - لا يحب المراوغة والكذب، وكثير من القضايا يطلب أن يكون الملك عبدالله طرفاً فيها، حتى وإن حاول أن يكون بعيداً عنها؛ بسبب أن القادة والزعماء يرونه «ضماناً» لما يتفق عليه؛ لأنه يتعامل بصدق؛ لدرجة أن قادة هذه الدول يعبّرون عن ذلك صراحة: (مستعدون للدخول في القضية المثارة إذا كنت ستدخل معنا).
خدمة العلم
وطرح الزميل «راشد الراشد» سؤالاً عن إمكانية تطبيق الخدمة العسكرية الإجبارية «خدمة العلم»؛ لتأهيل شبابنا لمواجهة الأزمات، وتحصين الجبهة الداخلية؟. وأجاب سموه: «نحن ولله الحمد حالياً نشهد إقبالاً كبيراً من أبناء الوطن ليس على الكليات التي تخرج الضباط، بل حتى على المعاهد والمدارس التي تخرج الجنود وضباط الصف، وهذا مصدر سعادة لنا جميعاً، وأذكر عند أزمة الخليج كيف هبّ الشعب السعودي شباباً وشيوخاً للتطوع؛ إذن المواطن لا يحتاج الخدمة الإلزامية للعلم، وإن كنت أعتقد أننا يمكن نطبق شيئاً من هذا الدور في المدارس، من خلال حصة أو حصتين للطلاب في التعليم العام سواء كان متوسطا أو ثانويا».
الملك قال كلمته:«المواطن السعودي مثال للطيبة والوفاء.. ونحن بدونه لا شيء»
«والله أنتم أغلى عليه من أبنائه ومن نفسه».. وأحسدكم على حبه لكم قال الأمير متعب بن عبدالله «أتمنى صادقاً لو كان هناك شخص أحسده؛ فأحسدكم أنتم أيها المواطنون، وأنا ولده أتمنى أن يغليني مثلما أنتم غالين عنده، ووالله ثم والله ثم والله أنتم أغلى عليه من أبنائه ومن نفسه».
وأضاف:»كنت جالساً معه، نتحدث، ونشاهد التلفاز، وذات مرة رأيته سارحاً بعيداً عني، وبعد عشر دقائق تقريباً التفت إليّ وقال: «هل تعتقد أنك غالٍ عندي؟»، وأجاب: «هناك ثلاثة أغلى منك»، -فاعتقدت أن الثلاثة هم إخواني الصغار-، فقلت له: عسى أن أكون الرابع، قال: "لا تذهب بعيداً.. أول الثلاثة هو الله سبحانه وتعالى ونبينا عليه الصلاة والسلام وديننا الحنيف، ثم الوطن، والمواطن»، فقلت له:» أتمنى أن تعتبرني مواطناً لأن هذا سيجعلني في مرتبة أغلى فيها من ابنك»، مشيراًَ إلى أن أكثر ما يهمه -رحمه الله- أن يكون شعبه في خير وعز وكرامة.
وأشار إلى أن الملك عبدالله يقول للوزراء دوماً في مجلس الوزراء: (أنتم مواطنون قبل أن تكونوا وزراء فلا بد أن تلمسوا حاجات هذا المواطن، وأنتم من يجب أن ينزل للمواطن ولا تنتظروه حتى يأتي إليكم)، كما كان دائماً يقول في مناسباته واجتماعاته: «نحن خدّام لهذا الشعب الوفي، وأنا من الشعب والشعب مني».
وتساءل الزميل «د.أحمد الجميعة» في هذا الخصوص عن شعور الملك عبدالله واعتزازه بوفاء وتقدير وولاء المواطن في مناسبتين هامتين، الأولى حينما عاد من رحلته العلاجية، والثانية حين كان المغرضون ينادون بالتظاهر في يومهم المزعوم، وأجاب سموه:»سأنقل إليك ما قاله الملك عبدالله في حينها»..(ثقتي في شعبي ليس لها حدود، وما عندي شك في واحد منهم، والأحداث أثبتت أنهم يحبون وطنهم، ومتمسكون بقيادتهم.. المواطن السعودي مثال للطيبة والوفاء..ونحن بدونه لا شيء»، موضحاً سموه أن أهم ما يجب أن يعرفه الجميع عن خادم الحرمين الشريفين أن المواطن هو نقطة قوته وضعفه في ذات الوقت.
شخصية منفتحة
وقال سموه: "الملك عبدالله شخصية منفتحة على الآخر، ومتفتحة في استيعاب المتغيرات"، مشيراً إلى أن مفهومه للانفتاح أنه منضبط بضوابط الدين والأخلاق والتقاليد الأصيلة، وعن ذلك يقول -رحمه الله- «نحن ماضون في هذا الفكر الإصلاحي، ولكن ضمن خصوصيتنا وتقاليد شعبنا وضوابط عقيدتنا»؛ كما أنه مرهون في الوقت نفسه برغبة الشعب وحرصه على تحقيقه، وعن هذا الموضوع يقول موجهاً حديثه إلى أحد الوفود الأجنبية التي زارت المملكة: «الانفتاح والتغيير بيد شعبي، إذا رضوا بذلك، دون أن يمس بثوابتنا، فسيتحقق»، ويؤكد على ذلك بالقول:»التغيير والانفتاح يجب أن يكون نابعاً من الداخل وليس من الخارج»، وهكذا نجد أن الانفتاح لدى خادم الحرمين الشريفين هو انفتاح مسؤول ينسجم مع قيمنا وثوابتنا، ويحقق نفعنا ومصالحنا، وأن تكون الرغبة فيه صادرة عن قناعتنا وإرادتنا.
البرنامج اليومي
وتساءل الزميل «حمد العسكر» عن برنامج الملك عبدالله اليومي، وأجاب سموه: "يبدأ يومه بصلاة الفجر، ويبدأ يومه العملي بتناول وجبة الإفطار في أقل من نصف ساعة تقريباً، ثم يعرض عليه معالي رئيس الديوان الملكي الأخ خالد التويجري الأوراق والمعاملات إلى ما يقارب الساعة الثانية عشرة ظهراً، وبعد أن يصلي الظهر يعود مرة أخرى ليكمل عمله، وبرنامجه الرسمي، وفي الساعة الثانية ظهراً يتناول وجبة الغداء، ثم يحاول أخذ قسطاً من الراحة، وبعد ذلك يعود في المساء ليبدأ البرنامج نفسه، ويتخلل ذلك الاستقبالات الرسمية، والمكالمات الدولية أو الداخلية"، موضحاً أن برنامجه مليء بالعمل لخدمة المواطن، وهو جاهز دائماً على مدار الساعة.
يتأثر أكثر بألم المواطن..
قال الزميل «راشد الراشد» إن رؤية الملك عبدالله واضحة ومحسومة لمن أراد ومن لم يرد؛ فهو يتعامل بأخلاق فرسان الصحراء، ويواجه ولا يطعن من الخلف، ولا يتلّون، ولا يستخدم فن الكذب في السياسة، لكن المؤسف والمؤلم أن هناك قيادات عربية طعنت من الخلف، رغم أنه ساعدها في أكثر من موقف، وحاول أن ينتشلها من أكثر من خطأ، وقوبل بنوع من المراوغة والخداع والزيف والإساءة..، والسؤال: هل الملك عبدالله يتألم من مواقف هؤلاء أم يتعامل معهم من منطلق أنه فارس صحراء ويغفر ويسامح ويتعلّى فوق الإساءات؟.
وأجاب الأمير متعب: «أعتقد أنه ليس هناك من لا يتألم من خيانة صديق، وخصوصاً إذا كان يعتبره صديقاً، أو أن والده كان صديقاً، والملك عبدالله يتألم من هذه الخيانة لكنها لا تؤثر فيه، ولكن إذا تألم أي مواطن فهذا هو الذي يؤثر فيه، ويتألم منه في داخله»، مستشهداً بتنازل خادم الحرمين عن من كانوا ينوون قتله، وقُبض عليهم، وصاروا في يديه، ثم سلمهم للجهة التي أرسلتهم لاغتياله، وعفى، وتنازل؛ لأنه لم يرد أن يُوقظ فتنة أشد من القتل.
حققوا مع متعب بن عبدالله!
استشهد الأمير متعب بن عبدالله -حينما كان قائداً لكلية الملك خالد العسكرية- بقصة التحقيق معه بأمر من الملك عبدالله -ولي العهد آنذاك- على خلفية شكاوى مواطنين من عدم قبول أبنائهم، وقال: «كانت أعداد القبول محدودة في الكلية، والمتقدمون يأتون بالآلاف، والحاجة إلى بضع مئات، ومن الطبيعي جداً أن لا تستوعب الكلية الجميع، وهو ما اضطر البعض إلى عدم الرضا، والتظلم أمام «عبدالله بن عبدالعزيز»، وتحديداً حينما كان الاتهام أن هناك محسوبيات في القبول، فاستدعاني في مكتبه، وسألني عن هذا الموضوع، فأجبته: «هذا الكلام غير صحيح»، فأصرّ أن هذا الكلام صحيح، وهو يريد أن يعمل تحقيقاً مع المسؤولين عن القبول، فرددت عليه بأنني أنا المسؤول عنهم، فقال: إذاً جهّز نفسك للتحقيق، فقلت له: أنا جاهز، وبعد يومين سلمته كشفاً بأعداد المقبولين وفق الضوابط والشروط والآليات المعمول بها، فاقتنع بذلك.
رئيس التحرير: منجزات الملك عبدالله نقلت المواطن في سنوات معدودة إلى منصات التقدم..
نوه الزميل رئيس التحرير الأستاذ تركي بن عبدالله السديري بالمنجزات العملاقة التي تحققت للمملكة خلال السنوات السبع الماضية، واصفاً تلك المنجزات بالنوعية، والشاملة، والمؤثرة في مسيرة التنمية والإصلاح، مؤكداً على أنها نقلت المملكة إلى الدول المتقدمة، وأسست مشروعات تخدم الإنسان والمكان حاضراً ومستقبلاً.
وقال في مستهل ترحيبه بصاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني في «ندوة الثلاثاء» للحديث عن مناسبة الذكرى السابعة لمبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- ملكاً على البلاد «إن المناسبة تأكيد على نهج الدولة منذ تأسيسها على يد جلالة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وأبنائه الملوك من بعده في وحدة الصف، والتلاحم بين القيادة والشعب، والتعبير عن مشاعر الصدق والولاء والانتماء، وحفاوة التقدير لما تحقق من منجزات استمرت إلى عهد الملك عبدالله».
وأضاف: «نحن اليوم نحتفل بمرور سبع سنوات على حكم زعيم تاريخي بمواقفه وتوجهاته، وملك استثنائي بمشروعاته وطموحاته، ورجل مبادر بأفكاره، وشجاع في قراراته، وصادق في تعاملاته، وعادل في أحكامه، وحكيم في رؤيته، ونادر بمستوى إنجازه»، مشيراً إلى أن الملك عبدالله اختصر الزمن، وقاد وطنه في سنوات معدودة جداً إلى تحقيق أحلام تحتاج إلى عشرات السنين، ولكن الرجل الفريد استثمر جزالة الإمكانات ليسبق الجميع بموضوعية الحضور الواعي، والنوعي، ويدفع بشعبه إلى منصات التقدم، ووطنه إلى مواقع التأثير العالمي.
وأشار إلى أن شواهد الملك عبدالله أكبر من أن تحصى سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً وثقافياً وتنموياً، ولكن الفارق أن الرجل كان قريباً من أبناء شعبه، وصادقاً معهم، ويتلمس احتياجاتهم، ويلبي طموحاتهم، كما كان حاضراً في تغذية الانفتاح المسؤول، دون أن نبقى جامدين، أو منغلقين أمام نوافذ التغيير للأفضل.
وقال: «نحن نرحب في هذه الندوة بأبن «عبدالله بن عبدالعزيز»، وأحد جنوده المخلصين، والقريبين منه، ورجل الدولة الذي تصدى ولا يزال للمسؤولية وجزالة المهام؛ ليروي لنا شواهد ومشاهد التطوير والتحديث، ويحكي لنا «عبدالله بن عبدالعزيز» من الداخل..إنساناً وقائداً وملكاً حصد حب شعبه».
عدّد الزميل «سليمان العصيمي» شواهد الحس الإنساني الراقي عند خادم الحرمين الشريفين، وروحه الطيبة والمتواضعة أمام شعبه، متسائلاً عن «عبدالله بن عبدالعزيز» في بيته وبين أولاده، وما يحب وما يكره؟، وأجاب الأمير متعب قائلاً: «الملك عبدالله شخصية مرحة، ذات ابتسامة مشعة في مجلسه، واجتماعاته، وحواراته مع أهل بيته، فخفة الظل وسرعة البديهة من سماته - رحمه الله - حتى في أكثر الأوقات حرجاً وتوتراً، وأهم ما يحرص على زرعه في أبنائه منذ الصغر شيئين: مخافة الله سبحانه، والصدق ثانياً، ومن الأشياء التي يحبها «الخيل» وهو من حببنا فيها، كذلك يسعد ويفرح كثيراً بهطول الأمطار، حتى عندما يكون مسافراً خارج المملكة يسأل عن أخبار الأمطار»، مشيراً إلى أنه - من ناحية تعامله مع أولاده - (رجل ديمقراطي)، ولا يتدخل في اختياراتهم إلاّ في حدود النصح والتوجيه، ويبارك خطواتهم لما فيه خدمة لدينهم ووطنهم»، مشيراً إلى أنه يحذّر أبناءه من الغرور، ويردد دائماً على مسامعنا «ابن عبدالله لا يختلف عن أي مواطن آخر»، مستشهداً حينما كان بين أولاده وشكرته على أعماله ومشروعاته التي قدّمها لوطنه ومواطنيه، ويردّ عليّ «لا تشكرني، أشكر الله سبحانه وتعالى فأنا عبد مأمور، وأدعوا لي بأن يزيدني الله إيماناً وقوة لخدمة الوطن والمواطن».
لا تكذب!
أكد الأمير متعب بن عبدالله أن صفة الصدق من أبرز صفاته؛ لذا (لا تكذب على عبدالله بن عبدالعزيز)، فهو إنسان صادق مع ربه أولاً، ويخشى الله تعالى ويتقيه في كل ما يصدر عنه من قول أو فعل.. صادق مع نفسه، وهو ما يبدو واضحاً في توكله على الله تعالى، وتواضعه، وإخلاصه في عمله، وإحساسه الدائم بالمسؤولية تجاه دينه ووطنه ومواطنيه وأمتيه العربية والإسلامية..صادق مع الآخرين في كل ما يصدر عنه من أحاديث، أو وعود، فلا يعد إلاّ بما يستطيع تنفيذه، كما أنه صادق في مشاعره وأحاسيسه تجاه الآخرين»، مشيراً إلى أنه يسعد عندما يرى الصدق في الآخرين، فهو -أيده الله- يحب الرجل الصادق ويقدِّره، وخصوصاً فيما يتعلق بنقل المعلومات وعرض الحقائق، ويكره المتزلفين والمتملقين بالقول أو العمل؛ لعدم صدقهم فيما يصدر عنهم، موضحاً أن أحد أسباب تأثيره القوي والسريع في من يتعامل معه، سواء على المستوى الشخصي أو المستوى الرسمي؛ يعود إلى تمسّكه بفضيلة الصدق، ولا أبالغ لو قلت إنه -حفظه الله- صادق حتى مع عدوه، وهناك عبارة شهيرة يرددها دائماً إن (أقرب خط بين نقطتين هو الصدق)، ويتميز كذلك بالتأني في اتخاذ القرارات لكنه حاسم عند اتخاذها، وهو يغضب يعاتب ويعاقب أيضاً، لكن لا يمكن أن يستخدم كلمة نابية أو جارحة سواء كان لمسؤول أو صديق أو أي من أبنائه، كما أنه -رحمه الله- يقبل الواسطة والشفاعة بشرط ألا تسلب حق مواطن.
وأشار إلى أن الملك عبدالله يدرك أن السبيل إلى أداء الأمانة وتحمّل المسؤولية على الوجه الأكمل هو إقامة العدل بين الناس، فهو أساس الملك، حيث كان وما يزال حريصاً على تحقيق العدل بين مرؤوسيه ومواطنيه، معطياً كل ذي حق حقه، منزلاً كل ذي قدر مكانته ومنزلته، ونتذكر جميعاً خطابه الذي قال فيه: «.. إنني سأظل ابناً للكبير وأخاً وأباً للصغير منهم؛ وغايتي وهدفي الوحيد خدمة ديني وشعبي، وجمع شمل أمتي على الحق».
اهتمام كبير من الأمير متعب بطرح الزميلين راشد فهد الراشد و يوسف الكويليت
الزملاء من اليمين: سعد الحميدين، د.أحمد الجميعة، عادل الحميدان، جمال القحطاني و ياسر البريكان
جانب من الندوة
القسم النسائي في الجريدة مشاركاً في الندوة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.