هناك شكوك كبيرة حول إقدام وزير الداخلية السوري غازي كنعان على الانتحار الأسبوع الماضي كما تؤكد الحكومة السورية. وحتى وزير الخارجية السوري فاروق الشرع لم يحاول تصحيح زلة لسانه التي حدثت مرتين عندما قال بأن وفاة كنعان عملية اغتيال خلال تأبينه لزميله الراحل. ومهما يكن السبب وراء الوفاة إلا انها تأتي في وقت صعب بالنسبة لسوريا التي أخذت للتو في الإذعان للمطالب الدولية القديمة لفك ارتباطها بحكومة لبنان. ردة فعل دمشق تجاه وفاة كنعان وتحقيقات الأممالمتحدة الجارية الآن باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري سوف يظهر ما إذا كانت سوريا ملتزمة بالاصلاحات أو انها قانعة بأن تكون دولة مارقة. لقد لعب كنعان دوراً جوهرياً في هندسة السيطرة السورية على لبنان والتي بدأت في عام 1976 بزعم المساعدة في إنهاء الحرب الأهلية في البلاد. وقد كان انجازه الكبير تلاعبه بنتائج الانتخابات اللبنانية في عام 2000 لصالح الأطراف اللبنانية المؤيدة لسوريا. ولكن تلك السيطرة تلاشت بمقتل الحريري والذي فجر مقتله ثورة ضد سوريا في لبنان وفي الخارج مما دفع دمشق لسحب قواتها من لبنان في ابريل الماضي. وقد عثر على كنعان ميتاً قبل اسبوعين فقط من الموعد الذي حددته الأممالمتحدة لنشر نتائج تحقيقها عن مقتل الحريري مما دفع الكثيرين إلى القول بأن الحكومة السورية سعت لاستخدام كنعان ككبش فداء. وربما تكون سوريا قد سحبت قواتها من لبنان غير انها ماتزال ذات نفوذ كبير على السياسة اللبنانية. وحتى ان وافقت على السماح للأمم المتحدة باستجواب كبار المسؤولين السوريين إلا ان حكومة الرئيس بشار الأسد طالبت بأن يتم استجوابهم كشهود فقط وليس كمتهمين. وتدعي سوريا بأن كنعان قتل نفسه لأنه لم يتحمل الضغوط التي سببتها له تحقيقات الأممالمتحدة ونفت دعمها الإرهابيين في المنطقة. ومهما تكن نتائج تقرير الأممالمتحدة في 25 اكتوبر فإنه من الواضح بأن دمشق ماتزال تمارس نفوذها غير الملائم في لبنان وتغض الطرف عن الإرهابيين الذين يتخذون من سوريا مأوى لهم للقيام بعمليات إرهابية في اسرائيل والعراق. ومهما يكن السبب وراء وفاة كنعان إلا ان الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي لن يخفف العقوبات الدولية المفروضة على سوريا إلا إذا عرضت الأخيرة تغييرات كبيرة في سياستها ولن يجديها نفعاً ولكن يكن كافياً تقديم حفنة من البيروقراطيين أكباش فداء. (لوس انجلوس تايمز)