أقام مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث مساء أمس مناسبة تكريميّة وحلقة نقاشية للرئيس الفخري لمعهد الدراسات الدولية البرفيسور والمترجم "تشي لي وي"؛ نظرًا لحصوله على جائزة خادم الحرمين العالمية للترجمة، وانطلاقاً من جهوده المعرفية في نقل الكثير من الكتب الكلاسيكية والحديثة إلى اللغة الصينية في مشوار فردي يزيد على نصف قرن. المناسبة أدارها الدكتور "يحيى جنيد" الذي رحب في بدايتها بالضيف، مقدما نبذة تعريفية عن مسيرته المعرفية وأبرز إنجازاته. عقب ذلك تحدث "لي وي" عن شعوره إثر حصوله على الجائزة قائلاً: " لم أكن قد تصورت على الإطلاق وحتى الآن لا أستطيع أن أتصور بأني قد حصلت على هذه الجائزة الكبيرة والعالمية والتي لا تهمني فقط، بل تهم كل الصينيين "، مشيرًا إلى علاقته بالترجمة وكيف أنه ظل وما زال يمارسها لمدة تزيد على أربعين سنة، متناولاً فيها جميع أنواع الكتب العربية على المستوى الثقافي والسياسي والجغرافي، معتبرًا أن هذه الجائزة وسيلة ثقافية مهمة لإنشاء علاقات ذات طابع مختلف وواسع الأفق. وعن بداية علاقته بالعربية قال "لي وي" : "بدأت علاقتي باللغة العربية منذ زمن قديم وساهم أساتذتي في جامعة الأزهر عندما كنت أدرس هناك في مراحلي الأولية بتحبيبي أكثر بهذه اللغة، من خلال تعريفي بالكثير من المصادر الأدبية والتاريخية والجغرافية، وبعد أن تخرجت كان اهتمامي الأول والذي مازال هاجسًا بالنسبة لي أن تنتشر اللغة العربية قدر الإمكان لدى الصينيين لما تمتلكه من إعجاز"، مؤكدًا في سياق حديثه أن المملكة تبذل جهودًا جبارة في اهتمامها بكافة المضامين الثقافية، من خلال إنشاء وتفعيل المراكز المتعلقة بها حول العالم كجائزة الترجمة، بالإضافة إلى مهرجان الجنادرية ودوره في الحفاظ على الهوية المحلية والتعريف بها للآخرين من ذوي العرقيات والهويات الأخرى. وفيما يتعلق بمهنية الترجمة وطريقة اختيار الكتب التي تنقل إلى اللغة الصينية أشار المتحدث إلى أن الاختيار يقوم على عدة مقومات وعناصر مهمة يجب أن تتحقق فيه ولعل من أبرزها جودة الكتاب وانتشاره وإجماع المتخصصين العرب عليه، مستشهداً بمقدمة ابن خلدون التي استغرقت ترجمتها عشر سنوات؛ نظرًا لأهمية هذا المرجع العلمي المهم لدى الثقافة العربية بل والعالمية أيضًا، معتبرًا أن أغلب الأعمال المترجمة حاليًا هي تنتمي إلى ما يسمى بالكلاسيكيات وأنه في الفترات اللاحقة سيتم التركيز على الإنتاج الآني الذي ينتمي إلى هذا الجيل وخصوصًا فئة الشباب. وعن المشاريع المستقبلية فقد تحدث الضيف أن هناك حاليًا خطة جادة ومهمة وستقوم بتأثير مهم على كافة المستويات وهي تنظيم عمل المترجمين الصينيين وإجراء حوارات مطولة وترشيحات لترجمة مجموعات مهمة من الكتب العربية وإدخالها إلى سوق الكتاب الصيني. تشي لي وي اختتم حديثه بثنائه على الأدب العربي مؤكدا أن من أجمل ما قام بترجمته هي روايات نجيب محفوظ كرواية الكرنك فضلا عن الكثير من أعمال ميخائيل نعيمة وجبران خليل جبران ويوسف السباعي.