أبدى السيد "وليام هوبارد" -رئيس اتحاد المحامين الأمريكيين- إعجابه بالتطور القضائي بالمملكة على كافة الأصعدة، وخصوصاً الجانب التقني المتقدم جداً التي أحدثها مشروع خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- لتطوير مرفق القضاء، مثل تقنية مراقبة أعمال القضاة، وتقنية رصد عدد القضايا، ومراقبة ومتابعة المشروعات عن بُعد، والمحاكمات عن بُعد، وغيرها من التقنيات، مؤكداً على أنهم يسعون للإفادة من هذه التقنية داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية، مشيداً بجهود معالي وزير العدل الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، لما بذله من جهود كبيرة لأجل تطوير القضاء، وهندسة الإجراءات وفق أفضل الطرق لإدارة العدالة. وقال في حديث ل"الرياض" -عقب لقاء وزير العدل وزيارة المرافق العدلية والقضائية بالمملكة والوفد المرافق له- إن مسؤولية المحامي تحتّم عليه عدم استغلال الحرية التي كفلها له النظام بالإساءة وهز ثقة الناس في النظام القضائي، موضحاً أنه في الولاياتالمتحدة يؤدي المحامي القسم بأن يحمي تماسك النظام العدلي وألا يتجاوز الخطوط الحمراء، مبيناً أن المحامي الذي يتولى تلك الأعمال في أمريكا يُتخذ بحقه إجراء تأديبي من خلال نظام تأديب المحامين في الولاياتالمتحدة، وفيما يلي نص الحوار: مشروع التطوير * زرتم مشروع خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- لتطوير مرفق القضاء، والسؤال: كيف رأيتم هذا التطوير؟ - العرض الذي رأيناه عن المشروع كان مذهلاً، حيث شاهدنا تقنية ترتقي بالفعل لتضاهي أعلى المستويات، واطلعنا على تقنية مراقبة القضاة وهم يجرون جلساتهم في وقتها؛ مما يحتم عليهم التقيد بالوقت وكان ذلك مدهشاً حقاً، كما تم اطلاعنا على تقنية رصد عدد القضايا في كل محكمة على حدة، فهذه محكمة لها قضايا كثيرة وتلك لها قضايا أقل، وفي حالة استدعى الأمر يتم تكليف قضاة لمحاكم أخرى لكثرة القضايا فيها، كما شاهدنا أيضاً صور فيديو حية مباشرة على الهواء تتابع من مسافات بعيدة سير العمل في مشروعات مقار المحاكم الجاري تنفيذها في أنحاء متفرقة من المملكة، وذُهلنا أيضاً من تقنية المحاكمات عن ُبعد التي تسمح للسجين بإجراء المحاكمة وهو في مقر سجنه، وربط أيضاً الشهود بجلسات المحاكمة مباشرة عن طريق التغطية التلفزيونية الحية بدلاً من التنقل لمسافات بعيدة بين المدن لأجل الإدلاء بشهادتهم، كل ذلك مثير حقاً، واعتقد أنه عند اكتمال تطبيقه في كافة أنحاء المملكة -وأعلم أن ذلك سوف يستغرق وقتاً- فإنه بالتأكيد سيترك أثراً عظيماً في تطوير نظام المحاكم. وزير العدل * زار وفد سعودي رفيع المستوى برئاسة وزير العدل أمريكا، ما أصداء هذه الزيارة في الأوساط الحقوقية الأمريكية؟ - لقد أُعجبت كثيراً بمعالي الوزير عندما التقيته في الصيف الماضي بواشنطن، واستمتعت حقاً بمستوى الاهتمام الحقيقي الذي يتمتع به لسلك أفضل الطرق لإدارة العدالة، ورغبته الصادقة في فتح حوار مع اتحاد المحامين وغيره من الكيانات داخل الولاياتالأمريكية، وكانت تلك بداية علاقة أثمرت عن دعوة معاليه لنا لزيارة المملكة العربية السعودية، لنرى بعض الأعمال التي أنجزها في تطوير القضاء والرقي بالنظام العدلي بالمملكة، وابتكار أفضل المهام والإجراءات واستغلال التقنية العالية المستوى التي يمكننا أن نستفيد منها نحن في الولاياتالمتحدةالأمريكية، تلك هي الأساليب التي يمكن أن نستفيد منها معاً. وزارة العدل أحدثت نقلة نوعية في التقنية وهندسة الإجراءات بما يحفظ حقوق جميع الأطراف وفي الحقيقة الهدف الأول لزيارتنا هي مستقبل الخدمات القضائية، وكيف يمكننا تقديم الخدمات القضائية بكفاءة وفعالية أكثر، حتى يتمكن أكبر عدد من الناس من الحصول على العدالة وغلق الفراغ العدلي الذي نعاني منه في الولاياتالمتحدةالأمريكية؛ فنحن نتعلم من المملكة العربية السعودية بعض التقنيات والأساليب الحديثة التي يمكن توظيفها لترقية وتحسين الكفاءة لدينا، والتي إذا تم تطويرها فستؤدي بالتأكيد لتوفير موارد قضائية عظيمة وثرية لتصل إلى أكبر عدد من الناس وتصبح في متناول يدهم، وبعد اجتماعنا أنا ومعالي وزير العدل في الصيف الماضي بعثنا بمذكرة تفاهم مقترحة وخطاب اتفاق تعرضنا فيه للمحادثات التي جرت وللتفاهم الذي تم بيننا، والأهم لدينا إعداد وثيقة تؤسس علاقة مؤسسية بين وزارة العدل السعودية وبين اتحاد المحامين الأمريكي لضمان أن مستوى التبادل والتعاون الحالي سيستمر حتى في حالة تغير وتبدل الأشخاص ذوي العلاقة. مكانة المحامي * من وجهة نظركم، ما هي المكانة الحالية للمحامي السعودي دولياً؟ - نظراً لأهمية مكانة المملكة في الاقتصاد العالمي، فأنا أرى حضوراً دولياً متنامياً للمحامي السعودي، وأنا أرى كبار مكاتب المحاماة العالمية لها تمثيل هنا في المملكة؛ مما يدل على أنهم أدركوا أهمية هذا البلد في مجال الاقتصاد والتجارة العالميين، وأتوقع بمرور الوقت أن تتزايد وتيرة نمو وتصاعد الاعتراف بأهمية مكانة الاقتصاد السعودي والنظام القضائي السعودي، كما أعتقد أن مركز التحكيم السعودي مثال لما يمكن أن يكون معلم آخر لمهنة المحاماة السعودية. المحامي مطالب بتعزيز ثقة الرأي العام بالكيان القضائي وأداء القسم وعدم تجاوز الخطوط الحمراء تطوير قدرات * برأيكم، ما هي الخطوات التطويرية التي يحتاجها المحامي السعودي؟ - أعتقد أنه كلما زاد المحامون السعوديون من حضور المؤتمرات الدولية وتبادلوا الأفكار ووجهات النظر مع نظرائهم من الدول الأخرى سيزداد تطور المحامي السعودي، فعدد من الدول ستتابع مؤتمراتكم لرفع مستوى نظمها القضائية. وفي الواقع أنا ذاهب في فبراير لما يعرف بقمة القانون الدولية التي سترعاها حكومة المملكة المتحدة لتأكيد كيفية جعل "لندن" في المملكة المتحدة مركزاً لتقديم الخدمات القانونية، وتفعل "هونغ كونغ" نفس الشيء، والصين جعلت "بكين" مركزاً قانونياً أيضا لتقديم الخدمات القانونية، كما اُعتبرت نيويورك ومنذ وقت طويل راعية تهيمن على المؤسسات القانونية هناك، وأنا أري الرياض في المملكة العربية السعودية مركزاً مؤهلاً لتقديم الخدمات القانونية للاقتصاد العالمي. مهمة المحامين * المحامي بوجه عام يتمتع بحرية واستقلال مكتسب ضمنه له أحكام مهنة المحاماة ومبادئها، ولكن قد تخرج مهنة المحاماة عن إطارها المهني إلى استغلال اسمها للإساءة لكيانات تشريعية وقضائية أو حتى تنفيذية باسم المهنة وتحت مظلة الحرية، ما رأيكم في ذلك؟ - هذا تحديداً يُظهر أن المملكة العربية السعودية مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية؛ لأن المحامين في الولاياتالمتحدة دائماً ينتقدون القضاة وأحياناً يعرضون قضاياهم في الأوساط الإعلامية بدلاً من حصرها على ساحات المحاكم، وأعتقد أنك ستجد أمثال أولئك الناس في أي نظام بالعالم، وأعتقد أيضاً أن أهم شيء هو ألا يُترك المحامون لانتهاك القانون والتسبب في أن يفقد الناس ثقتهم في النظام القضائي، ويظنون أن من حقهم فعل ما يشاؤون، فمن الضروري جداً أن تؤسس تلك الثقة في النظام العدلي. ونحن كمحامين أدينا القسم بأن نحمي تماسك النظام وانسجامه، وجزء من صميم التزامنا هو أن نظهر للجمهور احترمنا العام لحكم القانون، وأنه لا يجوز تقويض حكم القانون، وهناك قواعد نظامية نزيهة محددة يمكن للناس اتباعها لإبداء آرائهم والاعتراض، فلا يجب على المحامي خصوصاً أن يتجاوز الخطوط الحمراء. ولكل نظام قضائي إجراء تأديبي بحق المحامي المتجاوز، ففي الولاياتالمتحدة مثلاً لدينا نظام لتأديب المحامين يتم تطبيقه في حالة تخطي المحامي الحدود المتفق عليها؛ لذلك على المحامين واجب مؤكد لتقدم جهودهم في تحسين النظام العدلي وتعزيز ثقة الناس فيه. مكافحة الإرهاب * الإرهاب أصبح آفة عالمية أرّقت دول العالم، كيف ترى جهود المملكة العربية السعودية في مواجهة التطرف والإرهاب؟ - أعتقد أن أهم ما يضمن تعايش الناس بسلام هو حكم القانون؛ كأن تكون هناك منظومة قوانين وتطلعات يجب أن يحترمها ويتبعها كل الناس، وعندما ينتهك نفر من الناس ذلك القانون ويقتلون الناس والإضرار بهم؛ لذا فمن الضروري أن يكون هناك احترام للقانون. وهذه هي الأولوية القصوى التي يهتم بها اتحاد المحامين الأمريكيين وهي ترقية حكم القانون واحترام القانون والشفافية والحكم والموارد المناسبة للقضاة ونزاهة القضاة وثقة الناس في النظام القضائي، من أجل أن يكون لك حرية منظمة مستقرة، لا يجب أن لا يكون هناك فوضى أو أن يقول أحد إنه يود أن يفعل هذا أو ذاك لأنه يعتقد في اعتقاد ما، وإرادة حكومة المملكة العربية السعودية أن تكون جريئة في هذا الصراع من أجل الحرية الأساسية وحكم القانون هو شيء حيوي وضروري للعالم. كلمة أخيرة - حقيقة أشعر بفائق الإعجاب بما تحقق من تطور للنظام القضائي في المملكة العربية السعودية، وما رأيته ولمسته شخصياً من حرص معالي وزير العدل الحقيقي للنهوض وتبني أحدث خطط الإصلاح، كما أعجبت بكرم وحفاوة الشعب السعودي التي لم أرَ مثيلاً لها في كافة زياراته للعديد من بلاد العالم، وهذا البلد إضافة لما تحقق له من إنجازات هامة فإن قدرات شعبه عظيمة لصنع إنجازات أعظم؛ فالاهتمام بالتعليم والتقدم نحو المستقبل بتطويع التقنية واستخدامها بالطرق الصحيحة لخير الأمة لا للإضرار بها، وأعتقد أن التحدي الرئيس الذي يواجه السعودية هي مسألة الاتصال وأن الكثيرين لهم فهم خاص ولا يعرفون شيئاً عنكم حتى أنا لم أكن أعرف شيئاً عن تطور النظام القضائي السعودي حتى حضرت إلى هنا ورأيت ذلك بنفسي، وقد تحدثت مع معالي الوزير وغيره من منسوبي الوزارة حول لذلك، فكلما سارعنا بتبادل مثل هذه الزيارات فلا غنى لنا البتة عن الحضور والاتصال الشخصي وضرورة حضور المحامين والقضاة السعوديين للولايات المتحدة، وكذلك زيارة المحامين والقضاة الأمريكيين للمملكة من أجل بناء مزيد من التعاون بيننا. السيد هوبارد مع الزميل مبارك العكاش الوفد داخل مركز متابعة الجودة لمتابعة المشاريع عن بُعد أعضاء الوفد الأمريكي يستمعون لشرح موجز عن هندسة الإجراءات القضائية بالمملكة وزير العدل محاضراً ومحاوراً في مؤتمر الاتحاد الدولي للمحامين بنيويورك