بدأت تداعيات هجوم باريس باتخاذ الرئيس الفرنسي عدة قرارات كان من أهمها نشر (10) آلاف جندي في كافة المدن الفرنسية لمساندة الشرطة في تأمين المطارات، المدارس، المتاحف، المناطق السياحية، وأهم المجمعات التجارية. هذا الإجراء، سيتبعه إجراءات قانونية، بدأ البرلمان ومجلس الشيوخ الفرنسي مناقشتها لسن قوانين تضمن من وجهة نظر صناع القرار مزيداً من الأمن والاستقرار وحرية التعبير. إن الإستراتيجية المقبلة التي ستتبناها فرنسا في محاربة الإرهاب وتعريف حرية التعبير، سيكون لها تأثير على صانع القرار في كافة دول الاتحاد الأوربي وأمريكا. إن العالم الغربي يمر بمنعطف تاريخي وقرارات مصيرية من شأنها أن تؤدي، إما إلى مزيد من التناحر الديني والطائفي ودعم الإرهاب، أو إلى مزيد من التلاحم والاستقرار داخل مجتمعاتها وبين شعوب العالم. ومن هذا المنطلق، أصبح لزاماً على العالم الإسلامي بذل كافة الجهود والتحرك بسرعة فائقة لمنع صدور أي قانون يسمح بإعطاء مزيد من الحرية غير المنضبطة، التي قد تتيح لفاقدي النظر بمزيد من الإساءة للأنبياء والأديان. منظمة المؤتمر الإسلامي هي الجهة الرئيسية المنوط بها هذه المهمة، وبإمكانها القيام بخطوات دبلوماسية بالتنسيق مع بابا الفاتيكان، زعماء الجالية اليهودية في فرنسا، وكافة أتباع الأديان الأخرى، للضغط من أجل سن قوانين تجرم المساس بالأديان والأنبياء كافة. إن زيارة وفد من منظمة المؤتمر الإسلامي وممثلين عن بقية الأديان للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس حكومته أصبحت خطوة ذات أولوية قصوى، لإدانة الإرهاب والدفع بهذا الاتجاه، يترافق ذلك مع تشكيل فريق عمل من المحامين الفرنسيين لمتابعة المسائل القانونية المتعلقة بهذا الشأن. إن دول العالم الإسلامي ترفض الإرهاب على الجملة، وترفض أيضاً السخرية من الأديان والأنبياء، وكما قبلت فرنسا بسن قوانين تحرم المساس بالسامية أو إنكار الهولوكوست، فبإمكانها سن قوانين مماثلة تحرم المساس بما هو أهم. إن التحرك الدبلوماسي على مستوى قيادات العالم الإسلامي يُعد مسؤولية دينية، وطنية، أمنية، تاريخية، والتأخر في ذلك التحرك سيكون له عواقب وخيمة ليس على العالم العربي والإسلامي فقط بل على العالم أجمع. إن الإرهاب ليس له دين، وسيسعى جاهداً لاستغلال نقاط الخلل في قوانين الدول، والاختلافات بين الشعوب، وعلى الحكماء في كافة الدول عدم السماح لهذا الفكر البغيض بتفكيك الدول، ونشر الرعب، وبث الكراهية، وترويع الآمنين، واختلاق الحروب. الجهد الرئيسي في هذه المرحلة جهد قانوني، دبلوماسي وإعلامي بامتياز، ويمثل هذا الجهد الجانب الوقائي ضد الإرهاب، يترافق معه بطبيعة الحال الإجراءات العسكرية والأمنية والتي تحاول معالجة ما أخفقت الدول في تفاديه.