تشهد العاصمة الأمريكيةواشنطن اليوم الخميس حفل تتويج الرئيس الأمريكي جورج بوش كرئيس للمرة الثانية ليبدأ رسميا فترته الثانية في البيت الأبيض الذي نجح في الاحتفاظ بمقعده فيه لأعوام أربعة اثر فوزه في انتخابات الرئاسة الأمريكية التي أجريت يوم 2 نوفمبر الماضي على المرشح الديمقراطي جون كيري0 وفي التقليد السياسي الأمريكي يعد حفل تتويج الرئيس الأمريكي بمثابة مناسبة أو مراسم لبث روح الوطنية بين طبقات الشعب وتوحيد أمريكا وراء زعيم واحد ونقل السلطة بصورة سلمية وسلسة وقانونية من رئيس لرئيس ومن حكومة إلى أخري. غير أن الكثير من الأحداث والمناسبات التي يشهدها يوم التتويج لا تستند إلى قوانين مكتوبة بل إلى عرف وتقاليد توارثها رئيس بعد الاخر عبر عشرات السنين. وطبقا للدستور الأمريكي تنتهي فترة نائب الرئيس والرئيس الأمريكي في الثانية عشرة من ظهر 20 يناير الذي يلي الانتخابات الرئاسية ويتعين حينئذ أن يؤدي الفائز في الانتخابات اليمين الدستورية ومعه نائب الرئيس بالاضافة إلى أعضاء الحكومة الجدد. وقبل عام 1933 الذي شهد التعديل رقم 20 للدستور الأمريكي لم يكن في الدستور الأمريكي ما يشير إلى موعد محدد لنهاية وبداية الفترة الرئاسية وكانت حفلات التتويج للرئاسة تجرى في الرابع من مارس دون اشارة لبدء الفترة الرئاسية. ويشير الدستور الأمريكي إلى جزء معين من اليمين يجب على الرئيس تلاوته أمام عضو من المحكمة العليا الأمريكية غير أن جورج واشنطن (أول رئيس أمريكي) أضاف إلى القسم من تلقاء نفسه عبارة فليساعدني الله عندما أدي اليمين. كما كان جورج واشنطن أول رئيس يؤدي اليمين وهو يضع يده اليسرى على الانجيل ويرفع يده اليمين إلى السماء وهو ما لا ينص عليها الدستور الأمريكي صراحة. ولا ينص الدستور الأمريكي أيضا على ضرورة وضع الرئيس يده على الانجيل أثناء أداء القسم ولم يضع تيودور روزفلت يده على الانجيل أثناء أداء القسم الرئاسي عام 1901 لأن مراسم اليمين تمت في عجل عقب اغتيال سلفه وليام ماكينلي وكان توماس جيفيرسون هو أول رئيس يتم تتويجه في واشنطن عام 1801. ومنذ رئاسة جورج واشنطن (أول رئيس في تاريخ أمريكا) لم يقتصر التتويج على مجرد أداء اليمين القانونية حيث اقترنت عملية التتويج بسلسلة من الاحتفالات التي يأتي اليها خصيصا عدد من أصدقاء الرئيس ومؤيدوه من مختلف أنحاء أمريكا. وفي الحالات التي تنتقل فيها الرئاسة من رئيس لآخر يتحرك الرئيس الجديد والرئيس القديم من البيت الأبيض إلى الكونغرس ثم إلى حفل التتويج معاً وتسبب ذلك في بعض الحرج أحياناً حيث رفض الرئيس المنتخب يوليسيس جرانت عام 1869 الخروج في نفس العربة مع سلفه أندور جونسون وتكرر ذلك في مناسبات أخرى من بينها ما حدث في 1933 عندما لم يتبادل فرانكلين روزفيلت وهيربيرت هوفر أي نظرات غير أن معظم الحالات شهدت صحبة الرئيس الجديد لمن سبقه. وتحولت عملية التتويج إلى سلسلة من الاحتفالات من بينها ما يسمى بعرض التتويج الذي يشاهده الرئيس من وراء زجاج واقي للرصاص وكان عرض التتويج للرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريجان ألغى بسبب البرد القارص غير أنه من المستبعد أن يحدث ذلك في حالة بوش حيث يتحسن المناخ نسبيا مع احتفالات التتويج اليوم الخميس على عكس اليومين الماضيين اللذين شهدا برودة إلى ما تحت الصفر. وتشير صفحات التاريخ إلى أن أكثر مناسبات التتويج مأساوية كانت عام 1841 في أجواء شديدة البرودة وصاحبها أمطار غزيرة الا أن الرئيس المتوج في ذلك الوقت وليام هنري هاريسون أصر على الادلاء بخطبة تتويج طويلة توصف بأنها الأطول في تاريخ خطب التتويج. واستمرت قراءة الخطبة لمدة ساعة وأربعين دقيقة دون أن يرتدي هاريسون قبعة أو عباءة تحميه من البرودة والأمطار الأسوأ هو أن هاريسون الذي كان يبلغ من العمر 68 عاما شارك في عرض التتويج على ظهر حصان سار به من مبنى الكونغرس إلى البيت الأبيض تحت الأمطار دون قبعة أو عباءة وكانت النتيجة أن أصيب هاريسون بالتهاب رئوي وتوفى عقب شهر من التتويج. وعادة ما يصل متوسط درجة الحرارة في واشنطن يوم 20 يناير إلى عشر درجات مئوية وهي أمر جيد مقارنة بدرجة حرارة امس وهي خمس درجات تحت الصفر.