لا يمكن أن يصف متابع ما قدمه المنتخب السعودي في ظهوره الأول بكأس الأمم الآسيوية التي تستضيفها أستراليا أمام الصين بالمقنع وهو الذي يعرف تاريخ «الأخضر» مع بطولات القارة من جهة، وما يملكه من عناصر ممتازة ودكة بدلاء مميزة كان يمكنها أن تقدم الأداء الأفضل، وتخرج بنتيجة إيجابية في افتتاح مشوار تحسين الصورة السلبية التي شاهدنا عليها منتخبنا في النسخة الماضية وصولا لاستعادة البريق السعودي الذي فرض نفسه سنوات طويلة على قمة الكرة في «القارة الصفراء». الخسارة شيء، وتحققها وسط أداء غير مرض، وغياب تام لفرص التسجيل شيء آخر؛ رغم الحالة العامة الجيدة التي ظهر عليها المهاجم نايف هزازي، وتجاوزه ما اعترضه من مضايقات واحتكاكات صينية قوية منذ بداية المباراة، كما أن زميله البديل السهلاوي قدم في الدقائق المعدودة التي مُنح فيها فرصة المشاركة جهدا طيبا، وأشعرنا بإمكانية تشكيله ثنائيا خطرا مع هزازي في القادم من المباريات، ولو قدِّر للجهاز الفني الزجّ به في وقت باكر مع تطوير صناعة اللعب المفقودة تماما لكان الحال أفضل. المدرب الروماني كوزمين تسلم المهمة قبل أسابيع، ولم يخض المنتخب تحت قيادته سوى مباراتين وديتين، وهذا وحده كفيل بأن لا ترى صورة مكتملة لفريق منظم وقوي؛ لكن هذا الروماني يعرف منتخبنا جيدا، يعرف معظم لاعبيه في ظل تواجده منذ أن ترك الهلال في منطقة الخليج، أعتقد أن كوزمين كان يمكنه أن يقدم فريقا يؤدي بصورة أفضل، بالتوجه نحو الهجوم؛ عبر تواجد عددي أكبر في مناطق خطر الخصم، الصينيون لم يكونوا متفوفين عناصريا، الخوف الذي كان عليه كوزمين وتردده في توجيه لاعبيه نحو الهجوم حتى استقبلت شباك وليد عبدالله الهدف، وتأخره في إحداث تغييرات لم يتذكرها إلا بعد فوات الأوان هو من أراح الصينيين وجعلهم يؤدون بارتياح تام، ويشكلون ضغطا على اللاعب السعودي، ورغم كل ذلك سنحت ل «الأخضر» ركلة جزاء تسبب فيها نايف هزازي ولم يوفق في تنفيذها. إن من الأهمية بمكان أن يدرك نجوم منتخبنا أن خسارتهم المباراة الافتتاحية ليست مقياسا لما لديهم من إمكانيات، وأن مواجهة بعد غد (الأربعاء) أمام كوريا الشمالية هي الاختبار الحقيقي الذي سيؤكدون من خلاله قدرتهم على المنافسة لتجاوز هذا الدور ومواصلة المشوار، المهم أن يثقوا في قدراتهم، وأن يعيد المدرب كوزمين حساباته في التشكيل وطريقة اللعب ويظهر شجاعة أكبر؛ خصوصا وأن بطاقة التأهل مهرها ست نقاط من مواجهتي كوريا ثم أوزبكستان في ختام الدور التمهيدي، والفوز لا يمكن أن يتحقق في غياب صانع اللعب وبمهاجم وحيد.