"صح لسانك" عبارة نطلقها حينما ينشدنا أحدهم شعرا ينال إعجابنا ويحكي واقعنا وما يختلجنا من عواطف وما نرمي إليه من أهداف، واليوم نردد هذه العبارة ولكن في ظروف ومستجدات مختلفة مستذكرين ما تم من حوار في لقاء خادم الحرمين الشريفين مع عدد من السفراء العرب والأجانب حين تقديمهم أوراق اعتمادهم. لقد حذر من الإرهاب الذي لا يُعرف له موطن ولا تاريخ لتنفيذ مخططاته من قبل المنتمين إليه من الفئة الضالة. في ذلك اللقاء حذر حفظه الله من أن الإرهاب ستمتد جذوره وتطال يده الغاشمة أوروبا ومن بعدها الولاياتالمتحدة في فترة زمنية قصيرة. في الاسبوع الماضي أثبتت الأحداث صحة مقولة الملك عبدالله، ومن هنا نردد بصوت واحد "صح لسانك". لقد تحدثتَ ووضعت النقط على الحروف، وتأكدت مصداقية نظرتك الثاقبة حين شهدت الساحة حدثين تعرض في أحدهما أفراد حرس الحدود شمال المملكة لاعتداء غاشم من عناصر إرهابية استشهد فيه عدد من رجال أمننا البوسل وجُرح آخرون، وفي امتداد لهذا المخطط الإرهابي تعرضت العاصمة الفرنسية لهجوم إرهابي مسلح استهدف إحدى الصحف ونتج عنه مقتل وجرح العديدين. حين حذر خادم الحرمين الشريفين من خطر الارهاب كان يتحدث من واقع أليم شهدته وعانت منه المملكة طوال السنوات الماضية، وحين حذر كان يأمل أن تكون هناك مبادرات وخطوات دولية للتصدي لطوفان الإرهاب، ولكن ما الذي حصل ؟ صمتٌ وترقبٌ دولي عن بعد، وجمود في المواقف. لم تتقدم دولة لتبنّي أية مبادرة فاعلة، ولم تتم الاستفادة من المركز الدولي لمحاربة الإرهاب الذي دعمته المملكة ماديا ومعنويا. كانت هناك ضربات جوية عسكرية أوروبية وأمريكية على مواقع داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية ولكنها لم تترك الأثر الذي يوازي حجم الخطر، وفي الوقت نفسه نسمع بين فينة وأخرى من يتحدث دوليا مؤكدا أن القضاء على داعش وغيره من التنظيمات يحتاج إلى سنوات ما يعني أن يستمر الوضع على ما هو عليه تاركين الساحة لهذه الجماعات كي يشتد عودها وتقوى شوكتها وتكبدنا المزيد من الخسائر في الأرواح والممتلكات. لا مفر من تحرك دولي شامل، ولا بد من وقفة شجاعة تستشعر المسؤولية الدولية وتأخذ زمام المبادرة، ولا بد من قرارات دولية وتحركات سياسية وعسكرية حاسمة تضع حدا لهذا الداء الذي استمر في نخر عظم السلم والأمن الدوليين. إن كان الغرب يعتقد أن ضرر الإرهاب لن يخرج عن دائرة الدول العربية وأن لديه من أجهزة التجسس والأمن ما هو كفيل بحماية أراضيه ومواطنيه فها هو الواقع يثبت عكس ذلك. أجزم أن الوقت بدأ يضيق، والخيارات بدأت تتناقص في التعامل مع هذا الطوفان المهلك، وقد حان الوقت للوقوف معا والاستفادة من كل ما تعرضنا له في السابق علّنا نستطيع القضاء على هذه النبتة الشريرة.