دخلت المرأة في الآونة الأخيرة في منافسة قوية مع الرجل في حب "كشتات" البر والخروج برفقة أفراد أسرتها أو بعض أقاربها، وذلك في ظل الانشغال الدائم للرجل عن أسرته، حيث تشتكي بعض الزوجات من هذا الغياب؛ ليس لقصور دور أزواجهن، وإنَّما رغبة منهنَّ في الخروج للتخييم في البر برفقة هؤلاء الأزواج، إلى جانب مشاركة أسرهن وأقاربهن التنزّه، حيث يحلو السمر حتى ساعات متأخرة من اليوم.. هذا الوضع جعل النساء يتجهن للتفكير بطريقة تتيح لهنّ الخروج إلى البر دون انتظار الفرصة التي يكون فيها الرجل برفقتهنَّ، سواءً كان زوجاً أو أباً أو أخاً. وحينما تخرج المرأة للتنزّه فإنَّها حريصة على استئجار مخيمات جاهزة مؤمنة بحراسة وإمكانات مريحة تتيح لها التخييم والتعامل مع بعض العاملين بالمخيمات في تهيئة وتوفير كل ما تحتاجه من مستلزمات دون عناء أو تخوّف من حدوث أيّ مفاجآت، ولم يعد مستنكراً وجود النساء مع أبنائهن كجماعات في البر، وليس ذلك فحسب، بل إنَّهن يمارسن تقريباً كل الهوايات والنشاطات المصاحبة عادةً لمثل هذه الرحلات البرية المشوّقة. وباتت مشاهدة بعض الأسر في مخيمات البر دون صحبة رجال الأسرة من الأمور المألوفة، في حين يتمّ مشاهدة الأبناء من المراهقين والصغار ممَّن لا يستطيعون الابتعاد عن أسرهم في مثل هذه المناسبات، وقد يلجأ كثير من الآباء والأمهات إلى إغرائهم بالمال لهذا الغرض، وذلك حينما يرفضون الذهاب بعيداً، مفضلين البقاء في المنزل أو مشترطين مكافآت من نوع ما. نشاطات بريّة وأشارت "بدرية المسعود" إلى أنَّها اعتادت خروج زوجها المستمر للبر لأيام معدودة ومتقطعة طوال فترة الشتاء، خصوصاً عقب هطول المطر وبرودة الطقس، فيما تضطر للذهاب لأهلها لحين عودته، إلاَّ أنَّها تشعر بالغبن لأنَّها من عشاق البر، وطالما رغبت في الذهاب بصحبة زوجها وأبنائها لقضاء بعض الوقت، موضحةً أنَّه تحقق لها ذلك عدة مرات، إلاَّ أنَّها لم تكن تشعر بالمتعة، حيث غالباً ما يكون ذلك وفق شروط جميع الرجال المصاحبين لأسرهم في هذه الرحلة أو تلك، أو على الأصح بقدرٍ قليل من الحرية في الحركة وممارسة النشاطات البرية المشوقة. وأضافت: "بدأنا في التخطيط أنا وعدد من النساء في العائلة للخروج للبر بالاعتماد على أنفسنا وترتيب كل ما تتطلبه الرحلة بعيداً عن الاعتماد على الرجال، حيث نضطر في كثير من الأحيان للتنازل أو التخلي عن بعض مستلزماتنا أو احتياجاتنا بسبب تذمرهم من كثرة طلباتنا أو طلبات الأبناء، ناهيك عن قطع متعتنا بالعودة مبكراً للمنزل وعدم الرغبة في الارتباط بعودتنا في الوقت الذي نريده"، وأشارت إلى أنَّهنَّ أصبحن يبحثن من خلال شبكة "الانترنت"، أو عن طريق معارفهنَّ عن مخيمات معروفة ومضمونة بمواصفات تتفق مع احتياجاتهنَّ هنَّ وأطفالهنَّ. وأوضحت أنَّها أصبحت هي وقريباتهنَّ يتواصلن مع بعض العاملين في هذه المخيمات فيما يتعلَّق بتجهيز وترتيب المخيم والاستعداد لاستقبالنا في اليوم والوقت المحدد سلفاً، مُضيفةً أنَّ العاملين والمشرفين على هذه المخيمات أصبحوا يجهِّزون كل ما يرغبنه، خصوصاً الأشياء التي لا يمكن توفيرها إلاَّ بواسطة الرجال، كاستئجار الدبابات والحطب أو الفحم، لافتةً إلى أنَّهنَّ عادةً ما يستأجرن سيارات خاصة لنقلهنَّ من وإلى هذه المخيمات دون عناء. توزيع المهام وقالت "عبير القاسم": "نلجأ كمجموعة من النساء في العائلة إلى استخدام كل ما نملكه من وسائل لتحقيق رغبتنا في الذهاب للتنزّه، وخصوصاً "كشتات" البر، فنحن نتشارك ظروف معينة تعوق ذهابنا، مثل: عدم قدرة أزواجنا على تلبية رغبتنا بسبب الانشغال بالأعمال أو عدم القدرة على الارتباط بالأسرة أثناء هذه الفترة وما يترتب على ذلك من مسؤوليات وتبعات الرحلة التي تتطلب المتابعة ومباشرة المهام لجميع من هم في المخيم"، مُضيفةً أنَّهنَّ قد يلتمسن العذر لأولياء الأمور والأزواج في ذلك، إلاَّ أنَّه من حقهنَّ أن يستمتعن بالأجواء الشتوية في البر أسوة بالرجال. وأضافت أنَّ ذلك جعلهنََّ يقمن بدورهنَّ بتحمل تبعات هذه المسؤولية كنساء، حيث تمَّ توزيع المهام على الجميع، حتى فيما يتعلَّق بالتصرّف في حال حدوث أيّ طارئ كان، مُبينةً أنَّهنَّ حرصن على أن يكنَّ على تواصل مع الرجال في هذا الشأن، مُشيرةً إلى أنَّ أماكن وجودهنَّ في البر غير بعيدة عن النطاق العمراني، ومع ذلك فإنَّ وجود الأبناء كفيل بإشعارهنَّ بالأمان نوعاً ما، رغم عدم خلوّ الأمر من المخاطرة أحياناً، مؤكدةً على أنَّ ترديد الأدعية من قبل الأمهات وكبار السن من نساء العائلة عادةً ما يُشعرهنَّ بارتياح شديد ويجعلهنَّ أكثر اطمئناناً. وأيَّدتها الرأي "فاطمة السعيد"، مضيفةً أنَّ الأهم في نزهات البر هو التنسيق مع حارس المخيم حول توفّر كل الاحتياجات اللازمة، خصوصاً وجبتي طعام الغداء والعشاء، التي غالباً ما يتم إعدادها من قبل النساء داخل المخيم، وذلك حينما يتسنى لهنَّ الذهاب باكراً منذ ساعات الصباح الأولى، أمَّا في حال لم يتسنى ذلك، فإنَّ حارس المُخيم يُنسّق مع أحد المطاعم لتجهيزها مقابل حصوله على مبلغ مالي نظير أتعابه، وبالتالي فإنَّه كلَّما زادت المهام الملقاة على عاتقه، زادت تكلفة تقديم الخدمات. أجواء الكشتة وأكَّدت "أم حمد" على أنَّها ترفض تماماً فكرة الذهاب إلى البر مع نساء العائلة دون صحبة أبنائها، أو على الأقل وجود عدد من الرجال، مُشيرةً إلى أنَّ الأمر لا يخلو من المخاطرة، خصوصاً أنَّ "كشتات" البر ليست كطلعات "الاستراحة"، حيث التواجد في مكان آمن ومغلق داخل النطاق العمراني غالباً، في حين تكون "الكشتة" في مكان مكشوف وغير آمن في بعض الأحيان، لافتةً إلى أنَّ بعض الرجال لا يرغبون في وجوده بقرب المرأة، وكذلك الحال بالنسبة لبعض النساء، مُبيّنةً أنَّ أجواء "الكشتة" عند الرجال تختلف تماماً عمَّا هي عليه لدى النساء. تحوّل كبير وبيَّن "سيد عبدالله" -حارس مخيم منذ أكثر من (10) سنوات- أنَّ السنوات الخمس الأخيرة شهدت تحولاً كبيراً في كشتات البر العائلية، حيث أصبحت النساء يتصدين للتخطيط لها مع ما تتطلبه من احتياجات، مُضيفاً أنَّ الكثير من النساء يتمتعن بقيادة قوية في الإمساك بزمام الأمور، حتى في ظل وجود الشباب أو الرجال، إلى جانب قدرتهنَّ على تدبير كل ما يمكن أن تواجهه الأسرة من عقبات، موضحاً أنَّ بعضهنَّ تجاوزن سن ال (50) عاماً، حيث تمتلك بعضهنَّ بعض المخيمات أو يكنَّ شريكاتٍ فيهنَّ، كما أنَّ لديهنَّ خبرة كبيرة في الإعداد لمثل هذه الرحلات. وأشار إلى أنَّه غالباً ما يتمّ التنسيق معه من خلال الاتصال به والتواصل معه قبل التواجد في المخيم، وذلك من خلال أحد الرجال من أولياء الأمور أو من النساء، وغالباً ما يتمّ الاطمئنان على توفّر درجة كبيرة من الأمان داخل المخيّم، إلى جانب التأكّد من توفّر كل احتياجات ولوازم الرحلة داخل المخيم، وكذلك اكتمال جميع الترتيبات، خصوصاً فيما يتعلَّق بمدى تهيئة دورات المياه وتوفر المياه للاستخدام. وأضاف أنَّ ما يزعجه في كثير من الأحيان هو حرص بعض النساء على أن تسير الأمور داخل المُخيّم كما يردن بالضبط أو كما خططن له، بينما الأمر يتعلق بالبر وقد يتطلب ذلك أن تساير أوجه النقص، التي يمكن أن توجد، مُشيراً إلى أنَّ الأمر مختلف تماماً بالنسبة للرجال، حيث يتمّ التغاضي عادةً عن كثير من الأمور والأخطاء التي تكون خارجة عن الإرادة. أمر عادي ولفت "سعد بن عبدالله" إلى أنَّ خروج المرأة مع أبنائها أمر عاديّ لا يدعو للقلق، خصوصاً حينما يكون الزوج أو الأب أو الأخ على علمٍ بتفاصيل الرحلة، حيث يمكن أن يتدخل أحد أولياء الأمور في تفاصيل هذه الرحلة، كحجز المخيم والاتصال بالحارس والاطمئنان على سير الرحلة وإعطاء توصيات معينة حول التواصل معه في مختلف الظروف، مؤكداً على أنَّ هناك حدوداً لا يمكن تجاوزها، خصوصاً حول ضمان عدم تعرض أفراد العائلة لمخاطر البر، ومن ذلك الحرص على عدم الابتعاد عن النطاق العمراني وتوجيه الأبناء بعدم الدخول في أيّ مشكلات مع كائن من كان أو في مشادات مع الغرباء. وأضاف أنَّ ذلك يستدعي أيضاً البقاء على تواصل مستمر طوال الرحلة، موضحاً أنَّ مناطق التخييم العائلي معروفة في الغالب، حيث أنَّها تكون آمنة نوعاً ما، وبالتالي فهي ليست كمخيمات الشباب والعزاب، التي تكون داخلية، نتيجة حرص هؤلاء على الحصول على أجواء أكثر متعة وإثارة، مُشيراً إلى أنَّ "كشتات" البر بصحبة العائلة خالية من أجواء الإثارة، وقد تكون مقبولة في وجود عدد من رجال العائلة. انشغال الرجال جعل المرأة تخرج للبر برفقة نساء العائلة خروج المرأة مع أبنائها أمر عاديّ لا يدعو للقلق الأطفال أكثر سعادة في كشتة النساء توفّر الأجواء الآمنة يشجع المرأة على ممارسة بعض النشاطات المُسلية أثناء الكشتة إيجار مخيمات بحضور نساء العائلة وأطفالهن من دون حاجة الرجل