يمرّ النّازحون السّوريون في لبنان مع كلّ فصل شتاء بمعاناة تقارب المأساة بفعل غياب الاهتمام الفعلي بتجهيزهم لمواجهة البرد والعواصف العاتية ومنها العاصفة التي تضرب لبنان والشرق الأوسط منذ أيام. وكشفت العاصفة الثلجية التي أسميت "زينة" الكثير من الإهمال الذي يتعرّض له هؤلاء الذين انهمرت الثلوج الغزيرة فوق خيامهم وخصوصا في البقاع، فسقطت فوق رؤوس الأطفال المفتقرين حتى إلى حذاء يقيهم شرّ الصقيع. يقول أحد النشطاء السوريين ل"الرياض" بأنّ وضع النازحين السّوريين في المخيمات اللبنانية وخصوصا في البقاع هو أسوأ من السنة الماضية، وذلك بسبب الارتفاع غير المسبوق للثلوج التي غطّت الخيام كليا ما جعل بعضها يسقط على رؤوس العائلات التي تلتجئ إليها كما حدث في مخيّم في برّ الياس، ما دفع كثر من النشطاء السوريين إلى الاستغاثة والطلب من المواطنين السوريين أو اللبنانيين الذين لديهم منازل من "الباطون" إلى استقبال بعض النازحين الذين أصبحوا في العراء.من جهتها، عملت الجهات الأمنية اللبنانية وخصوصا الدفاع المدني على فتح الطرقات التي أقفلتها الثلوج المتراكمة بهدف إخراج النازحين المحاصرين في خيامهم والسماح لبعض الجمعيات الأهلية بإيصال الموادّ الغذائية الأساسية للعائلات المحاصرة. ويقول ناشط سوري ل"الرياض" بأنّ "وضع مخيمات النزوح السوري هي أسوأ من الأعوام الماضية، بسبب خفض الأمم المتّحدة لمساعداتها بشكل ملحوظ من جهة، وبسبب تراجع عدد الجمعيات الأهلية التي تساعد النازحين نظرا إلى عدم توافر الأموال المطلوبة وإلى حال الفساد التي تفشت لدى بعض من قاموا بتوزيع المواد سابقا. وروى شهود عيان بأنّ العائلات السورية عمدت أخيرا إلى التدفئة عبر إشعال بقايا القمامة، لافتين إلى أنّ أكثر الأوضاع مأسوية هي في مناطق البقاع وخصوصا في عرسال. في هذا الإطار قال مصدر في الحملة السعودية في لبنان ل"الرياض" بأنّ الحملة التي تقوم بها مؤسستان سعوديتان هما "هيئة الإغاثة السعودية" والهيئة التابعة لرابطة العالم الإسلامي كثّفت مساعداتها وأنشطتها في العاصفة الثلجية الأخيرة. ولفت المصدر إلى أنّ الحملة السعودية لم تنتظر العاصفة الثلجية لكي تتحرّك بل هي تعمل يوميا مزوّدة النازحين من الشمال إلى البقاع بالمواد الغذائية وبوسائل التدفئة والأغطية والخيام، فضلا عن توفيرها لمستشفيات ومستوصفات ميدانية إلى دعمها التعليم المجاني في المدارس الرسمية اللبنانية.من جهة ثانية وبعد أن أطلق رئيس دولة الإمارات توجيهات بإنشاء جسر جوي لنقل مواد الإغاثة العاجلة لآلاف اللاجئين في الأردنولبنان وللمتضررين في غزّة لمساعدتهم على تجاوز العاصفة الثلجيّة، علمت "الرياض" بأن "مؤسسة خليفة من زايد آل نهيان" للأعمال الإنسانية بدأت التحرك وباشرت التواصل مع سفارة الإمارات في لبنان للوقوف على الوضع الإنساني للمتضررين جرّاء العاصفة الثلجيّة. وبعد أن وصلت بالأمس طائرة إلى الأردن محمّلة بالمواد الغذائية وبالأغراض الخاصة بالتدفئة تصل إلى لبنان مساعدات للغرض نفسه. الى ذلك دعا محمّد قدّاح عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري دول العالم والمنظمات الدولية ل" تحمّل مسؤوليتها إزاء الكارثة الإنسانيّة التي تشهدها مخيمات اللاجئين في مواجهة البرد القارس وموجة الثلج التي تهاجم منطقة المشرق العربي والمناطق المحيطة بالبحر الأبيض".وقال "إنّ دماء الطفلة السورية التي أطفأت حرارتها برودة الثلج وحولتها إلى جثّة هامدة في مخيم البقاع اللبناني، هي بصمة عار في ضمير الانسانية في القرن الواحد و العشرين من المؤسف أن تقوم العديد من الحكومات باتخاذ اجراءات صارمة في حماية حدودها وأراضيها من استقبال أو احتواء اللاجئين السورين، و تتراخى في اتخاذ الخطوات العملية لمواجهة الكارثية الانسانية التي تضرب النازحين السوريين".وختم عضو الهيئة السياسية تصريحه بالقول:" في الوقت الذي يدعم به النظام الإيراني والروسي نظام الأسد المجرم بالسكود وشتى أنواع الصواريخ والأسلحة الفتاكة لقمع الإرادة الشعبية، تقف مجموعة أصدقاء الشعب السوري شبه عاجزة عن تقديم الدعم الكافي للاجئين السوريين الذين طالبوا بالحرية والديمقراطية ودولة القانون.