ضمن سلسة إصدارت كرسي الأمير سلمان بن عبدالعزيز للدراسات التاريخية والحضارية للجزيرة العربية لعام 1435ه صدر للمؤرخ أ.د.ريتشارد تي مورتيل كتاب بعنوان "دراسات في تاريخ مكةالمكرمةوالمدينةالمنورةوجدة في العصر الإسلامي الوسيط"، ترجمه وعلق عليه الدكتور محمد بن عبدالله الفريح أستاذ التاريخ الحديث بجامعة الملك سعود. يتضمن الكتاب مجموعة أبحاث تناولت جوانب من تاريخ مكةالمكرمة، والمدينةالمنورة، وجدة خلال العصر الوسيط وتشمل عصر النفوذ المتزايد للأيوبيين ومن بعدهم المماليك وتمتد هذه الحقبة من عام 567ه/1171م بداية قيام دولة بني أيوب بمصر حتى سنة 923ه/1517م. استعرض مورتيل في كتابه التاريخ السياسي للمنطقة وبعض المظاهر المتعلقة بالحياة الاجتماعية والاقتصادية كما احتوى على دراسة أدبية لمؤسستين قامتا بدور بارز في حياة البلد الحرام ألا وهما المدرسة والرباط . يعد الكتاب حصيلة خمسة عشر عاما من البحث والتقصي انتقل خلالها المؤلف بين أماكن متعددة للعثور على مصادره ويقول مورتيل عن ذلك: "يجدر بي التنويه هنا إلى مسألة مهمة جدا تتعلق بهذه الأبحاث؛ كلها أعمال باحث واحد، ولكنها أعدت خلال فترة امتدت إلى خمسة عشر عاما. وخلال تلك الفترة، ومع الاستمرار في ممارسة البحث العلمي، ولاشك مع تزايد الخبرة والنضج الشخصي كباحث، تطورت الأفكار وربما طرأ عليها بعض التغيير." مضيفا: " فعلى القارئ ألا يستغرب، إذن، إذا وجد بعض الاختلافات بين بحث وآخر، د. محمد الفريح ربما تصل لمستوى التناقض، فذلك أمر أحسبه طبيعيا، فالمؤرخ الأمين ينبغي أن يفسح المجال لمصادره أن تتحدث، وأن يتبعها أينما قادته.." وعن سبب اختياره لتاريخ مكةالمكرمة خاصة والحجاز بشكل عام موضوعا لبحثه يرى مورتيل أنه حين قدم إلى المملكة العربية السعودية عام 1977م ليعمل بجامعة الملك سعود توصل بعد بحث ومناقشة إلى أهمية إلقاء الضوء على تاريخ مكةالمكرمة نظرا لأهمية مكانتها الدينية وقداستها لدى كل مسلم فكان أن كرّس حياته العلمية للبحث في تاريخها. يقع الكتاب في 662 صفحة موزعة على ثلاثة أبحاث: أبحاث في تاريخ مكةالمكرمةوالمدينةوجدة. تضمنت الأبحاث عن مكة الموضوعات التالية: أنساب أشراف مكة الحسنيين، والتشيع الزيدي وأشراف مكة، ومصادر التموين الغذائي فيها، والأسعار خلال العصر المملوكي، والموازين والمقاييس خلال العهدين الأيوبي المتأخر والمملوكي، والمجتمع التجاري والضرائب في أواخر العهد المملوكي، والكسوة: أصولها وتطورها من العصر الجاهلي إلى المملوكي، والمدارس والأربطة. والأبحاث المتعلقة بتاريخ المدينةالمنورة فتناولت الأصول والتاريخ المبكر للإمارة الحسينية حتى نهاية العهد الأيوبي وخلال العهد المملوكي. أما الأبحاث في تاريخ جدة فاستعرضت جوانب من علاقات المماليك مع جدة خلال القرن الخامس عشر الميلادي، والدوادار الكبير ونائب جدة حيث تناول المؤلف مسيرة حياة الأمير المملوكي جاني بك الظاهري. يُشار إلى أن مورتيل قام بالكثير من الجهود للتأريخ للمنطقة وشكل رافدا مهما لتاريخ المملكة العربية السعودية كما يعمل الآن مستشارا بمعهد الأمير نايف للبحوث والخدمات الاستشارية.