رحلت صديقتي في رحلات الموت غير المجدولة في بلادي! وكانت تطمح أن تكون مديرة مدرسة تعلم بنات هذا الوطن الطاهر طلبا للقمة العيش وطمعاً بالأجر والمثوبة من الله تعالى. ومن سوء حظها رماها على حزمة من الشوك. درست في منطقة نائية ومرعبة لأصحاب القلوب الرقيقة ليرافقها سائق شبهته بالجني من تصرفاته ونظراته الشاردة.. لقد أصبحت تتسابق أرواح بناتنا المعلمات إلى بارئها الواحدة تلو الأخرى من خلال حافلات مهترئة يقودها آسيوي بعيون مزغللة ومهارة محل نظر ربما لم يسبق له قيادة سيارة في غير هذا البلد. وهنا أصبح يقود(فان) معدلاً وراثياً ليحوله إلى هيكل (وصلصال) ويصبح من فيه جثث هامدة وأخرى تئن لتلحقها في تصريح قادم وأخرى تسكن حركاتها بدائرة من السكون لتبقى في ذاكرتها زميلاتها اللواتي رحلن. تاركات وراءهن بيوتن عامرة بأطفال وأمهات حائرات وأباء يضربون يمناهم بيسراهم وقلوبهم أحرقها ألم الفراق! وصديقات وقريبات وطالبات وزميلات كلهن مفجوعات باكيات مستغيثات ومترحمات على فراق المعلمات الراحلات، فلقد ابتلعت الطرقات الدرر ولم تبق ولم تذر. مادام أنه لا يوجد لدينا في هذه البلاد وسائل نقل عامة، لماذا لا يوفر لهؤلاء المعلمات النقل المناسب، سيارات تتمتع بكل مقومات السلامة، يقودها سائقون أجري لهم فحص طبي ونفسي كامل وتعرضوا لاختبارات لمعرفة مدى مهارتهم في قيادة السيارات. كما المطلوب المزيد من الإجراءات من قبل وزارة التربية والتعليم وقد قامت مشكورة بتخفيض أيام دوامهن.