المنصب العالي يفرض على صاحبه مسؤوليات كبيرة، فالكل ينتظر من المسؤول صاحب المنصب الكبير.. الكثير، فهو يمثل الدولة التي اختارته ليقوم على خدمة الشعب ويعمل لمصلحة الشعب، ولذلك هو دائما تحت مرمى النقد واللوم، ما يضاعف الضغوط التي يعمل تحتها، وبالتالي يجدر به أن يعرف ما هو متوقع منه، وما الذي نجح أو أخفق فيه حتى يصبح مستعدا لأي تساؤل أو اعتراض أو محاسبة. وعندما يقرر سؤول أن يواجه المواطنين أو يقوم بزيارات ميدانية لتفقد العمل أو المنجزات لا بد أن يكون مستعدا للإجابة عن الأسئلة والمطالب بما لديه من معلومات وخطط، فمواجهة المواطنين ووسائل الإعلام فرصة للتعرف على المشكلات وتحسين الأداء، وبالتالي فإن حسن التعامل مع السائلين واحترامهم وإعطائهم إجابات مقنعة، وإظهار سعة الصدر تجاه أي انتقادات أو مطالب تظهر المسؤول بصورته التي افترض ولي الأمر وجودها فيه، وتجعله أمام الجمهور ومطالبهم القادر على تحمل مسؤولياته وإدارة شؤون جهازه، وحتى لو لم تكن لديه أجوبة شافية أو حلول ناجعة فبإمكانه التصرف بلباقة وحصافة. وعندما يصدر قانون جديد ننتظر من المسؤول أن يفسره ويوضح أهميته وما المشكلات التي سيحلها، بعد أن يكون قد عرض مشروع قانونه على الجهة المخولة بالموافقة عليه وناقشه قبل ذلك، وألا يوضع القانون موضع التنفيذ إلا بعد التأكد من جدواه. يحب المواطن في المواقف الصعبة وفي حالات وقوع الأزمات والكوارث أن يرى المسؤول متماسكا واثقا من نفسه قادرا على إعطاء التوضيحات والإجابات الشافية الكافية خلال المؤتمرات الصحفية أو أثناء استضافته في وسائل الإعلام حضوريا أو هاتفيا، فلا يرتبك من الأسئلة المحرجة، ولا يراوغ ويتهرب من الحقائق ويصب جام غضبه على السائل، فمن حق الكل الحصول على المعلومة الصحيحة مع الاحتفاظ بالاحترام المتبادل. بالطبع لا يفترض أن يكون المسؤول على دراية بكل مسألة، ولا أن يلزم بتحمل مسؤولية كل الأخطاء، فلكل مسؤولية حدودها، ولكنه ملزم باتخاذ كل ما يكفل تصحيح الوضع ويعين على علاج المشكلات بعد أخذ المشورة من المختصين وإعطائه الوقت الكافي والصلاحيات الكاملة لتأدية مهامه. كما أن وظيفة الوزير مهمة وشاقة ولها متطلباتها منذ القدم ولذلك يحكى أن الخليفة العباسي المأمون اشترط في الوزير معايير عالية لعظم مسؤوليته فيقول «إنِّي التمستُ لأموري رجلا جامعًا لخصال الخير، ذا عفَّةٍ في خلائقه واستقامةٍ في طرائقه، هذبته الآداب، وحنكته الوقائع، وأحكمته التجارب، إن اؤتمن على الأسرار قام بها، وإن قُلِّد مهمَّات الأمور نهض فيها، يسكته الحلم، وينطقه العلم، تكفيه اللحظة، وتغنيه اللمحة، له صولة الأمراء، وأناة الحكماء، وتواضع العلماء وفهم الفقهاء،إن أُحسن إليه شكر، وإن ابْتُلِيَ بالإساءة صبر، لا يبيع نصيب يومه بحرمان غده، يسترقُّ قلوب الرِّجال بخلابة لسانه وحسن بيانه».