تلك الفتاة التي زوجها والدها لمسن في السبعين من عمره مقابل تنازله عن دينه البالغ خمسين ألفاً.. وهي تلميذة بالصف الخامس الابتدائي! لم ينخفض رأس ولي أمرها الذي زوجها وهي بهذه السن إنقاذاً له من سيف الديون!.. ولم يتردد المأذون بعقد نكاحها.. ولم يعترض أحد من الناس الذين حضروا وليمة العرس، التي أصر العريس على إقامتها مفاخراً ومجاهراً، لأهل قريته التابعة لمحافظة الليث (جريدة عكاظ/ العدد 14281)؟ لم تقم قائمة المجتمع، ولم تهتز أركانه.. ما دام الحدث يسمى (زواجاً)!.. وبورقة مختومة!.. في زواجات من هذا النوع ليس مهماً بعدها إن حدث الطلاق بعد أيام لعجز الزوج أو صغر عقل الزوجة!.. ولن يحمل أحد ولي أمرها المسؤولية إن هربت من بيتها.. أو أصابت الأمراض العضوية والنفسية جسدها وعقلها.. أو تعرضت لإجهاضات وولادات خطيرة نتيجة حملها وهي ذات جسد لم ينضج بعد.. مهما حدث لها فهذا هو قدرها.. وما من مخطئ في الأمر كله!. لا يوجد لدينا سن قانونية لزواج الفتاة، فهي لا تعتبر «قاصراً» عندما يزوجونها في عمر الطفولة.. ولكنها تكون «قاصراً» وتحتاج للوصاية عندما ترث، وعندما تتعلم، وعندما تعمل، وعندما تخرج، وعندما.. وعندما.. إلى آخر يوم في حياتها.. مهما امتدت هذه الحياة! كثير من القصص تتحدث في مجتمعنا خلف الأبواب، لا تصل إليها مجاهر الصحافة والإعلام.. لأنها مكتومة الصوت! ولا تصل للقضاء لأن المعنيات بها لا يعرفن حقوقهن.. وهن لا يتكلمن.. وإن أردن أن يشتكين فلا يعرفن لمن؟ وأين؟ وكيف؟ قصص كثيرة تمر تحت عُرف يتداوله الناس مفاده «ولي أمرها.. وهو حر فيها».. وتصبح من المسكوت عنه.. مهما كانت نتائجها!.. في الوجه المقابل هناك مسكوت عنه من نوع آخر.. منه مثلاً المرأة المتزوجة من زوج منحرف مدمن مخدرات، ما يكاد يخرج من السجن حتى يعود إليه، تاركاً لها مهمة تسول الناس لتطعم نفسها وأطفالها.. تلك المرأة، وغيرها ممن ابتلين بأزواج فاسدين، حين تقصد إحداهن بعض الجمعيات الخيرية يرفضون مساعدتها لأن لديها «زوجاً»! ليس مهماً إن كان قائما بدوره كمعيل للعائلة، أو أنه هو عالة عليها.. المهم انه محسوب عليها «زوج»! وحين تطلب الطلاق من هذا «الزوج»، يقول لها القاضي: ٭ «ردي له مهره ليطلقك»!! [email protected]