على الرغم من الإجراءات المعقدة للاستقدام والشروط غير العادلة مابين طرفي العقد، وهو المستخدم من جهة وصاحب العمل من أرباب الأسر من جهة أخرى، ممَّن أُسقط في أيديهم ولم يعد لهم القدرة في بسط سلطتهم أو إرادتهم على سلوك وتصرفات مستخدميهم الذين يعملون داخل منازلهم؛ نتيجة الامتيازات التي تحصل عليها هذه العمالة كضمان وحماية لهم للحصول على حقوقهم، وفي المقابل فإنَّ المواطن هنا يعيش حالة من الإحباط لإحساسه بعدم وجود العدالة المنشودة، حيث أنَّه يلتزم عادةً بشروط الاستقدام والضمانات المطلوبة في هذا الشأن، في حين لا يجد هو من يضمن حقوقه ويحميه من أيّ تجاوزات تصدر ممن يفترض أنَّهم يعملون تحت سلطته، وذلك في حالة الامتناع عن العمل والرغبة في السفر –مثلاً-، أو ارتكاب بعض التجاوزات التي تؤرق أرباب العمل وتوقعهم في حيرة من أمرهم حول ما هيَّة الضمانات التي تتيح له الحصول على حقوقه. ولا يقتصر الأمر في هذه القضية على الأهالي، إذ إنَّ مكاتب الاستقدام تئن تحت وطأة أعباء إجراءات استقدام العمالة المنزلية، في ظل تنامي هذه الأعباء وتراكمها عاماً بعد آخر، دون وجود أيّ بوادر انفراج لهذه الأزمة. تكلفة الاستقدام وأشار "خالد العجاجي" -مسؤول أحد مكاتب الاستقدام- إلى أنَّ مكاتب الاستقدام لم تعد لديها القدرة في التحكم بالعمالة والتعامل معها، حيث إنَّ هذه العاملة أصبحت تلجأ لسفارات بلدانها للتدخل وحمايتها، في حين لا أحد يحمينا نحن في المكاتب، ومع ذلك فإنَّ تكلفة الاستقدام ترتفع بشكل مطرد، كما أنَّ رواتب العمالة تزداد دون وجود أيّ معايير يُستند عليها في ذلك، مُضيفاً أنَّ مكاتب الاستقدام لا تستفيد من ارتفاع التكلفة، فبينما يعتقد العميل أنَّ المبالغ التي يدفعها كفيلة بإحضار الخادمة في وقت قياسي. وأضاف أنَّ أصحاب المكاتب يتفاجأون بعدم التزام المكاتب هناك بمواعيدها، كما أنَّه في حال الهروب أو الامتناع عن العمل لا يتم تعويض المكاتب ببديل، وعندما تكون هناك مخالفة وعدم التزام بالعقد لا يتم التعويض أيضاً، كما أنَّه لا يتم تطبيق أيّ عقوبة قانونية على المكاتب المخالفة هناك، مُضيفاً: "نحن نلتزم بشروطهم، ولكنَّهم لا يلتزمون بشروطنا، وهذه مشكلة"، لافتاً إلى أنَّه في حال شكوى العمالة من أيّ مكتب هنا، فإنَّه يتم إيقاف التعامل معه. قائمة سوداء ودعا "العجاجي" الجهات المعنية إلى إيجاد قائمة سوداء بالمكاتب غير الملتزمة التي لا تلتزم بالعقود وتعطل عمل مكاتب الاستقدام المحلية، وبالتالي تعطيل العملاء من المواطنين، مشدداً على ضرورة عدم القبول بزيادة أسعار ورواتب العمالة دون ضابط أسوة بغيرنا من الدول المجاورة، مُشيراً إلى أنَّنا البلد الوحيد الذي ترتفع فيه تكلفة العمالة بشكل مطرد، لدرجة أنَّ إحدى الدول التي أُعيد فتح مجال الاستقدام منها مؤخراً تطالب بزيادة رواتب عمالتها المنزلية ووجود ضمانات بنكية. وأوضح أنَّ من بين أهم المشكلات التي تواجه أصحاب مكاتب الاستقدام في الداخل أنَّ إحدى الدول الآسيوية تحصر التعامل هناك مع مكتبين فقط، في حين أنَّ المجال مفتوح لهم ليتعاملوا مع جميع المكاتب، وهذا فيه إجحاف في التعامل. تطبيق النظام وقال "سعد البداح" -رئيس لجنة الاستقدام بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض، ورئيس الشركة السعودية للاستقدام-: "يجب أن يُفرض على ولي أمر العاملة التوقيع على كمبيالة أو سند ضمان، بحيث يتم في حال هروب العاملة إرجاع المبالغ التي تمَّ دفعها، وذلك بمجرد أن يخطر المكتب بهروبها"، داعياً إلى تطبيق النظام الذي ينص على أنَّ العامل لا يتم تسفيره حتى يتم التحقيق معه، ومن ثمَّ معاقبته، مشدداً على ضرورة إنشاء محاكم للمخالفين لنظام الإقامة، بحيث يطبق القانون بالسجن وتحميل سفارات بلدانهم المسؤولية. وبيَّن أنَّ هناك إحصائية تشير إلى أنَّ (95%) من العمالة المنزلية المُصدرة لدول الخليج تصل للسعودية، و(5%) منها لبقية دول الخليج، ممَّا يدل على أنَّ المشكلة ليست متفاقمة لدينا هنا بسبب ارتفاع نسبة الاستقدام مقارنة بدول الخليج التي لديها نفس المشكلات ويعانون منها أيضاً. هروب العمالة ولفت "د.عبدالله بن أحمد المغلوث" -مستشار اقتصادي، وعضو لجنة الاستثمار والأوراق المالية بهيئة سوق المال- إلى أنَّ عدد الخادمات العاملات في المملكة تجاوز مليون ونصف المليون خادمة، مُضيفاً أنَّ تكلفة استقدام الخادمة تتراوح من (20) ألف – (25) ألف ريال، في حين ترتفع هذه القيمة في شهر رمضان وموسم الأعياد، مُشيراً إلى أنَّ الأسرة تدفع ما يعادل (10%) من دخلها الشهري رواتب للخادمات، مُشدّداً على أهمية وجود مركز معلومات مرتبط بإدارة الترحيل لكشف الخادمات الهاربات دون علم الكفيل. وأكَّد على أنَّه من المهم وجود القوانين والتشريعات التي تطبق من خلالها العقوبات على من يعملون على تهريب الخادمات وتشغيلهن، سواءً من المواطنين أو العمالة الوافدة، مُضيفاً أنَّ "وزارة العمل" لم تضع القوانين الكافية التي تضمن حقوق المواطن في حال هروب خادمته، داعياً إلى إلزام مكاتب الاستقدام بتعويض المواطن بتأشيرة بديلة وبالمبلغ الذي دفعه في حال هروب العمالة. بنود العقد لم تنص على أي عقوبة سوى انتظار تسليم نفسها ثم إنهاء إجراءات الترحيل حق الكفيل وأبدت "مشاعل فهد" -ربة منزل- استياءها من حرص الجهات المعنية على ضمان حقوق العاملات في المنازل وإلزام الكفيل بالالتزام بها، إلى جانب منح الخادمة كافة حقوقها المادية في نهاية كل شهر، وتأمين المكان المناسب لها، وعدم تكليفها بأعمال إضافية، وغير ذلك من الحقوق، التي يُلزم الكفيل على الالتزام بها والتوقيع عليها قبل استلام الخادمة، في الوقت الذي لا يوجد فيه بند واحد في القانون يضمن حق الكفيل في حال هروب الخادمة أو سرقتها شيء من مقتنيات الكفيل. وذكرت "نورة الزهراني" –معلمة- تفاصيل هروب خادمتها الآسيوية، إذ إنَّها هربت منذ الشهر الأول من استقدامها، مُضيفةً أنَّ تكلفة استقدامها بلغت (20) ألف ريال، مُبيَّنةً أنَّها منذ أن اصطحبتها معها من مكتب الاستقدام وهي تطمئنها وتؤكّد لها أنَّها ستعيش معهم في المنزل كأيّ فرد من أفراد الأسرة، وبأنَّها ستعاملها معاملة حسنة مثلما تتعامل مع أبنائها، موضحةً أنَّها امتنعت بعد ذلك عن العمل لمدة تزيد على (10) أيام، ومع ذلك فإنَّها لم تحاسبها ولم تضغط عليها. وأضافت أنَّها كانت تؤدي الأدوار التي من المفترض أن تؤديها العاملة في المنزل طوال تلك الفترة، حيث إنَّها كانت بعد عودتها من عملها تعمل كل شيء في المنزل من تنظيف وإعداد للطعام وتقديمه لها لكي تأكل، إلاَّ أنَّها كانت ترفض الأكل والشرب ومشاركتهم في أيّ شيء، مُبيّنةً أنَّها استيقظت في أحد الأيام من النوم ولم تجدها في المنزل، حيث جمعت كل حاجاتها وأوراقها الثبوتية وهربت إلى جهة مجهولة. وأشارت "ريم القحطاني" –موظفة- إلى أنَّ خادمتها الآسيوية هربت قبل حوالي ثلاثة أشهر من الآن، مُضيفة أنَّها راجعت المكتب الذي استقدمها اعتقاداً منها أنَّها لجأت إليه؛ لكونها لا تعرف أيّ جهة غيره، إلاَّ أنَّ صاحب المكتب أكد لها أنَّها لم تأت قبل ذلك إليه، وطلب منها أن تتوجه إلى أقرب مركز شرطة للتعميم عليها، وبالفعل فعلت ذلك وبلغت عن هروبها، إلى جانب إخبار سفارة البلد الذي تنتمي إليها الخادمة، إلاَّ أنَّه لم يصلها أيّ خبر من أيّ جهة حتى الآن، لافتةً إلى أنَّها خسرت كامل المبلغ الذي دفعته لاستقدامها. ورأت "هند فواز" –ممرضة- أن يتم إلزام مكاتب الاستقدام المحلية بعدم إيصال الخادمة إلى منزل كفيلها، مُضيفةً أنَّ البعض يرفضون أن يستلمها الكفيل من المطار، مُشيرةً إلى أنَّ الخادمة التي أتت إليهم هربت قبل فترة من المنزل، لافتةً إلى أنَّ مكتب الاستقدام هو من خطط لهروبها، ممَّا جعل زوجها يُبلّغ الجهات الأمنية بالأمر لعدم وجود حل آخر، إلى جانب تحذير صاحب المكتب بأنَّه إذا لم يُعيد إليه ماله، فإنَّه سيشكوه إلى الجهات المعنية، فما كان منه إلاَّ أن أعاد المال خوفاً من الدخول في إشكالات قانونية. وأوضحت "سحر محمد" –موظفة- أنَّ الخادمة الهاربة بعد أن تجمع ما يكفيها من المال خلال فترة هروبها قد تلجأ إلى سفارة بلدها أو تسليم نفسها إلى الجوازات، حيث سرعان ما يتم استدعاء كفيلها وإخباره بوجودها وأنَّها ترغب بالسفر إلى بلدها وأنَّ عليه في هذه الحالة تسليم جواز سفرها أو استخراج تأشيرة "فيزا" لمغادرتها خلال أسبوع، مُبيّنةً أنَّ الأدهى والأمر هو مطالبة الكفيل الذي خسر ماله ولم يستفد من الخادمة بدفع قيمة تذكرة السفر، لتغادر هذه الهاربة إلى بلدها دون أدنى مساءلة. إنهاء إجراءات عاملات هاربات في مكتب أوضاع الخادمات في الرياض «أرشيف الرياض» التعامل من أفراد الأسرة يقلل من حالات الهروب غالباً خادمة حملت حقيبتها متوجهة إلى سفارة بلدها لتشكو كفيلها