البيع المبكر للوحدات العقارية، أياً كان نوعها، سكنية أو تجارية أو مكتبية أو خلافها قبل مرحلة التطوير، يعد أحد السبل التي تتيح للمطور العقاري الحصول على التمويل اللازم مباشرة، من خلال دفعات المشترين الراغبين في شراء تلك الوحدات العقارية، إضافة إلى أنه يوفر للمشتري فرصة الحصول على وحدة عقارية أو أكثر بتكلفة أقل، بل ومنحه أيضاً بعض الخيارات في مواصفات الوحدة العقارية التي يرغبها عبر هذه الآلية. ضوابط هذا البيع تحكمه لدينا اللائحة التنظيمية لبيع الوحدات العقارية على الخارطة التي أجد بالمناسبة عدم دقة استخدام مصطلح (خارطة) "map" في تسميتها، حيث الأصح استخدام مصطلح (مخطط) "plan" لاختلاف ما يعبر عنه كل من المصطلحين. لجنة الإشراف على تنفيذ لائحة البيع على "الخارطة"، لم يسبق ضمن إجراءاتها الترخيص بالبيع المبكر لوحدات عقارية تمثل قطع أراض مفرزة من مخطط لأرض خام، يتعهد المطور للمشترين مسبقاً بتوفير شبكة المرافق العامة في ذلك المخطط، على اعتبار أن هذا التطوير مرحلي والوحدات العقارية فيه منتج جزئي وليس نهائيا، وهذا هو الإجراء الصحيح والسليم وهو في الواقع ما تحتاجه تنمية القطاع العقاري، وبالذات السكني في المملكة حالياً، إلا إن الإلحاح من بعض المطورين العقاريين، والتقليديين منهم على وجه الخصوص، ومطالبتهم بالترخيص لهذا النوع من التطوير العقاري، الذي ساد زمن المساهمات العقارية، جعل لجنة الإشراف على تنفيذ اللائحة تستجيب لتلك الطلبات، وتصدر بموجب ذلك وزارة التجارة والصناعة قراراً بإضافة بندين إلى اللائحة التنفيذية للترخيص للمطورين العقاريين الراغبين في ممارسة نشاط البيع المبكر للوحدات العقارية في المملكة، ينص البند الأول على أنه في حال كون المشروع تطوير أرض خام بغرض بيعها بنظام البيع على "الخارطة" تقوم الأمانة بتقييم الأرض من قبل ثلاثة مقيمين عقاريين لاعتماد السعر الأقل، وينص البند الثاني على أنه في حال كون المشروع تطوير أرض خام، وبيعها بموجب نظام البيع على "الخارطة"، يتم تقديم ضمان مصرفي من قيمة الأرض على ألا يقل عن 20 % من قيمة التقييم العقاري للأرض. إقرار اللجنة ومن ثم موافقة وزارة التجارة على تعديل اللائحة لتشمل هذا النوع من المشاريع للبيع العقاري المبكر لم يكن في اعتقادي موفقا، لا سيما وأنه محاولة من بعض المطورين العقاريين للالتفاف على ضوابط صناديق الاستثمار العقارية (البديل عن المساهمات العقارية) المرخصة من قبل هيئة السوق المالية، التي تتيح الحصول على التمويل اللازم لمثل هذا النوع من المشاريع العقارية من خلال إجراءات تلك الصناديق، والتي وجد بعض المستثمرين العقاريين صعوبة في تحقيقها والوفاء بها فلجأوا إلى لائحة البيع المبكر للوحدات العقارية، الأمر الآخر أن الوحدات العقارية التي سيتم شراؤها مبكراً من المطورين ليس من الضروري أن تنتهي للمواطن الذي سيبني عليها وحدة سكنية أو تجارية أو مكتبية أو خلافها، وإنما ستنتهي في الغالب لمن يذكي بها نار المضاربة في سوق الأراضي، لاسيما من يكون توجهه شراء أكثر من قطعة أرض أو ربما عدد من البلوكات في تلك المخططات التي سوف تباع بتلك الآلية، يضاف إلى ذلك أن الأراضي الخام لهذه المشروعات غالباً ما تكون في أطراف المدن التي لن تصلها في كثير من الأحيان قدم المستفيد النهائي إلا بعد سنوات، وبالتالي استنفاذ قدر من العمر الافتراضي المتوقع لشبكة المرافق العامة في تلك المشروعات دون استغلال لها، وإلقاء تبعة تكاليف التشغيل والصيانة لتلك الشبكة بعد استكمال بيع قطع أراضي المخطط الذي يخلو بالتأكيد من أي حياة للناس فيه على الجهات المسؤولة عن المرافق العامة، حكومية كانت أو شبه حكومية. لقد كان من الأصوب أن يقيد إقرار البيع المبكر للوحدات العقارية في هذا النوع من المشاريع الاستثمارية، وذلك بأن لا يسمح لمن يرغب الشراء من وحداتها العقارية بالحصول على أكثر من واحدة، مع عدم إمكانية بيع الوحدة العقارية المشتراة (قطعة الأرض) إلا بعد إتمام دائرة تطويرها، ببناء المنشأة العقارية المسموح بإقامتها على تلك الأرض، فهذا الإجراء هو ما سيضمن ولو بالحد الأدنى التطوير الشامل والفوري لهذا النوع من المشاريع الاستثمارية وسرعة الاستفادة منها على غرار المشروعات التطويرية الأخرى التي يتم الترخيص لها بموجب إجراءات تلك اللائحة.