المملكة رئيساً للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «الأرابوساي»    "التجارة" تكشف مستودعًا يزور بلد المنشأ للبطانيات ويغش في أوزانها وتضبط 33 ألف قطعة مغشوشة    وفد عراقي في دمشق.. وعملية عسكرية في طرطوس لملاحقة فلول الأسد    مجلس التعاون الخليجي يدعو لاحترام سيادة سوريا واستقرار لبنان    الجمعية العمومية لاتحاد كأس الخليج العربي تعتمد استضافة السعودية لخليجي27    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي كبار ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة    الإحصاء: إيرادات القطاع غير الربحي في السعودية بلغت 54.4 مليار ريال لعام 2023م    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    استشهاد خمسة صحفيين في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة    السعودية وكأس العالم    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    «الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    المملكة ترحب بالعالم    رينارد: مواجهة اليمن صعبة وغريبة    وطن الأفراح    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبيل راغب والمنطق المعجمي
نشر في الرياض يوم 13 - 12 - 2014

إنه العمل المنطقي واللسان اللغوي والاحتواء الفكري والأدبي في سياق أعماله المعجمية التي أنجزها الدكتور نبيل راغب أستاذ النقد الأدبي بأكاديمية الفنون بالقاهرة المصرية، وقد وضع هذا الباحث الحثيث عدة معاجم محتواها الأدب والفكر والثقافة والفلسفة والفن عابراً كتاباته نحو التحديث المنطقي للمعاني والمعلومات والأفكار، وبين أيدينا خمسة معاجم عناوينها على التوالي:
دليل الناقد الأدبي.
موسوعة الفكر الأدبي.
دليل الناقد الفني.
موسوعة الإبداع الأدبي.
موسوعة النظريات الأدبية.
هذه المعاجم شملت معرفيات في عشرات المصطلحات الإبداعية التي يعرفها المؤلف في كل من كتبه المذكورة، وليست هي كتباً عادية المحتوى وإنما هي موسوعات فكرية وأدبية وثقافية وفنية تحتوي على أروع ما يمكن تعريفه في الموضوعات الموسوعية عند نبيل راغب، الشيء الذي جعله يتوسع في التعريف بالمصطلح الذي اكتشفه وجمعه في موسوعاته المذكورة، وإنه لجدير بتحمل النواحي الفكرية والذهنية والأدبية والفنية، حيث صب المؤلف أرتالاً من العبارات المبينة بأسلوبية منطقية قليل ما نراها عند مؤلفي المعاجم وخاصة في العصر الحديث، وقد ذكر مؤلفنا أن من أسباب تأليفه لهذه المعاجم حاجة الأدب العربي الحديث إلى مرجعية فنية وأدبية من خلال التعريف بمصطلحات وإشارات ورموز هذا الأدب.
وإذا أردنا أن نعرف سبباً آخر لهذا الوضع فإن المؤلف يوضح في موسوعته عن الفكر الأدبي قائلاً: (كان الدافع الأساسي وراء تأليف هذه الموسوعة خلو المكتبة العربية من الدراسات الأدبية والنقدية التي تتناول القضايا أو المضامين التي تشكل المحتوى الفكري للأعمال الأدبية).
ويواصل هذا الموسوعي قوله: (ونحن لا ننكر أن هناك دراسات أكاديمية قيمة سواء في مصر أو في العالم العربي، دارت حول هذه القضايا والمفاهيم في أعمال أديب معين، لكنها في النهاية دراسات تهم المتخصصين وغيرهم من المهتمين بمثل هذا الأديب بحكم أنها مقصورة عليه، ولا يعني هذا أن هذه المفاهيم ثابتة جامدة تماماً على المستوى الفكري بحيث يمكن أن تفرض أشكالاً فنية معينة، ويواصل قوله كان من أهداف هذه الموسوعة ترسيخ مناهج الأدب المقارن من خلال تتبع المفهوم الفكري الواحد عبر عصور متتابعة).
ولعل في العناوين عناوين المصطلحات إيضاحاً للمحتوى الموضوعي عند الموسوعي راغب أمثال: (الاغتراب، الألم، البحر، التكنولوجيا، الحب، الحرية، الخلود، الشرف، الطبيعة، الكون، الماضي، المستقبل...) إلى آخر ما هنالك من التعريفات والمصطلحات، فمنطق الرجل منطق موسوعي مستقيم التعبير وهادف المراد من المعرفة بالمصطلح الذي يتنوع مثله في كل فصل من الفصول وفي كل مصطلح من المصطلحات، وعلى الرغم من هذا العلو في تلك التعريفات بمعنى أنه عمل وضع للمختصين وهو الظاهر في السياقات في هذه الموسوعات، ولم يضعه المؤلف للعامة من المتلقين، وقد يحدث هذا لكن المتلقي العادي سوف يفوز ببعض الفهم لبعض من المعلومات عوضاً عن المتخصصين في مجالات الأدب والفكر والثقافة والفن، وقد وضح ذلك مؤلفنا من خلال تقديماته لمؤلفاته التي نحن بصددها، لكنه قد جعل في منهجه التأليفي هذا، توقعاً كي ما يتناول أي أحد موسوعة من موسوعاته وعملاً من أعماله وكتاباً من كتبه.
وبالنسبة لموسوعة الإبداع الأدبي يطرح المؤلف آداباً من المصطلحات كالأسلوب والبلاغة والخيال والفكاهة والمحاكاة واللغة، ولقد ذكرنا الدكتور نبيل بالجاحظ حينما تحدث عن المضمون والصورة، أما المعاني في الطريق وإنما العبرة بالأساليب وهذا ما ردده الدكتور نبيل حينما يقول في مقدمة موسوعة الإبداع الأدبي:
ولا يمكن لأديب أن يواصل إبداعه إلا إذا كان متمكناً منها فالأفكار والموضوعات والمضامين المختلفة ملك الجميع لكن العبرة بالمنظور والرؤية والصياغة التي تجعل القديم يبدو جديداً وكأننا نراه لأول مرة).
وبالنسبة (لموسوعة النظريات الأدبية) فإنها تناولت نظريات أدبية ونقدية فصلها أيما تفصيل ووضحها أيما إيضاح، إذ شملت على أوسع معاني المصطلحات النظرية للأدب والنقد والفن والشعر، وثمة مصطلحات حديثة إضافة إلى قدم بعض المصطلحات كالأسلوبية والاستشراقية والإيديولوجية والبنيوية والسيكولوجية وعلم الاجتماع والمدارس الأدبية والنقدية في العالم الحديث، وهنا سبب وباعث للتأليف المعجمي آخر، حيث يقول الدكتور (إنغمس المفكرون والنقاد العرب كعادتهم في النقاش التقليدي لإشباع براعتهم في الجدل والمحاجاة، وإذ بالدوائر الفكرية والأدبية والنقدية في الغرب تفاجئهم بصياغة تيار فكري وأدبي ونقدي جديد أطلق عليه "ما بعد الحداثية وينطوي على نظريات متنوعة في شتى مجالات الحياة ".
وفي موضع آخر يقول كذلك: "وفي خضم هذا المشهد مشهد النقد الأدبي أصبح علماً عالمياً وذلك على النقيض من الإبداع الأدبي التي تكمن عالميته في محليته.. كما أننا لا نملك في حياتنا الأدبية نظريات أو توجيهات متبلورة نابعة من تجاربنا الإبداعية، وهذا سبب كذلك.
من هنا كانت هذه الموسوعة أشمل بكثير من مجرد رصد وتسجيل لظهور هذه النظريات وملامحها وتفاصيلها وأعلامها وروادها ومراحلها وتراجعها أو إندثارها، ولعل القارئ يشتم رائحة شيء من التشاؤم عند الدكتور راغب إلا أن ما قام به من توسيع النظريات الأدبية بين دفة كتاب بلغت صفحاته أكثر من سبعمائة صفحة بعشرات من الفصول والمصطلحات الأدبية والثقافية والعلمية والفكرية، شارحاً كل ذلك بامتداد إسلوبي وسلاسة تعبير وغنى مليء بالمعنويات المصطلحية والمنطقية في سياقاتها المعجمية الوسيعة، وهذا يقودنا إلى المقدرة الثقافية الذاتية عند هذا الموسوعي الذي قام بهذه الأعمال منفرداً ووحيدا، حيث يذكرنا بالموسوعيين من العلماء والأدباء والمؤرخين المعجميين أمثال، خير الدين الشركلي، ومحمد فريد وجدي، وأحمد أمين، وشوقي ضيف وعباس محمود العقاد، هؤلاء وهم قلة رفعوا راية العلم والمعرفة والتاريخ والأدب في فضاءات مطيرة بالفكر والأدب والفن، وأثروا الأمم بالمعلومات بحكم خبرتهم واطلاعهم الواسع ووقوفهم على تراث الإنسانية الخالد ومن أسباب تأليف معجم دليل الناقد الأدبي للدكتور نبيل راغب إن دور النقد الأدبي -والقول للمؤلف- لا يقتصر على تحليل الأعمال الادبية لمساعدة الجمهور على تذوقها والاستمتاع بها بأسلوب أكثر وعياً وعمقاً بل يمتد ليشمل تأصيل التقاليد الأدبية وإبراز الصلة العضوية بين الأدب وجمهوره حتى لا يدخل الأدباء في طريق مسدود ولذلك كان من الضروري إصدار دليل الناقد الأدبي من اجل توعية جمهور المتذوقين بحقيقة المصطلحات المتداولة وأصولها التاريخية وتطورها من خلال أشكال فنية محددة ومتبلورة وفلسفتها الإنسانية والفكرية التي منحتها شخصيتها المتميزة ويقول مستطرداً: " إن هذا الدليل كذلك موجه إلى الناقد الأدبي حتى يكون بين يديه كلما تطلب عمله اللجوء إلى بعض التعريفات العلمية المحددة أو المراحل التاريخية التي ميزت الفن الأدبي الذي يعالجه أو الأعلام الذين حددوا مساره وملامحه، ثم مقارنة كل هذا بالعمل الأدبي الجديد ولعل من طموحات هذا الدليل إيجاد قنطرة تصل ما بين الحياة الأدبية الأكاديمية المنعزلة داخل أسوار المعاهد والجامعات، وبين الحياة الأدبية العامة التي نعيشها على صفحات الصحف ومن خلال أجهزة الإعلام ". وهذا يشكل قضية عميقة الجذور ما بين الأدباء والأدباء الأكاديميين، وهو موضوع قد طرحه كثير من رواد الأدب العربي بل والعالمي كذلك، كإشكالية ثقافية وعلمية وأدبية، ولابد من التوفيق بينهما، حيث احترم كثير من المحدثين كثيراً من الأقدمين، وذلك كشخصيات أدبية عامة من قبل أكاديميين الذين كان روادنا يدفعونهم إلى الأمام قدما. ولله في خلقه شؤون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.