أحد أفلام التشويق والجريمة المستقلة المميزة لهذا العام هو فيلم "برودة في يوليو" "Cold In July". وهو مقتبس عن رواية تحمل نفس العنوان للروائي وكاتب السيناريو الأمريكي جو آر لانسديل، وقد قام باقتباس الرواية للسينما مخرج الفيلم جيم ميكل والكاتب نك داميسي، الذي مثل دوراً ثانوياً في الفيلم أيضاً. ما يميز هذا الفيلم هو عدم تقليدية قصته وتحولات شخصياته، وغرابة جوه العام الدرامي الذي يتأرجح بين الكوميديا السوداء والتراجيديا وخاصة في النهاية. تقع قصة الفيلم في صيف عام 1989، حيث تقوم آن (فينيسا شاو) بإيقاظ زوجها، ريتشارد داين، (مايكل سي هول)،في منتصف الليل وهي خائفة لتخبره بأنها تسمع صوتا خارج الغرفة، يصحو ريتشارد ويتوجه مذعوراً لأخذ مسدسه من مكانه ويتجه للصالة، ثم وبمجرد أن يشاهد شخصاً غريبا ملثماً، يطلق عليه الرصاص. ينهار ريتشارد بعد رؤيته للدماء في كل مكان ويبلغ الشرطة التي تحضر سريعاً للمنزل، يبدي العمدة (نك داميسي) تعاطفاً مع ريتشارد ويخبره بأن اللص هو مطلوب سابق وأن اسمه هو فريدي راسل. ثم يسجل سريعاً في تقريره أن الجريمة هي دفاع عن النفس. يشعر ريتشارد بالاضطراب، ويبدو واضحاً أنه هناك شعورا خفيا بالذنب مع الارتباك بأن الآخرين يرون فيما فعله أمراً طبيعياً. تراود ريتشارد مشاعر متضاربة أثناء وجوده في محله حيث يصنع إطارات للوحات فنية، فيذهب للمقبرة وقت دفن القتيل، ويقابل أبوه بن راسل(سام شيبرد) وهو، كما عرف ريتشارد من الشرطة، قد خرج حديثا من السجن بعد ارتكابه لجريمة قتل. ويلمح راسل الأب لريتشارد بأنه سينتقم منه في ابنه الصغير (بروغان هول). تبدو الأمور إلى حين نصب الشرطة كمين لراسل الأب على أنها فيلم عادي، ولكن كل ما يحدث بعد ذلك هو شيء مختلف ومثير للتأمل، حيث يجر حدث حدثاً آخر بشكل لا يمكن التنبؤ به ويقلب التحالفات المعتادة، كما أن ظهور مخبر سري يعمل لحساب راسل (جيم بوب) ينقل الفيلم إلى مسار آخر. كما يتزايد العنف بشكل مطرد بالتوازي مع تحول كبير في شخصية ريتشارد، وقد أداها مايكل سي هول (الممثل الشهير بديكستر) بكل اقتدار. نرى كل الأطراف الرئيسية في القصة تنفذ العدالة بطريقتها، بدءاً من الشرطة إلى ريتشارد إلى الأب. ويبدو أن الرد على جريمة بشعة بجريمة لا تقل عنها بشاعة أمر معتاد. ولكن عنوان الفيلم، يشير إلى أن شيئاً غير طبيعي يحدث، فيوليو هو شهر الأجواء الحارة، ولذلك فالبرودة هي أمر خارج عن الطبيعة، كما أن البرودة تشير إلى قلة العاطفة وهي تتجلى في الفيلم بالعنف الذي تمارسه الشخصيات بكل أريحية. لا شك أن الأداء المميز للفيلم وخاصة من قبل الثلاثي هول وشيبرد وبوب هو إحدى علامات القوة في الفيلم. كما أن هناك أسلوبية خاصة للمخرج في طريقة تصوير المشاهد. كما نلاحظ، في بعض مشاهد العنف، التركيز على الدماء بشكل يذكر من بعيد بالمخرج الشهير كوينتين تارانتينو، وإن كان المخرج هنا أكثر جدية وتراجيدية من تارنتينو بكثير. ويحسب للفيلم التصوير والموسيقى التصويرية له بشكل خاص. وقد كان العرض الأول للفيلم في مهرجان صندانس ثم بعد ذلك تم عرضه ضمن أسبوعي المخرجين في مهرجان كان لهذا العام. ويعد "برودة في يوليو" هو الفيلم الرابع لمخرجه، وهو حسب شهادة العديد من النقاد، الفيلم الأفضل له. وقد أخرج في عام 2006 أول أفلامه بعنوان "Mulberry Street" ثم أتبعها بفيلم "Stake Land" عام 2010، ثم فيلم "We Are What We Are" عام 2013. وجميع هذه الأفلام أخرجها ميكل وكتبها مشاركة مع كاتبه نك داميسي. وإن كان، قد بدأ بالتشويق في فيلمه الأول، ثم اتجه في فيلميه التاليين للرعب، فقد عاد في فيلمه الرابع والأخير إلى التشويق بشكل متمكن.