بدأ أصحاب الجلالة والسمو قادة ورؤساء دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في العاصمة القطريةالدوحة مساء أمس أعمال الدورة الخامسة والثلاثين للمجلس الأعلى بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. ورأس وفد المملكة العربية السعودية، نيابةً عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -، صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع. ويضم الوفد الرسمي المرافق لسمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب وزير الخارجية وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس ديوان سمو ولي العهد والمستشار الخاص لسموه، ومعالي وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ومعالي وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف. وفور وصول أصحاب الجلالة والسمو قادة ورؤساء دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى قاعة القمة التقطت الصور التذكارية. وفي مستهل الجلسة الافتتاحية تليت آيات من القرآن الكريم. ثم ألقى الشاب حمد مجيغير والفتاة بثينة عليم الله كلمة الشباب الخليجي أعربا خلالها عن التقدير لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس على حرصهم على تنمية بلدانهم وخدمة شعوبهم وتعاونهم فيما بينهم لنصرة الأمة في قضاياها. إثر ذلك أعلن صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر (رئيس الدورة الحالية) افتتاح أعمال القمة. وأعرب سمو أمير دولة قطر في كلمة افتتح بها أعمال القمة عن أمله في أن تؤسس القمة ال 35 لانطلاقة جديدة في العلاقات الخليجية عبر تعزيز روح التآخي والتضامن. وأكد سموه أن دولة قطر سوف تكون كعهدها مساهمًا فعالًا في تعميق هذه العلاقات وتعزيز التعاون والتكامل في جميع المجالات التي تعود بالخير على الدول والشعوب الخليجية. وقال سموه: "إنه لا شك أن الاتحاد الخليجي الذي تضمنته مبادرة أخي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود سيظل هدفًا ساميًا، ومنه إلى الاتحاد العربي بإذن الله، غير أن الإيمان بهذا الهدف والإصرار على تحقيقه يتطلبان منا أن ندرك أن خير سبيل لتحويله إلى واقع هو التحرك بخطوات تدريجية قائمة على تكامل المصالح الاقتصادية والعلاقات الاجتماعية والثقافية بين شعوبنا، ولكنها واثقة وتؤدي في النهاية إلى تحقيق أهدافنا ومصالحنا المشتركة. رصيدنا في هذا إنجازات مسجلة في صفحات التاريخ في ظل ظروف لم تكن سهلة ميسورة ". وأضاف سموه: "لقد آن الأوان أن يحدّد مجلس التعاون دوره وموقعه في الخارطة السياسية للإقليم بناء على مكانة دولِه الإستراتيجية ومقدراتها ومصالحها المشتركة. فالدول الكبرى لا تنتظر، ولا تصغي للمناشدات الأخلاقية. وهي كما يبدو تتعامل بلغة المصالح فقط، ومع من يثبت قوته على الأرض في الإقليم". وتناول أمير دولة قطر في كلمته مظاهر العدوان وإرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل في الأراضي الفلسطينية عبر النشاطات الاستيطانية والاعتداء على حرمة المسجد الأقصى وإجراءات تغيير هوية القدس وتدنيس مقدساته، وممارساتها العدائية المنافية لأبسط الأعراف الدولية. ودعا سموه خلال كلمته العالمين العربي والإسلامي إلى اتخاذ وقفة جادة وقوية للدفاع عن مقدسات الأمة، ولا سيما في القدس، والذود عنها وتقديم العون اللازم لدعم جهود الشعب الفلسطيني في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية. وقال: إن استمرار المجتمع الدولي في الوقوف متفرّجاً وصامتاً إزاء الممارسات الإسرائيلية غير المشروعة يعد جريمة كبرى بحق الإنسانية، داعياً المجتمع الدولي وبخاصة الأطراف الفاعلة في عملية السلام أن تفرض على إسرائيل الإذعان لجهود السلام والتوصل إلى تسوية عادلة وشاملة تستند إلى قرارات الشرعية الدولية، وتفضي إلى إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني. وفيما يتعلق بالشأن السوري أوضح الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أن من أهم أسباب تفاقم الأزمة السورية غياب رؤية واضحة لدى القوى المؤثرة في المجتمع الدولي لحل هذه الأزمة، وإصابة النظام الدولي بعُطْب حقيقي هو ازدواجية معايير الشرعية الدولية. وأشار إلى فشل مجلس الأمن في حماية المدنيين من جرائم الحرب والإبادة الجماعية، في مقابل إصرار النظام السوري على رفض الحل السياسي واعتماد الحل العسكري الشامل. ودعا سموه المجتمع الدولي مجدّداً إلى التوافق الدولي والإقليمي، وأن يتخذ مجلس الأمن القرار اللازم لوقف أعمال القتل والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها النظام السوري، وتحقيق الحل السياسي الذي يلبي تطلعات الشعب السوري. وأشار إلى الأوضاع الراهنة في كل من ليبيا واليمن والعراق مشدداً على ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية من أجل مساعدة تلك الدول على تجاوز ظروفها الراهنة، معرباً عن أمله في توافق الحكومات والقوى السياسية في تلك الدول على مصالحات وطنية تضع حداً لأعمال العنف وتلبي تطلعات شعوبها في الأمن والاستقرار. وأوضح سموه أن ظاهرة الإرهاب التي يشهدها عالمنا المعاصر، ومنطقتنا العربية على نحو خاص، وما تشكّله من تحدٍ خطير للأمن والاستقرار والتنمية تستدعي منا، ومن المجتمع الدولي بشكل عام، تكثيف الجهد الجماعي واتخاذ التدابير اللازمة كافة لمواجهتها واستئصال جذورها وعلاج أسبابها الحقيقية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، داعياً إلى بذل الجهود لتجنيب المجتمعات العربية آفة التطرف والإرهاب بالوقاية قبل العلاج. الشيخ صباح الأحمد: الاتحاد الخليجي هدف وأمل يتطلع إليه أبناء دول المجلس إثر ذلك ألقى صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت كلمة أكد فيها أن القلق المشروع والتخوف المبرر على مسيرة مجلس التعاون دفع إلى العمل بكل الجد والاجتهاد للحفاظ على هذه المسيرة في ظل ظروف إقليمية بالغة الدقة. وقال: "ينعقد اجتماع مجلسنا اليوم بعد عام من انعقاد آخر دورة له في دولة الكويت، عشنا خلاله قلقًا وتخوفًا على مسيرة مجلسنا المباركة دفعنا لنعمل بكل الجد والاجتهاد للحفاظ على هذه المسيرة وصيانة مكاسبها في ظل ظروف إقليمية ودولية بالغة الدقة جعلت من قلقنا مشروع وتخوفنا مبررًا وانعكست على مسيرة عملنا المشترك وأدخلته في حسابات كادت أن تعصف به وتنال من كياننا الخليجي الذي بات يمثل الأمل والرجاء لأبناء دول المجلس". وأضاف: "إننا نؤمن أن الاختلاف في وجهات النظر وتباينها أمر طبيعي بل ومطلوب ولا يدعو إلى الجزع على أن لا نصل بذلك إلى مرحلة الخلاف والتشاحن والقطيعة التي ستقود بلا شك إلى إضعافنا وتراجع قدراتنا في الحفاظ على ما تحقق لنا من إنجازات.. ومما يدعونا إلى البعد عن الخلاف والقطيعة أننا نملك مقومات اللحمة والوحدة وبما يفوق كثيرا عناصر القطيعة وبهذه المقومات وبالتواصل والحوار الأخوي بيننا سنكون قادرين بعون الله أن نهزم أي خلاف ونسمو بإخوتنا التي تجسد المصير الواحد والتاريخ المشترك". وأشار سموه إلى أن الحديث عن الاتحاد بين دول المجلس وحتميته يمثل هدفاً وأملاً يتطلع إليه أبناء دول المجلس ويأتي انسجاماً مع النظام الأساسي وتفعيلاً لقرارات العمل المشترك، مؤكدًا أنه يتوجب العمل على أيجاد أساس صلب يمهد للدخول إلى مرحلة الاتحاد أساسًا يجسد تجاوز الخلافات ويحصن هذه التجربة، داعيًا إلى التفكير في تشكيل لجنة رفيعة المستوى تضم خبراء اختصاصيين تتولى استكمال دراسة موضوع الاتحاد من مختلف جوانبه وترفع مرئياتها ومقترحاتها بالصيغة المثلى للاتحاد إلى المجلس الوزاري ومن ثم ترفع للمجلس الأعلى. وأكد سمو أمير دولة الكويت أن بعد نظر أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس وحكمتهم وحرصهم على هذه المسيرة المباركة بما تحمله من وحدة المصير وروابط القربى والنسب كان له الأثر البالغ في تجاوز تلك الظروف الاستثنائية وذلك في اللقاء الأخوي الذي عقد في رياض الخير وبضيافة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود الذي أتى ترسيخا لروح التعاون الصادق وتأكيدا على المصير المشترك وتجسيدا لتطلعات أبناء دول الخليج وأثمر عن التوصل إلى اتفاق الرياض التكميلي ليتمكن الجميع من دعم هذا الصرح الشامخ وتحصينه في مواجهة التحديات المتصاعدة. وأشار إلى أن من التحديات التي تواجهها دول مجلس التعاون اليوم انخفاض أسعار البترول إلى مستويات باتت تؤثر على المداخيل وبرامج التنمية، داعيًا إلى تعزيز مسيرة العمل الاقتصادي الخليجي المشترك والتأكيد على ضرورة تنفيذ مجموعة من القرارات المهمة التي تضمنتها الاتفاقية الاقتصادية بين دول المجلس لمواجهة آثار تلك التحديات. وفي الشأن السوري أعرب سمو أمير دولة الكويت عن الأسى إزاء عجز المجتمع الدولي بكل ما يملكه من إمكانات عن تحقيق تقدم ملموس في وقف هدير آلة القتل والدمار عن الاستمرار في حصد أرواح عشرات الآلاف في سوريا وتهجير الملايين في الداخل والخارج وتهديد للأمن والاستقرار ليس للمنطقة فحسب وإنما للعالم بأسره. وحول قضية الجزر الثلاث التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، دعا سمو أمير دولة الكويت، الجمهورية الإسلامية الإيرانية للاستجابة لمساعي دولة الإمارات لحل القضية عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى التحكيم الدولي. وحيال القضية الفلسطينية قال: "إنه على رغم الجهود الحثيثة التي تبذل لانتشال عملية السلام في الشرق الأوسط من تعثرها إلا أن تعنت إسرائيل وإصرارها على الاستمرار في بناء المستوطنات وتدنيس المقدسات وتكرار الاعتداءات على المسجد الأقصى ورفضها الانصياع إلى قرارات الشرعية الدولية حال دون تحقيق التقدم الذي نتطلع إليه في السلام العادل وأدى إلى استمرار بقاء القضية الفلسطينية دون حل. وأكد سمو الشيخ صباح الأحمد الموقف الثابت في نبذ الإرهاب والتطرف بكافة أشكاله وصوره وأيا كان مصدره أو دوافعه. ونوه سموه بمتابعة بلاده باهتمام تطورات الأوضاع على الساحة اليمنية وما آلت إليه بسبب عدم التزام أحد الأطراف باتفاق السلم والشراكة الأمر الذي قوض فرص إحلال السلام والاستقرار وعرقل تنفيذ المبادرة الخليجية. وبشأن البرنامج النووي الإيراني، أشار سمو أمير دولة الكويت إلى أن المفاوضات حوله لاتزال تمضي دون الوصول إلى اتفاق نهائي يطمئن العالم بطبيعة ذلك البرنامج ويمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من ممارسة إجراءاتها في مراقبة المفاعلات الإيرانية داعيا إيران إلى ضرورة الالتزام التام بالتعاون مع المجتمع الدولي ولا سيما الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتطبيق أعلى معايير الأمن والسلامة في منشآتها النووية لتبديد مخاوف دول الجوار. وحول الوضع في ليبيا، أوضح سمو أمير دولة الكويت ان ما تشهده ليبيا من نزاع مسلح بين الفرقاء يدعو للقلق لما يشكله من بؤرة أخرى تهدد الأمن والاستقرار، داعيًا إلى ضرورة الإسراع في وقف فوري لأعمال العنف وإجراء مصالحة وطنية عبر حوار يتم فيه تغليب العقل. من جهته نقل معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني للقادة تحيات وتقدير مواطني دول مجلس التعاون الذين سعدت قلوبهم واطمأنت نفوسهم واستبشروا خيرًا بنتائج الاجتماع المبارك لأصحاب الجلالة والسمو الذي عقد بمدينة الرياض في السادس عشر من نوفمبر الماضي، وما تم التوصل فيه من اتفاق الرياض التكميلي والنتائج الإيجابية التي برهنت على وحدة المجلس وتماسكه وقوته وحرص القادة الأكيد على ترسيخ روح التعاون الصادق والتضامن الوثيق بما يحصن دول المجلس من الأخطار المحدقة به في ظل الظروف البالغة الدقة التي تمر بها المنطقة. وتوجه معاليه إلى الله القدير أن يحمي دول مجلس التعاون من كل مكروه وأن يديم عليها نعمة الأمن والأمان. وأكد معاليه أن قرارات المجلس الأعلى وتوجيهات القادة السديدة بشأن المشاريع الإستراتيجية المشتركة والتشريعات الاسترشادية والموحدة وتعميق التكامل في ميادينه كافة وتوسيع مجالات التعاون والتنسيق المشترك بين دول المجلس والدول الشقيقة والصديقة يجري تنفيذها ومتابعتها بحرص دائم من قبل المجلس الوزاري والمجالس واللجان الوزارية المختصة لتحقيق المزيد من الإنجازات لصالح مواطني دول مجلس التعاون وتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك وترسيخ هذا الكيان للأهداف السامية النبيلة. عقب ذلك كرم أصحاب الجلالة والسمو قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال الجلسة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة بمناسبة منح منظمة الأممالمتحدة لسموه لقب "قائد إنساني" وبتسمية دولة الكويت "مركزًا للعمل الإنساني"، وذلك لجهود سموه المتميزة في العمل الإنساني الدولي. وأعرب سمو أمير دولة الكويت عن سروره بأن يتقدم لأخيه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر الشقيقة ورئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ولإخوانه أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون بأرفع آيات الشكر وعظيم الامتنان على هذا التكريم بمناسبة تسمية منظمة الأممالمتحدة لدولة الكويت "مركزًا للعمل الإنساني" ولإطلاقها علينا لقب "قائد للعمل الإنساني". وقال سموه: "إن تكريم منظمة الأممالمتحدة لدولة الكويت ولنا إنما هو تكريم كذلك لكافة دول مجلس التعاونِ، قادة وشعوبًا، فأفراحنا ومشاعرنا ومسراتنا واحدة" مشيداً بالسجل الحافل المشرف والمشهود في مجال العمل الإنساني لدول مجلس التعاون وشعوبها كافة التي دأبت ومنذ القدم وبما جبلوا عليه من حب الخير والإحسان إلى تقديم المساعدات لكل محتاج وإلى إغاثة المنكوبين جراء النزاعات والحروب والكوارث الطبيعية. بعد ذلك ترأس صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر جلسة العمل المغلقة مع إخوانه أصحاب الجلالة والسمو قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في إطار أعمال القمة الخامسة والثلاثين لقادة دول مجلس التعاون الخليجي بفندق شيراتون الدوحة مساء اليوم. ويناقش القادة خلال الجلسة الموضوعات المدرجة على جدول أعمال الدورة.