حادثة العارضة بجازان والتي ذهب ضحيتها 21 شخصاً معظمهم من الأطفال صبياناً وبنات وسيدات وعدد من الرجال ماتوا (تفحماً).. لاحظوا (تفحماً) إثر صدام بين شاحنة وقود تسير بطريق مظلم بلا أنوار أو إشارات وتصطدم فجأة بموكب فرح لبست نساؤه وأطفاله ورجاله أجمل الثياب وزينت جباههم بالورد والرياحين الجيزانية.. الطريق إلى فرح تحول إلى طريق لهب وتفحم وأشلاء ودماء.. وكالات الأنباء والفضائيات نقلت الخبر الكارثة.. إعلامنا الرسمي إذاعة ومحطات التلفزيون الأربع غابت كلياً عن الحدث واهتمت به بشكل غير مرض الصحافة.. هذه الحادثة لابد أن تفتح ملفاً كبيراً يبدو انه أكبر كثيراً من حجم إدارة المرور بل لابد أن يكون مفتاح هذا الملف مع رجل الأمن الأول الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية لأن الحناجر بُحت والأقلام جفت وهي تكتب وتقول ان الحوادث المرورية داخل المدن وعلى الطرقات السريعة والبطيئة إن كان لدينا طرق بطيئة لكن المقصود غير المزدوجة زادت على حدها ومعدلاتها المعقولة.. ولعل السبب الرئيسي هو عدم تطبيق الأنظمة المرورية وعدم التواجد الميداني لرجال المرور سواء داخل المدن أو خارجها.. وكنت أتمنى لو أن مدير الإدارة العامة للمرور وزملاءه الكرام وقفوا قليلاً على طريق الرياضالقصيم أو الرياضالخرج أو الطريق الدائري خاصة الشمالي والشرقي وشاهدوا المخالفات المرورية الجسيمة التي يرتكبها السائقون والتي تصل إلى درجة (العربدة) والجريمة خاصة من سائقي الشاحنات بكل أنواعها دون تحديد وهي : حافلات نقل الركاب بكل أنواعها - شاحنات نقل البضائع - وايتات نقل الوقود والمياه والصرف الصحي - ناقلات الاسمنت - ناقلات السيارات - وقس على ذلك كثيراً إضافة للسيارات الصغيرة التي تسرع وتسرع حتى تقتل سائقها ومن حوله. لقد افتقدنا رجل المرور وسط الشارع وعند الإشارة وفي التقاطعات الخطرة وفي الطرق السريعة وأوكل الأمر لكاميرا صامتة ربما التقطت رقم سيارة مخالفة أو تغاضت عنها بسبب تعطل التكنولوجيا.. .. يجب أن يعود رجل المرور ويساعده رجال الأمن بكل أطيافهم - الشرطة - أمن الطرق - الدوريات - إضافة لأصدقاء المرور لأن ما حدث في شوارعنا شيء مؤلم ومؤسف وجريمة في حق الوطن والمواطن علينا أن نتصدى لها فالضحايا يتزايدون والمستهزئون يتزايدون والتهاون تجاه ذلك يتزايد.. إنني أستغرب جداً ممن يطالب بإسقاط عقوبة السجن عن قاطعي الإشارة والمخالفين المزعجين المستهترين.. في الوقت الذي يجب أن نفعّل فيه قرار سحب الرخصة من السائق المخالف لمرات متكررة وحجز السيارة لمدة تتفاوت بين أسبوع إلى شهر ومنع المخالف من القيادة. لقد تلقيت قبل أشهر رسالة من مواطن سعودي يملك شاحنة ذهب للإمارات لنقل بضائع وارتكب مخالفة تجاوز شاحنة أخرى فأوقفته دورية المرور وأعطته مخالفة بعشرة آلاف درهم تخيلوا عشرة آلاف درهم لتجاوز في طريق بري.. ويشتكي أن المبلغ كبير وان شاحنته محجوزة وينتظر أن يصله المبلغ من السعودية ليسدد المخالفة ويفك حجز سيارته ويعود للمملكة ولن يكرر سفره للإمارات.. وأنا أسأل مرورنا العزيز متى أوقف شاحنة تعربد وسط الطريق بالسرعة والتجاوز غير النظامي والسير على المسار الأيسر وغيرها من المخالفات التي تسبب عشرات الحوادث يومياً؟.. ولعل حادثة العارضة وتفحم أجساد الضحايا وهي معطرة بالفل والكادي في ليلة فرح لم تتم.. شاهد صادق على فجاعة الحوادث المرورية التي تسجل يوماً بعد آخر أرقاماً مؤلمة تستدعي حلاً جذرياً..