ليست هذه المرة الأولى التي أكتب عن سيدة الأدب الجليلة رضوى عاشور، لكن هذه المرة هي خارج هذه الدنيا عند دنيا الله الواسعة، غفر الله لها ورحمها وجبر الأدب العربي بخسرانه لها. سيدتنا رضوى غزير إنتاجها ما بين رواية وقصص ومقالات قصصية (ومنها تقارير السيدة راء)، ونقد أدبي وترجمة، إن صح أن يقال عن بيتها (بيت أدب) فهو كذلك، زوج وابن شاعران، تتلبسهما القضية الفلسطينية. هي الأستاذة الجامعية الملتزمة بقضايا أمتها وشعبها، تمتزج القاصة بها بالتاريخية، في (ثلاثية غرناطة) تنقلنا لآخر أيام الفردوس المفقود، تحرك شخصياتها من بطن التاريخ وتحرك قلوبنا معها، ونكاد نرى الماضي حاضراً في العالم العربي اليوم. رضوى تكتب بصدق أقرب للعفوية وبذكاء وبنظرة تاريخية حاضرة نعيش الحدث وكأنه يسير أمامنا. التزامها بقضايا الأمة كثيراً ما تسبب بمشاكل لها ولعملها، أوردت ذلك في كتابها ((أقوى من رضوى)). والذي تحكي به حاضرها وبعضاً من ماضيها. وما لاقته في ضغوط في عملها، تعمل أستاذة في جامعة عين شمس وكيف عادت من المستشفى بأمريكا إلى القاهرة لتذهب للتحرير أثناء ثورة 25 يناير. تتحدث عن مرضها، وبشيء من الحيادية، لا تحكي قصص الآلام ولكن تحكي قصة العلاج ورحلته الطويلة والمملة، تنقلنا لعالم المستشفيات ومن ذاق عالم المستشفيات يعرف ذلك جيداً. عند عرضها لذلك تشعرنا أن فجر العافية سيشرق، لكنه للأسف لم يشرق. كان قضاء الله تعالى. وفقدنا نجمة مشرقة من نجوم الأدب، نجمة زودت المكتبة العربية بروايات ولو أخذنا فقط (ثلاثية غرناطة) بما حملته لنا من عوالم كبيرة ومميزة ومن اختيارها لبداية اللحظة. في إنتاجها الإبداعي الشيء الكثير وكذا في إنتاجها النقد الأدبي: البحث عن نظرية للأدب / دراسات في الكتابات النقدية الأفرو أمريكية (بالإنجليزية). الطريق إلى الخيمة الأخرى / دراسة في أدب غسان كنفاني، صيادو الذاكرة /في النقد التطبيقي. الحداثة الممكنة: الشدياق والساق على الساق.. وغير ذلك، كما لها ترجمات عديدة. أعترف أنني غير محايدة مع الكاتبة رضوى عاشور رحمها الله، لقد أحببت كلماتها ورواياتها، قالت عن الرواية (الرواية كالعفاريت لا تدري متى تطلع لك) و(أكتب.. لأنني أحب الكتابة، وأحب الكتابة..لأن الحياة تستوقفني، تدهشني تشغلني، تستوعبني تربكني، تحيطني، وأنا المولعة بها). ولعلي أختم بعبارتها في الطنطورية (البكاء في داخلها وإن بدأ الصمت يرتفع ليملأ أسماع المارة في الشارع..) لعل ذلك الآن لأغلب المصريين والعرب من محبيها.. رحمك الله رحمة واسعة وغفر لك وأجزل لك الأجر على ما قدمته للنهوض بالروح العربية.. كنت تحاولين تطعمينها قبلة الحياة، فذابت حياتك.