أوصى الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم إمام وخطيب المسجد الحرام المسلمين بتقوى الله عز وجل. وقال إن أيام المرء حبل ممدود لا يدري متى ينقطع وطرفا هذا الحبل ماض وحاضر ومستقبل، فلربما التفت إلى الماضي يتحسر عليه فيقنط أو يحزن عليه فيكسل ولربما التفت إلى المستقبل مشرئبا إلى معرفته قبل أوانه وتذوقه قبل إبانه ليس له إلا الحاضر الذي يعيش فيه لان أمس الماضي لا يحس بشدته ولان مستقبل غيب والأمر فيه على خطر فليس للمرء إلا الساعة التي يعيش فيها فلن يستطيع رد الأمس ولا تأجيل الغد وهو مادام ذا روح يقلبها فهو يعيش على أمر قد قدر لا يخلو فيه من مصيبة كما أن النسيم لا يهب عليلا سرمدا في حياة المرء دون ما قتر إذ المنغصات كثيرة والمشوشات حديثة والإنس في الحياة ذو فتح وذو مذاق فمن هذه المخاطر والحادثات ينشأ هاجس اقلق القلوب وافزع الرجال والنساء وهو الهم الذي هو شعور يعتري المرء فيودع في نفسه الحزن والاضطراب واليأس ليزاحم الأنس والاستقرار فلا يهنأ حينها بنوم ولا يلذ طعام ولا يسبغ شرابا انه الهم الذي يشعر المرء بان النهار لن يدرك الليل وان الليل لن يعقبه نهار ليجعل الدقيقة ساعات طويلة وما أطول الليل على من لم ينم. وأضاف يقول والهم يجعل البال مشتتا والفكر مشغولا يضيق على المرء الواسعة بما رحبت ولو سكن قصرا ضخما أو برجا مشيدا فيصير صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء حتى يكون حرضا أو يكون من الهالكين . ومن منا الذي عاش عمره كله بلاهم أو لم يصبه دخان الهم وغباره إلا ما شاء الله صاحب المنصب والشرف يتوجس فقده كل لحظة فيصيبه الهم وللابوان هموم كثيرة بسبب حاضر الأولاد ومستقبلهم فهما مهمومان بكسوة هذا وتزويج تلك وتوظيف هذه وتربية ذاك وانه لمخطئ اشد الخطأ من جعل الهم حكرا على ذوي المسكنة وملتحفي المسغبة والإملاق لأننا نرى كبراء مهمومين وأغنياء مضطربين كما إننا نرى فقراء راضين مستقرين وإذا كان بعض الفقراء يصاب بالهم من فراغ بطنه إبان إملاقه فإننا نرى من الأغنياء من يصاب بالهم بسبب تخمة بطنه ومثل ذلك في الصبي والشاب والذكر والأنثى والصحيح والسقيم والغني والفقير. ومضى يقول إن الكثيرين في الواقع يتبرمون في الزوابع التي تحيط بهم والمدلهمات التي تفاجئهم بين الحين والآخر مع أن المتاعب والآلام تربة خصبة تنبت على جوانبها بذور القوة والنشاط إذ ما تفتقت مواهب العظماء إلا وسط ركام من المشاق والجهود المضنية. وتابع يقول "ولو رجع المرء إلى نفسه قليلا لاتهم مشاعره المتأججة تجاه ما ينزل به فمن يدري رب ضارة نافعة وربما صحة الأجسام بالعلل ورب محنة في طيها منحة كم بسمة كانت بعد غصة ورب فرحة بعدها ترحة وان الحوادث والخطوب وان شرقت وغربت فلن ينالك منها إلا ما كتب لك ولن يصرف عنك منها إلا ما كتب أن يصرف عنك فعلام الهم إذ لا تدري أن عواقب الأمور تتشابه في الغيوب فرب محبوب في مكروه ورب خير من شر. فعلاما الهم إذا عباد الله . مر إبراهيم بن ادهم على رجل مهموم فقال له إني سائلك عن ثلاثة فاجبني قال أيجري في هذا الكون شيء لا يريده الله أو ينقص من رزقك شيء قدره الله أو ينقص من أجلك لحظة كتبها الله فقال الرجل لا قال إبراهيم فعلما الهم إذا ". وقال إمام وخطيب المسجد الحرام " إن من سمات شريعة الإسلام الدلالة إلى ما فيه الخير والتحذير مما فيه الشر وان مما وجهت به الشريعة الغراء إن الهموم المفرطة خطر على كيان الأمة وإنتاجها لأنه خير على كل مجتمع مسلم إن يستقبل الحياة ببشر وأمل كي يستفيد من وقته ويغتال القعود والقنوط وإذا ما غلبت المرء أعراض قاهرة فسلبته الطمأنينة والرضا فانه يجب عليه أن يجنح إلى الدواء الناجح الذي دل عليه ديننا الحنيف حتى لا يكون الاستسلام لتيار الهم الذي يولد انهيار الأعمال بالعجز والكسل فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم //يتعوذ بالله من الهم والحزن وقال صلى الله عليه وسلم ( من قال إذا أصبح وإذا أمسى حسبي الله لا اله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات كفاه الله ما أهمه ). وحث فضيلته المهموم أن يرطب لسانه بذكر الله وقال " نزاول الهم مرهون بكثرة الاستغفار ولزومه كما قال صلى الله عليه وسلم من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب انه لن ينفع أحدا جنوحه إلى زيد أو شكواه لعمر مادام لم يطرق باب ارحم الراحمين المطلع على الضمائر وما تكنه الصدور لان من فقد الأنس بالله فما عساه أن يجد ومن وجد الأنس بالله فما عساه أن يفقد ففر من همومك إلى ربك خالقك ومولاك ". وتابع يقول "دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ذات يوم فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامه فقال يا أبا إمامة مالي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة قال هموم لزمتني وديون يا رسول الله قال أفلا أعلمك كلاما إذا قلته اذهب الله همك وقضى عنك دينك قال بلى يا رسول الله قال قل إذا أصبحت وإذا أمسيت اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال .قال أبو إمامة ففعلت ذلك فاذهب الله همي وقضى عني ديني ".