تمكن باحث سعودي من إنتاج سماد عالي الجودة (كمبوست) من نفايات ستة أحياء في مدينة الرياض ، حيث أجرى خلال الدراسة التي دعمتها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية توصيفاً للنفايات البلدية الصلبة لتحديد مصادر التولد المختلفة ومعدلات التولد والتركيب النوعي لهذه النفايات . وشملت الأحياء التي اختارها الباحث سليمان بن أوسيمر المطيري من جامعة الملك سعود، حي المحمدية، و حي المعذر الشمالي، وحي العقيق، وحي حطين، وحي عرقة، وحي أم الحمام، حيث جمع خمسة أطنان من كل حي من الأحياء الستة، ثم أجرى فرزاً نوعياً للنفايات البلدية الصلبة؛ لمعرفة محتوياتها المختلفة، والنسب المئوية لكل مكون من المكونات. وأخذ الباحث المكون العضوي للنفايات بعد الفرز؛ لإجراء عملية تكمير لهذا المكون، وتحويله إلى سماد عضوي صناعي (كمبوست)، وعمل الباحث ثلاثة معاملات مختلفة، المعاملة الأولى المكون العضوي بدون إضافات (شاهد)، والمعاملة الثانية إضافة منشط كيماوي للمكون العضوي، أما المعاملة الثالثة فكانت إضافة منشط عضوي (الحمأة) للمكون العضوي. واستغرقت عملية التكمير وهي عبارة عن عملية حيوية، الغرض منها تحويل المخلفات عديمة القيمة الاقتصادية إلى منتج ذو قيمة اقتصادية، ويمكن استخدامها في الأغراض الزراعية المختلفة ، استغرقت ثلاثة أشهر، بعد ضبط كل من نسبة الرطوبة، ومعدل الكربون إلى النيتروجين ، حيث عمل الباحث مجموعات من المكون العضوي بمعاملاته المختلفة، وزن كل مجموعة طن واحد، كما عمل ثلاث مكررات من كل معاملة من المعاملات السابقة. وتتبع الباحث درجات الحرارة على فترات مختلفة داخل مجموعات المكون العضوي، وقام بتقدير الرطوبة، والكربون العضوي، والنيتروجين، والفوسفور، والبوتاسيوم، والعناصر الصغرى، والعناصر الثقيلة، وال PH، وال EC، كما تتبع الباحث الأعداد الكلية للميكروبات، وأعداد البكتيريا المحللة للسليلوز هوائياً، وأعداد البكتيريا المحبة للحرارة العالية، وكذلك أعداد بكتيريا مجموعة القولون. وفي نهاية التجربة قيم الباحث الكمبوست الناتج من ال PH، وال EC، ونسبة المادة العضوية، والنيتروجين، والعناصر الغذائية الكبرى والصغرى؛ لتحديد القيمة الغذائية لهذا السماد؛ للاستعانة به عند تطبيق نظم الزراعة العضوية. وأظهرت نتائج الدراسة أن كمية النفايات البلدية الصلبة المتولدة في الرياض بلغت حوالي 12.000 طن يومياً، فيما كانت معدلات التولد في المتوسط 2.4 كجم/ فرد/ يوم، وهو يعتبر معدلاً عالياً إذا ماقورن بالمعدلات العالمية التي تبلغ من 0.5 1.2 كجم/ فرد/ يوم، كما بلغت نسبة المواد القابلة للتدوير وإعادة تصنيعها إلى منتجات جديدة حوالي 40% في الأحياء الشعبية، بينما زادت هذه النسبة في الأحياء المتوسطة والراقية إلى 56% و54% على الترتيب. وعلى العكس من ذلك فإن نسبة المكون العضوي (بقايا الطعام) قد زادت في الأحياء الشعبية عنها في الأحياء المتوسطة والراقية، وهذا يتفق مع النتائج العالمية التي تشير إلى زيادة نسبة المواد القابلة للتدوير كلما ارتفع المستوى الثقافي والاقتصادي لسكان المدن المختلفة. وبينت الدراسة احتواء النفايات البلدية الصلبة في الرياض على نسبة 50% من المواد القابلة للتدوير، بينما بلغت نسبة المكون العضوي (بقايا الطعام) حوالي 48%، وذلك بعد فرز 30 طناً منها، وهذا يبين انخفاض هذه النسبة عن التقرير الذي أعدته الأمانة العامة لمدينة الرياض عام 1425ه؛ حيث بلغت نسبة المكون العضوي في ذلك التقرير حوالي 50%. وأظهرت الدراسة ارتفاع درجات الحرارة داخل مجموعات السماد المختلفة لتصل إلى 64مْ خلال 21 يوما، ثم بدأت تنخفض إلى 35مْ، وعند تقليب السماد بعد الشهر الأول ارتفعت درجة حرارته مرة أخرى لتصل إلى 55مْ بعد مرور 14 يوماً من التقليب، ثم بدأت تنخفض تدريجياً بعد شهرين حتى وصلت إلى 35مْ، واستقرت عندها إلى نهاية التجربة؛ مما يدل على اكتمال نضج السماد بعد مضي 90 يوماً من البداية. كما كشفت الدراسة عن انخفاض الأعداد الكلية للميكروبات المحبة للحرارة المتوسطة خلال الأسبوع الأول والثاني من عملية التكمير، ثم زادت حتى بلغت أقصاها بعد مضي 60 يوماً من بداية العملية، ثم انخفضت مرة أخرى في نهاية التجربة (بعد مرور 90 يوما) وعادت إلى أعدادها الطبيعية في بداية التجربة، وهذا الأمر انطبق على أعداد الميكروبات المحللة للسليلوز هوائيا. في المقابل بلغت الميكروبات المحبة للحرارة المرتفعة أقصاها بعد مضي 30 يوماً من عملية التكمير، وهذا يؤكد دورها في تحليل المواد العضوية عند ارتفاع درجة الحرارة داخل الكومات، بينما تتوقف الميكروبات المحبة للحرارة المتوسطة عن القيام بوظائفها في تحليل المواد العضوية. وتبين للباحث أهمية عملية التكمير في الحصول على سمادٍ خالٍ من الميكروبات الممرضة؛ لأن عملية التكمير تحتوي على بكتيريا مجموعة القولون، ثم ماتت هذه المجموعة تدريجياً نتيجة لارتفاع درجات الحرارة داخل الكومة عن 37ْم، كما أوضحت الدراسة ارتفاع القيمة الغذائية للعناصر المختلفة الكبرى والصغرى في السماد؛ مما يؤكد جودة السماد عند استخدامه في تسميد المحاصيل، كما بينت انخفاض تركيز بعض المعادن الثقيلة كالرصاص والكادميوم في السماد مقارنة بالحدود المسموح بها في الوكالة الأمريكية لحماية البيئة، وكذلك في وزارة الزراعة الإسبانية؛ مما يؤكد صلاحية السماد كمخصب عضوي أو كبيئة لنمو الشتلات النباتية المختلفة. وأوصى الباحث بوجوب الاستفادة من المنجزات العلمية والتقنيات الحديثة في مجالات العلوم الإحيائية والزراعية بوضعها في النطاق التطبيقي أو مايسمى قي وقتنا الحالي ب(الزراعة العلمية)، كما طالب باتباع نظم الإدارة السليمة والمتكاملة للنفايات البلدية الصلبة باعتبارها إحدى المشكلات البيئية الكبرى؛ وذلك بإعادة تدويرها. وطالب الباحث بضرورة الاستفادة من النفايات البلدية الصلبة؛ لأن الكميات المتولدة منها في المملكة العربية السعودية تبلغ حوالي 12 مليون طن سنوياً، في حين تقدر احتياجات المملكة من الأسمدة العضوية بما لايقل عن 110 مليون طن سنوياً، لايتوفر منها إلا قدر ضئيل لايتجاوز 10% من الاحتياجات الكلية، بالإضافة إلى أنه لايتناسب مع ماتحتاجه المملكة من هذه النوعية من الأسمدة. واقترح الباحث تشجيع القطاع الخاص كمستثمر رئيس في إعادة تدوير هذه النفايات، وتحديداً الكراتين والورق والبلاستك التي تمثل نسبة كبيرة من النفايات القابلة للتدوير؛ حيث تبلغ نسبتها في النفايات حوالي 50%.