ليس غريباً أن تسمى صناعة تدوير النفايات " بالدجاجة التي تبيض ذهباً " . فهذه الصناعة رأسمالها " نفايات " تعودنا على جمعها من منازلنا وإلقائها دون أي اهتمام يذكر ، نخلط فيها المواد العضوية باللاعضوية ، وبالخطرة ، دون أي تمييز! نادراً ما تجد من يقوم بفرز نفايات منزله ، وإن فعل فكل ما يفعله هو جعل الجرائد في كيس منفصل ورميها بجانب نفاياته . هل لدينا من يثقفنا بأهمية وكيفية الفرزالنظيف لنفايات منازلنا وأسواقنا ومدارسنا وشوارعنا ؟ هل من جهة تهتم بمساعدتنا على فرزها بتصميم حاويات ، مفصلة وفق ما يجب عزله ، وتوزيعها على منازلنا مرفقة بالتوجيهات والإرشادات اللازمة لكل أفراد الأسرة ؟ هل هناك من يحرص على صناعة تدوير هذه النفايات ، ويأخذها مأخذ الجد ، ليحوّل ما يلقى فيها إلى طاقة ومواد خام وأدوات ويعيد ضخها في نوافذ الصناعة والتجارة لنعود ونستفيد منها بحياتنا اليومية بدل أن تذهب بشكلها الحالي لتخرب البيئة التي تحتضننا ؟ العارفون بعلوم البيئة يؤكدون أنها منقذ للبيئة من خراب بات يتآكلها بلا رحمة ،و العارفون بالعلم والتجارة والصناعة يؤكدون أنها تجارة رابحة بلا رأسمال " خاصة إذا ما عرفنا أن كمية النفايات المتوالدة في السعودية خلال السنوات الماضية تقدر بحوالي 12 مليون طن سنوياً تنتج من 169 مدينة وقرية ، وتزيد نسبتها سنوياً بمعدل %3 ، فحجم نفاياتنا الطبية - فقط - سنويا 25 ألف طن ، أما المعدل اليومي لتوليد النفايات للفرد لدينا حوالي 1.8 كيلو غرام ، على أساس حساب عدد السكان 20 مليون نسمة ) ! فأين مستثمرينا عن هذه الثروات ؟ كم مشروعا قائما الآن لتدوير هذه النفايات ؟ قرأت مرة أن الباحث السعودي " سليمان بن أوسيمر المطيري " من جامعة الملك سعود تمكّن "بدراسة دعمتها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية " من إنتاج سماد عالي الجودة (كمبوست) من نفايات ستة أحياء في مدينة الرياض .. فهل تم إنشاء مصنع لدينا للاستفادة من منتجات هذا البحث أم بقي حبراً قيد كتابٍ مُرمى على رفٍ ما ؟ نحتاج لتكثيف الدراسات التي تبحث في تدوير النفايات ، على أن يتم تطبيق نتائجها اقتصادياً على أرض الواقع ، وكذلك العمل على إيجاد مشاريع " مجهزة بتفاصيل دراسة جدواها الاقتصادية " وإتاحة الاطلاع عليها من قبل كل مواطن " كتلك المشاريع التي تتيحها الغرف التجارية " ، والأهم هو تسهيل الحصول على المعلومات والقروض " الميسرة والعاجلة " الخاصة بمثل هذه المشاريع ، أمام الجنسين ، من دون شروط تعجيزية ، ولا روتين قاتل .. فما المانع ؟