لم يكن "ياسين بقوش" واحدا من نجوم الصف الأول في أشهر مسلسلات الكوميديا السورية في سبعينيات القرن الماضي، لكنه وكما كان نجما شعبيا بسيطا في دوره الشهير "ياسينو" في مسلسلي "صح النوم" و"ملح وسكر"، ظل قريبا من الشعبيين والبسطاء الذي انحاز لهم، وقضى كما كثير منهم، بقذيفة غادرة في سوريا اليوم. هكذا ختم ياسين الحياة قريبا من فندق "صح النوم" بموت تراجيدي لا يصلح أبدا خاتمة لا لمسلسل كوميدي ولا للفرح الذي أشاعه بين طيبين مثله، هكذا كانت نهايته بقذيفة "آر بي جي" في حي العسالي بدمشق. ظل بقوش بسيطا طيلة حياته الفنية لدرجة أنه لم يغير اسمه ممثلا، وبقي "ياسينو" على خشبات المسارح وفي أدواره الدرامية، كما في الحياة ساذجا وطيبا. حمل معه اسمه الحقيقي أمام الكاميرا وخلفها، ولم يشكل عبئا عليه لدى مناداة المعجبين به يقول في حوار أجري معه "شخصية ياسينو لم تزعجني، بل حمتني من الغوغاء الذين إذا نادوني في الشارع بياسينو فلن أغضب، فهذا اسمي، وشخصية ياسينو محببة لدى الجمهور". يعود نسب بقوش المولود عام 1938 إلى ليبيا، فجده من هناك، لكنه مرض في رحلة الحج، وتركه رفاقه هناك حيث قدم بعدها دمشق وبقي فيها ولم يتابع السفر بسبب وعثائه، وكانت وسيلة النقل هي الدواب والجمال فتزوج من الشام وأنجب والد ياسينو. الرحيل الموجع وكان التلفزيون صلة وصله بعائلته الليبية، حيث شاهدته عمته شقيقة أبيه من زوجة جده الليبية وراسلته، فاجتمع شمل العائلة في الشام عام 1976، وعرف "ياسينو" بعدها أنه من قرية زوارة الحدودية بين ليبيا وتونس. قدم في مسيرته الفنية العديد من الأعمال الدرامية، بيد أن أشهرها كان مع دريد لحام ونهاد قلعي ورفيق سبيعي وناجي جبر وغيرهم في "صح النوم"، وإلى جانب هذا العمل قدم أيضا عددا من الأعمال السينمائية. وفي سني حياته الأخيرة قدم عددا من الأعمال الكوميدية والتاريخية، بينها "سيف بن ذي يزن"، الذي جسد فيه دور حاخام يهودي. كما مثل اسمه إغراء للمنتجين لتقديم أعمال تحمل اسمه، فقدم أعمال "ياسين تورز" و"ياسين في المطبخ". قضى بقوش بقذيفة مجنونة انهالت على سيارته لتزهق روحا مرحة منحت البسمة الجميلة لأكثر من ثلاثة عقود، وتغتال ذاكرة من الفن والفرح، وقالت الفنانة لويز عبد الكريم إن الفنان ياسين بقوش "جزء من ذاكرة الفن السوري والعربي"، وتساءلت عن موقف الفنان دريد لحام من مقتل صديقه وشريكه بقوش، ومن قصف النظام لمناطق مدنية في سوريا. عامان وأكثر مرا على ثورة سوريا قضى فيها عشرات الآلاف، وبثت صور موجعة لشهدائها، بيد أن مشهد رحيل ياسين بقوش سيحفر كثيرا في ذاكرة جيل بأكمله أضحكه الفنان الراحل كثيرا وسيبكيه كثيرا أيضا للنهاية المأساوية التي انتهى إليها فنان جاور في سيرته بين إضحاك محبيه وإبكائهم. " الجزيرة "