المدمرات مائة وخمسة وتسعون مهرباً بحوزتهم (9) ملايين حبة مخدرة، و(3) أطنان حشيش، و(20) كغم هيروين، تم إلقاء القبض عليهم بين رجال الجمارك، ورجال مكافحة المخدرات في المملكة، هذا ما أعلنه المتحدث الأمني بوزارة الداخلية اللواء منصور التركي خلال حديثه لوسائل الإعلام. ومما يثلج الصدر في البيان الذي صدر خلال المؤتمر الصحفي مع القبض على هؤلاء المجرمين الذين تعددت جنسيتهم بين عاقين للوطن ينتسبون مع الأسف لهذه الأرض الطيبة، وبين جنسيات أخرى مختلفة. إن جهود وزارة الداخلية لا تكتفي بالقضاء على التواجد المحلي للمخدرات، بل تقوم بجهود متواصلة للإطاحة بالمصدر المنتج للمخدرات في أي بلد، بالتعاون والتنسيق مع الجهات المختصة، وقد تم - ولله الحمد - إحباط العديد من المحاولات من خلال تبادل المعلومات بين المملكة والبلدان الأخرى، كما أن من نعم الله أن الكشف على هذه المخدرات، والقبض على المهربين تم بدون تبادل لإطلاق النار، فحفظ الله بلادنا، وحفظ لنا رجال الأمن. وتأتي هذه الأخبار الطيبة السارة والمحزنة في وقت واحد: طيبة بما آلت إليه، ومحزنة بما أقدمت عليه هذه العصابات المجرمة في حق بلادنا وشبابنا؛ فلو أن هذه الكميات تم تداولها لرأينا من تداعياتها، ونتاجها العديد من الجرائم والمشاكل، ولكنّ الله -سبحانه وتعالى- كشف المجرمين، ورد كيدهم في نحرهم. كما تتزامن هذه الأخبار الطيبة مع استضافة المملكة العربية السعودية - ممثلة في وزارة الداخلية - للندوة الإقليمية الأولى لمكافحة المخدرات، وتبادل المعلومات، خلال الفترة من (13-15) جمادى الأولى، بمشاركة عشرين دولة عربية إسلامية، ومنظمات دولية، وخبراء دوليين ومختصين في مجال مكافحة المخدرات، وسيتم على هامش الندوة تدشين حملة لمدة ثلاثة أشهر تحت عنوان: «لا للمخدرات» لتقرير القيم الاجتماعية الرافضة لوصول السموم للمتعاطين. لقد كشف بيان وزارة الداخلية الجهود المبذولة من قبل رجال مكافحة المخدرات، ورجال الجمارك، كما أن هناك جهوداً مشكورة لبقية القطاعات الأمنية، ولرجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما أن هناك إحساساً بالمسؤولية لدى كافة القطاعات توعوياً وتعاوناً لردع المجرمين، وحماية الوطن ومقدراته من آفة المخدرات، ولكن المسؤولية الاجتماعية تقع على الجميع أفراداً ومؤسسات في هذا الوطن الغالي المستهدف في شبابه ومكتسباته وأمنه ودينه، مما يتطلب من الجميع التعاون. وإذا كان عدد المقبوض عليهم في الحملة الأخيرة يقارب المائتين، فإن من قبض عليهم في قضايا المخدرات خلال ثلاث سنوات يزيد على (110441) متهماً في قضايا تهريب المخدرات بأنواعها. ولقد أشرت في كتاب سابق صدر لي عن «وباء المخدرات وخطره على الصحة والمجتمع» عام 1426ه، وفي مقالات سابقة، إلى أن البعض قد يُهَوِّن من خطر المخدرات في بلادنا، ولكن الحقيقة التي لا مجال للتشكيك فيها أن هذا الخطر في تزايد مستمر على الرغم من النجاحات الكبيرة التي تحققها الأجهزة الأمنية في قطع كل سبل وصول هذه السموم إلى البلاد، وتشديد الرقابة على المنافذ، وملاحقة المهربين والتجار وكل من يروجون، أو يتعاطون هذه السموم. وقد ورد في إحصائيات سابقة حول وباء المخدرات، وأنها طالت شرائح المجتمع كافة، بما في ذلك الشرائح ذات المستوى التعليمي العالي جداً، ولم تعد قاصرة على الرجال فقط، ولا على الشباب أيضاً، بل طالت أناساً تجاوزت أعمارهم الخمسين عاماً، ولم تقتصر على منطقة دون أخرى. ولست بحاجة للتذكير بأخطار المخدرات وأضرارها على المجتمع، وأؤكد على أن الإسلام قد سبق كل القوانين والعلوم إلى تحريم المخدرات والتعريف بأضرارها إجمالاً، كما أن المملكة العربية السعودية - وهي مهبط الوحي، ومنبع الرسالة المحمدية - كانت الأولى في مواجهة هذا الخطر المحدق بالمجتمعات. وحكومة خادم الحرمين الشريفين لا تدخر جهداً في مواجهة هذا الخطر على جميع المستويات الأمنية والقضائية والاجتماعية، وتقديم الخدمات العلاجية للمبتلين بهذا الداء، ولكن لابد لإنجاح هذه الجهود من تكاتف كل فئات المجتمع في تحمل مسؤولية التصدي لظاهرة إدمان المخدرات بجميع الوسائل المتاحة والممكنة، وقبل ذلك الوقاية من الوقوع في براثن المخدرات، فالوقاية هي الأساس، ولا تتحقق هذه الوقاية دون استنهاض المجتمع كافة للتحذير منه ومحاربته، فلنحارب هذه المدمرات، ولنحمِ شبابنا منها قبل أن تدمرهم. خاتمة حفظ الله بلادنا وشبابنا وجميع شباب المسلمين من كل سوء ومكروه. أ. سلمان بن محمد العُمري [email protected]