فالنتاين الجاحظ ! ورودا حمراء أتتني على حين غرة جعلتني أعيد حسابات الزمن الفائت لمجابهة زمن قادم ، فقد يأتي زمن يطغى على زمن الماديات الحالي ليصبح شيء من الماضي ، ومن يدري ؟! اليوم وكما جرت عليه عادة التقليد أصبحنا نقيد مشاعرنا ونكممها لتتماشى مع عصر السرعة المُغرّب ، فكل شيء أصبحنا نتقشف فيه حتى لو اطلع الجاحظ على حالنا اليوم لألف فينا مجلدات ! كنا نعيش السنة كلها نحب والآن فقط في الفالنتاين ! كنا نعيش طوال عمرنا خدمة لأمهاتنا والآن يوم الأم يكفي لإحضار هدية ، وكأن ما بينك وبينها لم يعد قاصرا سوى على تلك الهدايا الملموسة كل عام بعيدا عن المشاعر والأحاسيس والحنان الذي تغدقه عليك ، ناهيك عن تعبها وتربيتها وقول المصطفى صلى الله عليه وسلم ( أمك ثم أمك ثم أمك ) ، أما ( أبيك ) فلم أجد له في قواميسهم يوما من الإعراب ! وقس على ذلك الكثير والكثير من الأيام الاحتفالية الغراء ، وكأننا نفصل كل يوم عن الآخر فيستقل بذاته ، معلنين بذلك عن استقلاليتنا والتي طالت حتى ذواتنا . كثيرا ما ننمي قدرات أطفالنا على الاستقلالية حتى ينشأ قويا مستقلا بذاته ، ولكنا بالمقابل ننسى أن نعلمه التعاون ، الأخوة ، العطف والمساعدة ، الصدقة ، البر وكل معاني التكافل الأسري والاجتماعي ، في سبيل تلك النظرة القاصرة والمتراكمة من جراء ذلك الزمن المادي . ترددت كثيرا في قبول تلك الورود ، إلا أني أخذتها على مضض مرددا : الورد جميل .. وله أوراق عليها دليل من الأشواق إذا أهداه حبيب لحبيب يكون معناه وصاله قريب شوف الزهور واتعلم .. بين الحبايب تتكلم شوف .. واتعلم ! إلا أنني عزمت أن أردها العام القادم وردة واحدة فقط ! صالح بن فارس