رب كريم منحنا الحياة لننعم بما فيها من نعم شريطة أن نحسن استخدام أكبر نعمة وهبنا اياها دون غيرنا من المخلوقات فالعقل بحد ذاته نعمة لا تحصى فضائلها على البشر، فهو الممر الذي من خلاله نستطيع ان نشيد التطور في حياتنا، وبه يمكن ان نعيش أفضل بكثير مما نحن عليه الآن اذا استثمرنا القدرات والطاقات الكامنة داخل المواهب الناشئة التي تبتكر اختراعات ينقصها أن تجد من يتبناها لتظهر الى أرض الواقع، ومن خلالها نستطيع ان ننافس الآخرين، ونعيد مجدنا الذي أسسه الأولون، وهذا الأمر ليس بغريب والدليل على ذلك ان اليابان دمرت تماماً خلال الحرب العالمية الثانية، وبعد ان هدأت الاوضاع دعت الحكومة الى اجتماع استدعت فيه القادة الحكوميين والصناعيين والتربويين ليضعوا خطة يمكنهم بها توحيد المجتمع وتحقيق هدف يعيد الكرامة الوطنية والازدهار الاقتصادي لليابان، في الوقت الذي كانت فيه لا تملك الموارد الطبيعية، ولم يمض على ذلك التجمع سوى 4 عقود حتى أصبحت اليابان أكبر دولة لها قوة اقتصادية في العالم، ولم تحقق هذا الطموح وما وصلت اليه من فراغ، بل كان الدافع الاساسي لتحقيقهم الاهداف التي وضعوها العمل كفريق واحد وبكفاءة عالية وتعاون مذهل، وقبل كل شيء حب الوطن والاخلاص له، ونحن نمتلك اليوم ولله الحمد كل الموارد التي يمكن ان نستثمرها لنضاهي اليابان فيما وصلوا اليه وغيرها من الدول، ولكن ما هو السبب في هذا الاخفاق، واننا اصبحنا نتكل في كل ما نريد على الغير، في الوقت الذي ينتج فيه الغير احتياجاته بنفسه، ونحن في أماكننا نسير وليس لدينا سوى الكلام الكثير، رغم انه بين أيدينا شباب طموح لديه ابتكارات لم يأت بمثلها الآخرون، وهم في أمس الحاجة لمن يتبنى مواهبهم وابتكاراتهم لتظهر الى أرض الواقع ويستفاد منها في الداخل والخارج، وعلى سبيل المثال في مجال الطب استطاع باحثون سعوديون تطوير مضاد حيوي فعال من مادة المسك يقضي على عدد كبير من الفطريات والخمائر بأنواعها، كما استطاع احد الشباب الباهر من اختراع جهاز يمكن مستخدميه من الاطلاع على ما يدور في منازلهم ومكاتبهم أثناء وجودهم في اي مكان في العالم، وشاب آخر طموح تمكن من ان يبتكر جهاز جوال للمكفوفين يستطيعوا من خلاله التواصل مع الآخرين بطريقة برايل الى غير ذلك من الابتكارات التي نأمل ان تجد طريقها لعالم الحياة، وليكن لكلمة الحبيب عبدالله التي ألقاها في حفل افتتاح مشروع انشاء مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والابداع مردود في أنفس من لديهم القدرة الى تحقيق ذلك ان الموهبة دون اهتمام من أهلها أشبه ما تكون بالنبتة الصغيرة دون رعاية أو سقيا، ولا يقبل الدين ولا يرضى العقل أن نهملها او نتجاهلها، لذلك فان مهمتنا جميعاً أن نرعى غرسنا ونزيد اهتمامنا ليشتد عوده صلباً، وتورق أغصانه ظلاً يستظل به بعد الله لمستقبل نحن في أشد الحاجة اليه، في عصر الابداع وصقل الموهبة وتجسيدها على الواقع خدمة للدين والوطن. (ومن أصدق من الله قيلا) (وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها). صدق الله العظيم.