احتفت اثنينية عبدالمقصود خوجة بالأديب حجاب بن يحيى الحازمي وقال خوجة سعيدة هذه الوجوه التي تسطر في أخاديدها العميقة، ما شكله أزميل هذا القاص الفذ، من حكايا (المخلاف السليماني) أو تاريخ جازان، فتعجب حين تقرأها: أهو تشكيلي أضاع نفسه في الأدب، أم أديب فتنته غواية الرسم بالكلمات؟ أم هو مزيج هذا وذاك أنضجته نار العلم، وبخار المعرفة، يسوقها بردا وسلاما على تلامذته العديدين؟ . وأضاف خوجة بشغف حجاب في مشروعه النقدي، بكشف حجب المشهد الثقافي في منطقة جازان، إذ منذ يتيمية الشيخ أحمد بن فضل بن علي العبدلي، الموسومة ب ( هدية الزمن في أخبار ملوك لحج وعدن) لم يكشف الكثير من مستور التراث في هذه المنطقة الضاجة بالعلم والأدب ، وظل مواراً مخبوءاً، وإن تسربت همهماته عبر مسامرات الأدباء في مجالسهم الخاصة، حتى إذا تم افتتاح (نادي جازان الأدبي). وقال خوجة ومن خلال إدارته للنادي الأدبي بجازان، على مدى أربعة عشر عاماً (1413ه 1427ه أسهم حجاب بقدح وافر في تحقيق المخطوطات التراثية وعرضها في كتب سهلة التداول، فقد أتاح للأديب عبد الله أبو داهش، صاحب المؤلف القيم:(من تراث علماء جنوبي الجزيرة العربية المخلاف السليماني) العثور على مخطوطة ( المقامة الضمدية) للحسن بن علي البهكلي، التي كانت تشريحا دقيقا للحراك الاجتماعي للجنوب، عدا كونها طبوغرافيا رائعة لجماليات المكان وشاعريته، فمنطقة (ضمد) التي تسمت المقامة بها تقع كما تعلمون على طريق جازان للقادم من نجد، وفيها الكثير من العلماء والقضاة وكروم العنب. وقال خوجة ولم يقنع حجاب بهذا التنوع المعرفي، فكان لابد لجينات الشعر أن تظهر في غرس تجذر بأرض جازان، لذا ليس غريباً أن تعده كثير من المصادر المهمة شاعراً مبدعاً، في الوقت الذي لم ينشر ديوانه حتى الآن، مكتفياً على ما يبدو بنشر الكثير من شعره في الصحف، والمشاركة به في الملتقيات الثقافية والأدبية محلياً وإقليمياً.. وقد امتاز شعره بعذوبة اللفظ، وجمال الديباجة، وبساطة اللغة، متطلعاً مثل غيري من محبي شعره أن يسرع في نشر ديوانه، واثقاً في أنه سيكون سجلاً حافلاً لكثير من الأحداث التي وثقها حجاب شعراً ونثراً. بعد ذالك تحدث الدكتور يوسف العارف قائلاً: حجاب الحازمي صاحب أسلوب شاعري ولغة طارحة في حداثتها وضاربة في عمق التراث، وليس هذا غريباً فهو ابن المعاهد العلمية ، وقبل ذلك هوابن ضمد التي خرجت العلماء والأسر العلمية امثال العلماء محمد بن علي بن بكر الضمدي، والمطهر بن علي الضمدي وعبد العزيز النعمان، كل هذه الأجيال التراثية اثرت في لغة وثقافة الحازمي. بعد ذلك تحدث فارس الاثنينية حجاب الحازمي كلمته شعراً: من اين أبدأ لا نثر يطاوعني ولا هزار لشدو الشعر يأتمر النثر غابت عن الساحات طلعته والشعر أقوى فلا يبدو له أثر الشعر كانت له صولات أعرفها يحيا بها الفقر إن عاجت به الفكر ألم حينما أدعو عرائسه نحوي تبادرني الأصداف والدرر والنثر إن رضته جاءت سحائبه رعداً وبرقاً ويهمي بعدها المطر واليوك أجفل عني واحتفى عنتاً سحر البيان فهلاّ جاء يعتذر.. وتحدث الشاعر عن بلدته (ضمد) بمنطقة جازان ويقول إنها مدينة تاريخية عرفت بالعلم والعلماء والشعر والشعراء، منذ القرن السابع امثال الشاعر القاسم بن هتيمل الضمدي وبلدة العلامة علي بن عبد الرحمن البهكلي علامة القرن الحادي عشر وغيرهم كثر.. وعن مشواره في رئاسة نادي جازان الأدبي قال : استحدث ورشة خاصة بالأدباء الشباب سميتها “ الاثنينية” منذ عام 1414ه ولها هيئة مستقلة ، أعضاؤها من الشباب انفسهم وترصد جائزة عبارة عن مكافأة شهرية، كما تم نشر العديد من مؤلفات الشباب على كافة المستويات. كما أصدر النادي سلسلة من الرسائل الجامعية التي تتناول الجوانب الأدبية والتاريخية والتراثية للمنطقة. كما أصدر نادي جازان دورية سماها ( مرافئ) وكان لها صدى واسع وكبير ، وأكد الدكتور عبدالله مناع: ان الاحتفاء بحجاب الحازمي، وهو بالنسبة له احتفاء بجازان وأهلها. وقال نحن نحتفل بالأستاذ حجاب، حقيقة أنا شخصيا ولا أدري بالنسبة للحاضرين، لانريد أن يحدثنا شعرا، لا نريد قصائد، ولا نريد أدبا يقرأه علينا، ولكن نريد منه أن يطلعنا على الواقع الذي وصلته جيزان، عن اللحظة التي تعيشها جيزان، فقد كان دائما يحزنني أن جيزان ومناطق أخرى كمنطقة حائل، كاتبنا في المؤخرة عن درب التنمية، كانت في المؤخرة في كثير من الأمور، ولذلك كنت دائما بقدر ما أحب جيزان، بقدر ما تندى الدمع في عيني من اجلها، نريد من حجاب أن يخبرنا أين جيزان الآن. وأضاف الدكتور هاشم عبده هاشم في مداخلته قائلا: لكنني أريد أن أقول إنه إذا كانت منطقة جازان قد أعطت مؤرخا كبيرا بحجم الأستاذ محمد العقيلي، مؤرخا وشاعرا، وأعطتنا أيضا شاعرا فحلا كالأستاذ الشاعر محمد بن علي السنوسي، وأعطتنا قصصيا مبدعا مثل الأستاذ محمد زارع عقيل في يوم من الأيام، فإنها جادت لنا أيضا بأستاذ يجمع هؤلاء جميعا، فهو الأستاذ حجاب الحازمي، فهو المؤرخ، وهو الناقد، وهو الموثق، وهو الشاعر والقصصي أيضا، إذا نحن أمام قمة وقيمة، قمة فكرية، وقيمة أدبية أصيلة، وإذا كان هناك ما يمكن أن أتحدث عنه إضافة عن أدبه، فإنني أذكر أنه أعطانا أيضا من الأبناء من خلفه، وأغنى المكتبة بأدبه وعلمه ومساهماته الواسعة. ثم فتح باب التحاور مع فارس الاثنينية ، وسئل: لابد أنك اطلعت على الكتب التي تحدثت عن التاريخ التوراتي لجيزان مثل كتاب كمال صليبه المشهور، ما هي الأخطاء التي وقع فيها كمال صليبه في تحريف الأسماء والوديان والجبال في جيزان؟. أجاب: ان منطقة جازان قد تغير وجهها المادي القديم، وبقيت لها مسحتها الثقافية الأصيلة، إلى جانب ما حظيت به من تحسن مادي كبير في جميع مجالات الحياة الاقتصادية والعمرانية والمناشط الأخرى، أود أن أبشره أن جازان أصبحت إن لم تكن من أفاضل ومن أحسن المناطق في مشاريعها في الطرق، في العمرانية، في مشاريعها الاقتصادية، فهي قد قفزت قفزة هائلة خلال العشر السنوات التي أشار إليها، ربما كانت تحتاج إلى أكثر من خمسين سنة حتى تصل إليها، هذا ربما ليس تفاؤلا ولكنه الواقع الذي يشير إليه كل من زار المنطقة بعد انقطاع عنها، ونحن أبناء المنطقة المقيمين فيها نشهد في كل شهر وليس في كل سنة، نشهد تغيرا في ملامحها الحضارية، وفي ملامحها التي أدت بها إلى صورة حضارية مشرقة ولله الحمد، هذا ليس من باب التطمين للدكتور عبد الله مناع، أو للأخوة الذين يتساءلون عن المنطقة ، أبشرهم أن المنطقة قد تغير وجهها بعد أن طالتها يد الإصلاح .