أشار مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الدكتور سليمان بن عبد الله أبا الخيل إلى أن المتأمل في نشأة المملكة العربية السعودية وتطورها يرى ما يسر خاطره ويثلج صدره ويبعثه إلى مزيد من الفأل المفعم بكل ما هو نافع ومفيد وجديد، مشيرا إلى أنها تعد أنموذجا معاصرا ودولة حديثة ندر وجودها. وذكر لدى إلقائه أمس الأول محاضرة، نظمها كرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي بجامعة الملك عبد العزيز، عن (الأسس والمبادئ التي قام عليها منهج الاعتدال السعودي)، أن المملكة منذ تأسيسها على يد جلالة الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- قامت على اتخاذ كتاب الله وسنة رسوله دستوراً لها، مبينا أنها تستمد عزها ونصرها من التمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وتطبيقِ الشريعة في مختلف مجالات الحياة، لافتا إلى حمْل قادتِها لِهَمِّ الإسلام، وشعورِهم بالمسؤولية تجاه قضايا الأمة، وانتهاجِهم سياسةً دوليةً تتسم بالحكمة والتوازن وبُعدِ النظر، مما وطد الصلة بين المملكة وبقيةِ العالم الإسلامي، أفراداً ودولاً ومؤسساتٍ. وبين أن هناك أربعة أسس قام عليها منهج الاعتدال السعودي، مشيرا إلى أن أولها هو التمسك بكتاب الله الذي يدعو لإخلاص العبادة لله عز وجل بمنهج سديد وأسلوب حكيم متدرج متنام، مستشهدا بقول الله تعالى : ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين )، لافتا إلى أن القرآن الكريم اشتمل على العديد من القصص والحوارات التي قصها الله عز وجل على رسوله للاتعاظ والعبرة مما جرى لهذه الأمم وما وقعت فيه من الزيغ والهلاك مما يدعو للصبر والمثابرة للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، موضحا أن القرآن يشتمل على الأحكام والحدود التي تنظم شؤون حياتنا وتبعث الأمن والطمأنينة في نفوسنا. وأفاد بأن الأساس الثاني لمنهج الاعتدال السعودي هو السنة النبوية المطهرة، اقتداء بنهج الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان قدوة وأنموذجا في أفعاله وأقواله وحركاته وسكناته، مشيرا إلى أنها المصدر الثاني للتشريع وقد تكون الأول للكثير من أحكام الدين، مضيفا ان المملكة العربية السعودية أولت الكتاب والسنة النبوية العناية والرعاية والاهتمام قولا وعملا وعقيدة وفكرا ومنهجا وسلوكا حتى أصبحت مضرب المثل في الاعتدال. وأضاف ان الأساس الثالث هو السير على نهج السلف الصالح الذين نشروا الإسلام بأخلاقهم ومعاملاتهم الناس بالحسنى مقتدين بتعاليم القرآن (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)، لافتا إلى ان الأساس الرابع يتمثل في العدل الذي قامت عليه السموات والأرض ، مشيرا إلى أن العدل في المنهج السعودي يعتبر معلما واضحا وبارزا، لافتا إلى أن الملك عبد العزيز – رحمه الله- كان يُعرف ويوصف بالعدل وعمل به حتى مع أبنائه الكبار والصغار، مستشهدا بما قاله صاحب كتاب ملوك العرب عن الملك عبد العزيز “تسمع بعدل ابن سعود في كل مكان في البر والبحر ويتحدث به المشاة والركبان فتسير الراحلة أربعين يوما من وادي الدواسر إلى أقصى الشمال ومن القطيف إلى الجوف لا يمكن ان تُسأل من أين أتت أو إلى أين تذهب”، مؤكدا على أن أبناء الملك عبد العزيز البررة ساروا على نهجه في إقامة العدل وجعله أساس المُلك. وذكر مدير جامعة الإمام محمد بن سعود العوامل المساعدة للأسس والمبادئ التي قام عليها منهج الاعتدال، مشيرا إلى الشورى، البر والصلة، النية الطيبة والإخلاص، التعامل الطيب والخلق الحسن مع الجميع سواء كانوا مواطنين أو مقيمين داخل المملكة وخارجها، حسن الظن بأهل هذه البلاد، الدعوة إلى الاتفاق والإلفة، التحرير من الخلاف والاختلاف والفرقة، الحوار البناء الهادف مع أبناء المجتمع وغيرهم، الكرم والسخاء من قبل حكام المملكة العربية السعودية، محاربة الغلو والتطرف والإرهاب والفساد والإفساد. وأثنى على كرسي الأمير خالد الفيصل الذي تحتضنه جامعة المؤسس، مؤكدا أننا بحاجة ماسة لرسالة هذا الكرسي وما يقوم به من نشر ثقافة الوسطية والاعتدال، مثمنا الخطوات التي خطاها في سبيل تعريف المجتمع والعالم بأسره أن الاعتدال هو السمة الحقيقة لهذه البلاد المباركة.