تنتشر فكرة عقود الإذعان بين جميع المجتمعات المتطورة أو حتى المجتمعات حديثة النهضة,وهي تلك العقود التي تبرم بين طرفين أحدهما يكون صاحب الكلمة العليا في العقد ويلقي بجميع الالتزامات المرتبطة بمحل العقد على عاتق الطرف الضعيف, والذي لا يكون له خيار سوى الموافقة على تلك الإلتزامات يتمتع بالخدمة التي تعاقد عليها, وعقود الإذعان دائما ما تكون لدى الشركات التي تقدم الخدمات المختلفة للمواطنين أو لدى القطاعات التي تمثل الدولة وتقوم بمنح المواطن بعض الخدمات التي يحتاجها للعيش أو للارتقاء بمستوى معيشته في مجتمعه المدني, وفكرة عقود الإذعان ظهرت لوجود الكثير من القطاعات والتي يفرض مركزها المالي والقانون وطبيعة نشاطها واحتكارها للخدمات إلى أن تكون في موقف أقوى من المواطن الذي لا ناقة له ولا بعير أمام الشركات المذعنة وكل ما يستطيع القيام به هو الخضوع لشروط الشركات أو صرف النظر عن التمتع بالخدمات التي تقدمها واحدة من ابرز مظاهر الشركات المذعنة في بلادنا تتمثل في شركة الكهرباء حيث إنها تتمتع بكونها محتكرة لقطاع الكهرباء في البلاد ولذلك فهي تقوم بفرض الكثير من الشروط والتي قد تصل أحيانا إلى درجة التعسف والتعنت على جميع المواطنين الراغبين في الاشتراك لديها مستغلين في ذلك صعوبة العيش بدون الكهرباء وخصوصا في مجتمع المدينة والذي يكثر فيه الصخب وتمثل الكهرباء شريان الحياة فيه, ولأن تصرفات شركة الكهرباء تخرج وبكل تأكيد عن أعمال السيادة التي لا يجوز التظلم منها فقد أجاز الفقه والقانون والعرف التظلم ورفع الدعوى ضد شركة الكهرباء في حالة حصول خطأ منها أو تقصير. ولكن سرعان ما يكتشف المواطن الراغب بالتظلم أمام شركة الكهرباء بأن اللجنة صاحبة الاختصاص هي إحدى الجهات التابعة في حقيقة أمرها لشركة الكهرباء, وهو ما يجعل من الشركة وبكل سهولة خصما وحكماً في آن واحد أمام المواطن, وهو أمر بكل تأكيد يخرج تماما عن فكرة عقود الإذعان والتي تجبر المواطن على الخضوع لشروطها أثناء التعاقد لكنها من المحال أن تجبره على أن يجعلها قاضيا للنزاع في نفس الوقت الذي تكون فيه شركة الكهرباء خصما له, أتمنى أن تدخل الدولة لحل هذا الإشكال الكبير والذي يتسبب في ضياع حقوق الناس أمام القطاعات التي بلغت الدرجة القصوى في التعسف والتعنت مع المواطنين, وديوان المظالم في بلادنا اثبت مقدرته على التعامل مع الشخصيات المعنوية بشكل يضمن لكل الأطراف حصول الحيدة والحياد من القاضي ناظر التظلم ,,,, والله من وراء القصد