النجم الصغير ولد ماجد أحمد عبدالله عام 1378ه (1958) في حي البغدادية بمدينة جدة، وبعد ست سنوات انتقل مع عائلته إلى العاصمة الرياض حيث تم اختيار والده كمدرب للأشبال في نادي النصر. وفي الرياض تعرف ماجد على كرة القدم عن قرب أثناء مرافقته لوالده إلى نادي النصر والاستمتاع بمشاهدة تمارين الفريق، وبدأ بمزاولة الكرة في مدرسة الجزائر الابتدائية، وضمن فريق الحارة في حي العطايف، ولم يكن له مركز محدد، إلا أنه كان يميل كثيراً إلى حراسة المرمى نظراً لطوله بين أقرانه. فكيف تحول ماجد من حراسة الشباك إلى مهاجمتها بكل الوسائل!! أثناء مشاركة ماجد لفريق الحي ونظراً لغياب أحد المهاجمين فقد طلب منه المدرب الانتقال للهجوم لسد النقص، ويبدع ماجد ويسجل هدفين ليخرج فريقه فائزاً 3-1، ومنذ ذلك اليوم ولحسن حظ الكرة السعودية لم يغير هذا المركز. خلال السنوات التالية تحول ماجد إلى مهاجم هداف، ولاعب ممتع للجماهير، وانطلقت شهرته على نطاق واسع، سواء في دوري المدارس، أو مباريات الحواري. الحلم الأصفر بعد أن اشتهر ماجد، حاول أكثر من ناد الظفر به وتسجيله، إلا أنه وعبر السنوات كان قد ارتبط بنادي النصر كمتابع ومشجع، ولم يكن يرى سوى حلم واحد هو ارتداء قميص النصر الأصفر. وفي عام 1395 (1975) أتيحت الفرصة لمدرب النصر آنذاك اليوغوسلافي (بروشتش) رؤية ماجد، فأثار إعجابه ما رآه من موهبة ونبوغ مبكر وطالب بتسجيله فوراً. وفي 6/11/1395 (9/11/1975) تم تسجيل ماجد رسمياً في نادي النصر، ويتحقق حلم ماجد ويبدأ في التدرب مع فريق الناشئين وهو لا يزال في المرحلة الدراسية المتوسطة. ولم تكن البداية سهلة، فقد وجد من الصعب عليه الابتعاد عن مشاركة رفاقه خارج النادي، وكان كثيراً ما يترك تمارين نادي النصر بإلحاح من زملائه ليشاركهم في دوري المدارس أو الحواري. إلا أن الاهتمام الذي وجده من رئيس نادي النصر الأمير عبدالرحمن بن سعود ومن مدرب الفريق بروشتش دفعه إلى الالتزام بتمارين النادي بشكل تام بعد ذلك. السنوات الأولى بدأت مهارات ماجد في النضوج، وتولى المدرب بروشتش صقل موهبته وتلقينه الأساسيات التي يحتاجها كمهاجم. ونتيجة لما وصل إليه من مستوى قرر المدرب نقله للتمرن مع الفريق الأول، دون منحه الفرصة في المشاركة في المباريات نظراً لأن الوقت لم يحن لذلك حسب تقدير مدربه. في عام 1396 كانت الكرة السعودية تمر بنقلة كبيرة في تاريخها حين أعلن اتحاد الكرة إقامة دوري للأندية الممتازة، بعد أن تم تنظيم دوري عام انتهى بتصنيف الأندية السعودية إلى درجة ممتازة وأولى. وأثناء معسكر تدريبي للنادي في مقاطعة ويلز بالمملكة المتحدة استعداداً للدوري، سنحت الفرصة لماجد لمشاركة الفريق الأول في مباراة ودية أمام أحد الفرق الإنجليزية، ونجح ماجد وسجل هدفاً وفاز فريقه 4-0 إلا أنه تعرض لإصابة أقعدته عن مشاركة الفريق وتحول إلى ضيف شرف حتى نهاية المعسكر، إلا أن المدرب شد من أزره ووعده بالمشاركة إذا ثابر على التمارين. بعد مضي الجزء الأكبر من الدوري الممتاز لعام 1396/1397 (1977)، أتيحت لماجد أول فرصة للمشاركة بعد أن تحسنت إصابته، وكان ظهوره الأول أمام الجماهير في مباراة ودية أمام فريق الفتح الرباطي المغربي بتاريخ 24/1/1397 (14/1/1977)، حيث شارك في الثلث الساعة الأخير من المباراة وكان مرتبكاً بحيث لم يلحظ أحد مشاركته. بعد تلك المباراة بأسبوع شارك فريقه رسمياً للمرة الأولى في الدوري الممتاز أمام نادي الشباب، وكانت مشاركته في منتصف الشوط الثاني وترك انطباعاً جيداً لدى المدرب والجماهير، تلا ذلك مشاركته للفريق أمام نادي القادسية، وفي ثالث مبارياته أمام نادي الوحدة في الرياض سجل هدفه الأول بعد أن كان فريقه متخلفاً بهدف، كان ذلك في 28/3/1397 (18/3/1977)، لينطلق مسلسل الأهداف الذي لم يتوقف إلا عند الرقم 533. لعب ماجد بعد ذلك مباريتين سجل فيهما هدفين، لينتهي الدوري والنصر في المركز الثاني، إلا أن ماجد ترك بصمته على الأسابيع الأخيرة من الدوري وأصبح حديث المشجعين والمتابعين. القميص الأخضر كانت المباريات الخمس التي لعبها ماجد في ختام الدوري كفيلة بإقناع مدربي منتخب الناشئين السعودي باختياره ضمن الفريق الذي سيشارك في دورة تبريز الودية للناشئين بإيران. ورغم أنها مشاركته الأولى فقد حقق نجاحاً مبهراً وسجل سبعة أهداف محققاً لقب هداف الدورة، ولم يتردد مدرب المنتخب الأول بعد تلك المشاركة في ضمه إلى قائمة المنتخب السعودي الأول بسرعة قياسية لم تحدث لأي لاعب سعودي آخر. فبعد خمس مباريات في الدوري، فقط، يتحقق حلم ماجد الأكبر ألا وهو ارتداء القميص الأخضر. ومنذ ذلك الحين، 1397 (1977) وحتى اعتزاله الكرة الدولية عام 1415، حظي بشرف تمثيل للمنتخب الأول بشكل متواصل لم تقطعه سوى الإصابات. في نفس العام، 1397، شارك ماجد المنتخب للمرة الأولى في مباراة ودية أمام فريق بنفيكا البرتغالي، وأبدع ماجد وسجل هدفين، أحدها لا ينسى حين استلم الكرة من منتصف الملعب وتجاوز لاعبين ثم راوغ الحارس وأودع الكرة في الشباك بكل حرفنة. وكان من ثمار انطلاقة الدوري الممتاز ظهور جيل جديد من اللاعبين، لعبوا الدور الأكبر في نقل الكرة السعودية إلى ساحات النجاح، ليصبح المنتخب السعودي وقبل نهاية الثمانينيات أفضل منتخبات آسيا. النصر قصة عشق عمرها 22 عاماً أنهى نادي النصر مشاركته الأولى في الدوري الممتاز محتلا المركز الثاني من بين ثمانية أندية، واستبشرت جماهيره بقدوم نجم كروي موهوب تحلم كل الأندية بالحصول عليه، في الموسم التالي تم زيادة الأندية إلى 10، إلا أن نادي النصر لم يتجاوز المركز الثاني، ورغم غيابه عن جزء كبير من ذلك الموسم للإصابة، حقق ماجد المركز الثاني في قائمة الهدافين. وفي ثالث موسم، حقق ماجد لقب هداف الدوري الممتاز للمرة الأولى في حياته الرياضية بعدد 13 هدفاً، إلا أن نادي النصر وللمرة الثالثة على التوالي حقق المركز الثاني، ولم تجد إدارة النادي مخرجاً سوى الاستغناء عن المدرب الداهية بروشتش، رغم أنه كان صاحب الدور الأكبر في تأسيس الفريق الجديد للنادي، وفي إظهار موهبة ماجد عبدالله إلى النور. في موسم 1399/1400 (1980) كان ماجد ورفاقه عاقدون العزم على عدم التفريط باللقب الذي اقتربوا منه في السابق أكثر من مرة، وتحت قيادة مدرب جديد هو البرازيلي (فورميقا) انطلق الفريق في تحقيق الانتصارات تلو الأخرى ولم ينته الدوري إلا والنصر هو البطل، وحقق ماجد لقب هداف الدوري للمرة الثانية على التوالي بعدد 17 هدفاً، ولم يستطع أي لاعب في الدوري السعودي حتى الآن تحقيق هذا اللقب مرتين على التوالي. ويأتي العام الذهبي لنادي النصر في موسم 1400/1401 (1981) ليحقق إنجازاً لم يسبقه إليه أي ناد سعودي وهو تحقيق بطولة الدوري للمرة الثانية على التوالي، ثم فاز بكأس الملك ليجمع بطولتي الدوري والكأس في موسم واحد. أما ماجد فقد حقق لقب هداف الدوري للمرة الثالثة على التوالي برصيد 21 هدفاً سجلها في 15 مباراة فقط نظراً لغيابه عن آخر ثلاث مباريات بسبب الإصابة، وقد أهله هذا الرقم لتحقيق لقب هداف العرب والحصول على الحذاء الذهبي. ولأن وجود ماجد عبدالله مع نادي النصر يعتبر ميزة عن كل الفرق، كان على النصراويين أن يدفعوا ضريبة في المقابل، هذه الضريبة كانت ابتعاده عن الفريق لفترات طويلة وصلت بعض الأحيان إلى موسم كامل، بسبب ارتباطات المنتخب الكثيرة أو بسبب الإصابات التي لا تفارقه. ولكن كلما عاد ماجد وكان الفريق في حالة جيدة فنياً ومعنوياً، يعود النصر لتحقيق البطولات. فبعد غياب سنوات أربع، عاد النصر إلى ساحة البطولات في الفترة (1406-1410)، (1986-1990) حيث حقق بطولة الدوري الممتاز للمرة الثالثة، وبطولة كأس الملك ثلاث مرات. وخلال الثمانينيات استطاع ماجد تحقيق رقم إعجازي حينما حاز على لقب هداف الدوري الممتاز ثلاث مرات إضافية، ليصبح مجموع مرات فوزه باللقب 6 مرات، وهو رقم لم يقترب منه أي لاعب في الدوري السعودي حتى نهاية القرن الميلادي. ولولا كثرة انقطاع ماجد عن الدوري في تلك الفترة بسبب التزامات المنتخب وتوالي الإصابات لربما فاز باللقب أكثر من ذلك. شهدت الفترة 1411-1413 (1991-1993) أكثر من إصابة قاسية أبعدته عن النادي والمنتخب، ورغم أن النادي حقق بطولة دوري كأس خادم الحرمين الشريفين عام 1414 (1994) وهي بطولة الدوري الممتاز بعد تغيير اسمها ونظامها، إلا أن ماجد لم يلعب مع النادي أي مباراة بسبب استدعاء جميع لاعبي المنتخب أثناء مراحل التأهل لكأس العالم 94. بعد انتهاء مشاركته مع المنتخب، عاد ماجد إلى النادي ليختتم قصة عشقه مع النصر بأحلى ختام، حينما قدم لهم وعلى مدى أربع أعوام متتالية بطولة كل عام، وهي بطولة دوري كأس خادم الحرمين الشريفين عام 1415 (1995)، بطولة أندية مجلس التعاون عامي 1416 (1996) و 1417 (1997)، وأخيراً بطولة كأس الكؤوس للأندية الآسيوية عام 1418 (1998)، وهي البطولة التي شهدت آخر أهدافه وآخر مبارياته.