تعج المحطات والقنوات التلفزيونية بمختلف مسمياتها وألوانها..واهتماماتها بالتمثيليات والمسلسلات من كل حدب وصوب حتى امتلكت عقل وقلب الكثير من الناس الذين ما ان ينتهوا من متابعة مسلسل حتى يدخلوا في متابعة آخر وتصبح هذه المسلسلات هي كل ثقافة واهتمامات شريحة كبيرة من الناس خاصة النساء اللاتي يجدن أنفسهن أمام التلفزيونات ولساعات طويلة ..وطويلة جداً . وللأسف فان المتابعات فيهن الجامعيات اللائي كن قادرات على إيجاد روافد أخرى أهمها القراءة من أجل التعلم والتثقيف بدلاً من أن يكون رصيدهن فقط معرفة أسماء الممثلين والممثلات!!. والغريب ..والعجيب أن كل المحطات والقنوات تكرس كل جهدها لتقديم هذه المسلسلات خلال أمسيات شهر رمضان المبارك وبكثافة مريرة جداً.. حتى أن بعض المحطات والقنوات تتابع تقديم المسلسلات بشكل مخيف ولا يفصل بين المسلسل والآخر سوى دقائق معدودة لفاصل اعلاني فقط رغم أن هذه المحطات والقنوات ليست متخصصة في تقديم المسلسلات وحسب..ثم تقوم تلك القنوات باعادة عرض كل المسلسلات التي قدمتها في شهر رمضان خلال أيام العام وحتى مجيء رمضان آخر.. مرة.. واثنتين ..وثلاثاً وكأنها ثقافة مهمة لا يستغني عنها الناس ..ولكم أن تسألوا كم مرة تم اعادة عرض مسلسل (الحاج متولي) على مدار كل السنوات الماضية التي أعقبت عرضه للمرة الأولى ولازالت المحطات والقنوات تعيد تقديم هذا المسلسل حتى اليوم حتى حفظه الناس تماماً!!. نحن جميعاً ندرك أن المسلسلات من المواد الجميلة.. ربما.. لكن أن تقدم بشكل مقنن ومعقول لا أن تقدمها القنوات بهذه الكثافة الطاغية والخارجة على قانون المعقول ، العجيب.. والغريب أيضاً أن 98% من المسلسلات التي يتم عرضها على المشاهدين متخمة بالمآسي .. والأحزان ..والجرائم والغدر وكأن ليس في الدنيا كلها ما هو إيجابي وجميل ..وأن حياة المجتمعات كلها في العالم ليس فيها غير المآسي والجرائم والغدر. إننا قد نسلم بأن المجتمعات في معظمها وليس كلها قد تعيش حالات من المأساة ومن الأحزان ..ومن الغدر .. ولكن ليس بهذا القدر من الاستغراق.. ولا بهذا الكم من الحضور وإلا لتحولت كل المجتمعات في العالم إلى حروب دامية ..ولهب حارق يأكل الأخضر واليابس. اليس من الأهداف الجميلة والمهمة أن تغرس هذه المسلسلات روح الأمل والتفاؤل.. وأن تساعد على ترسيخ ثقة الانسان بالحياة السوية والناجحة؟!. لماذا نجعل من المسلسلات أداة لترسيخ فكرة الحياة الدامية ..والانسان الشرير؟ لماذا نصور حاجة الانسان دائما حافزاً لدفعه إلى الجريمة ولا نقول بأن قسوة الحياة تعمل على رفع معدل الاصرار والكفاح والحماسة لدى الانسان؟ صحيح أن الحياة أصبحت صعبة ولقمة العيش أصبحت مرهقة ..وأن منطلقات الناس أو بالأصح معظهم قد تغيرت.. وتبدلت.. لكن الخير مازال بخير وأن الصفاء والنقاء مازال يسكن الحنايا ويقود الناس إلى سواء السبيل رغم أنف المسلسلات التلفزيونية التي تشيع الاكتئاب وتجلب الهم والغم!!. آخر المشوار قال الشاعر: ما مات غازي فلا تبكيه يايارا وهل يموت الذي قد شاد آثارا ما مات من كان في الإصباح يرشدنا وكان في ظلمات الليل أقمارا