أزهار غضّة طرية نثرت عبقها على ظلال تلك الروضة الندية حتى فاقت الأحلام ماكان يتمنى فالهواء البارد النابع بإرتقاء من رابية الحبل لامس وجهه وهو في طريقه الذي قد يراه غيره بأنه سرمدي لاحياة فيه موحش خاصة بعد الغروب فمن يتكلم كثيراً دون أن يدرك مايقول أو ربما يدرك ولكن لا فائدة لما قد تجنيها تلك النظرات الجائعة لما قد يقول يعتقد ذلك أما ذلك الهادئ في أتزان منطقه وعقله وقلبه تأبى قدماه إلا ان تسير على أرضيته فشجيراته باسقة ووروده متفتحة وأغصانه لانهاية لها فهل يشعر ذلك بالوحشة كما شعر غيره بها ؟ .. أقدام ثابتة وخطى قوية صلبة تمتد جذورها بعد اطلالة ذلك القرص المستدير بإضاءته الخافتة على جبين الليل .. رائحة جميلة دبت في مخيلته الحياة وما أجملها من حياة عندما يكون وحيداً مع عشاق أسراره .. تتحرك وريقات ملونة من أعواد ثائره وهو في دربه إلى ذلك الطائش المارد الذي يسمع هدير أمواجه فقد ينتابه بين الحين والآخر ما يدغدغ جسده من برد لطيف حانٍ في لسعته فتمتد يديه دون أن يشعر إلى ماقد يستر جسده ليرضى ذلك الطرف بدفء يستمتع به .. فبعد أن تزول من عالمه السعيد تلك الملتهبة والتي تمد خطاه بضياء فاخر يهرب بقدميه نحو تلك الحياة التي يجد دائماً على أبوابها روعة الأمل .. الأمل في محاكاة من حوله بمايبثه من هموم .. الأمل في مناجاة من حوله بما يعصف به من أحلام .. ليس من طرف واحد فقط وإنما بشعور متبادل قد يرضي غرور الطرف الآخر .. فالصمت توأم السعادة نحو ذلك الأمل أو تلك الأحلام .. نحو تلك المحاكاة أو المناجاة فالصمت لديه كما قيل عبارة عن زهره أقحوانية جميلة لاتنبت في كل الحدائق .. وقف كثيراً بين أمله وحلمه يتأمل في ذلك الساق من ذلك الغصن المتعرج من تلك الباهية بفستان عرسها الأخضر الداكن كان تلك اللحظة يهم بانتفاضته المرتقبة ليمسح عن جبينه قطرات الندى التي غصت بها كاحله فمن الصباح الباكر وهي تلتصق بذراته حتى أصابها الترهل فكان ماكان أمام عينيه فانسحب بصمت كما هي عادته بعد أن ودعته تلك الباسقة بنظرة أمل جادت بها عليه . وهو في طريقه وحيداً نظر إلى الأعلى فإذا بها تتأرجح أمام ناظريه في رقة ودلال فقد كانت سعيدة لأن تعطيه بعض ماتشعله في يديها من وهج صامت .. ارتاح قليلاً وهو يبعثر نظره نحو ماكانت ترمي إليه قدماه فوجدها أسراباً يفوق وصفها ملتحمة قوية متماسكة تدك الأرض على طريقتها وبأسلوبها الصامت .. اقترب كثيراً بأقدامه الحافية نحو من كان كبيراً فسيحاً في النور فتضاءلت مساحته في مساحة صغيرة من أعين الظلام ووقف حينها بصمت رائع على بداية مشارفه ليستعيد رؤاه في عالم قد خلفه وراءه مليء بالتشدق والثرثرة حتى عندما كان يفكر عنهم تطن أذناه بتلك الكلمات الكثيرة ولكن هنا لامجال لذلك فالأحداق المطمئنة تجد عالمها الرحب حينما تعزف أغنية الصمت والتفكير حينها يستطيع أن يقدم أنشودة المنطق بروافد هادئة فالشفاه المثمرة بالسكون تجد على اطراف عناقيدها بقايا الأمل الواعد والذي تفوح منه رائحة العبير !! . ومضة :- من شعري : هل تبحثي عني وانا في القرب منكِ عشب الأرض يعلكني وأمطار السكينه هل تبحثي عني وأنا في البعد عنكِ دموع الشمس تأكلني بأوتارٍ هجينة