توصل فريق طبي سعودي من مركز التميز لبحوث الجينوم الطبي بجامعة الملك عبد العزيز، إلى ابتكار “شريحة الطفرة الجينية السعودية” بتعاون مع كلية العلوم الطبية التطبيقية بالجامعة، حيث يتوقع لها أن تسهم في حل كثير من المشاكل في عالم المختبرات التشخيصية، من خلال تشخيص العديد من الأمراض المستعصية بشكل فعال وتسريع الاكتشافات الطبية الحيوية في المملكة العربية السعودية والمنطقة العربية والعديد من دول العالم. واستطاع الفريق البحثي، الذي يترأسه الدكتور محمد بن حسين القحطاني ويضم كلا من الدكتور عادل بن محمد أبو زناده، الدكتور عديل بن جلزار شودري، الدكتور ممدوح بن عبد الله قاري، تحديد وتهجين تسلسل الحمض النووي للطفرات المتغيرة الجينية المتعلقة بعدد من الأمراض الوراثية الخاصة مثل الاعتلالات الهموجلوبينية والثلاسيمة، والاعتلالات الانزيمية، التي تنتشر في المجتمعات العربية عامة والمملكة العربية السعودية بصفة خاصة، ومن ثم طباعتها على شريحة نانونية دقيقة، بحيث تكون وسيلة تشخيص دقيق مبكر لحالات فقر الدم الوراثي في السعودية. وأوضح الدكتور محمد بن حسين القحطاني أن فريق البحث قام بتصميم الطفرات الجينية المتعلقة لمرض أنيميا البحر الأبيض المتوسط المنتشر في المملكة العربية السعودية والكثير من البلدان العربية، مشيرا إلى أنه جار البحث عن منتج أو مصنع لتصنيع وإنتاج هذه الشرائح وتسويقها في المملكة العربية السعودية والبلدان العربية. وأشار إلى أن مؤشرات الدراسات والبحوث تشير إلى تفاقم المشكلة كون الأمراض الوراثية مزمنة ومعقدة في بعض الأحيان، مؤكدا على أهمية العمل للحد من الأمراض الوراثية ومضاعفاتها وضرورة تقديم الرعاية والتأهيل للمصابين بها في ضوء المعطيات العلمية ودلالاتها. ولفت إلى أن بروز الأمراض الوراثية والمزمنة كمشكلة صحية واجتماعية واقتصادية على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية كان دافعا لهم لإجراء هذا المشروع البحثي، مضيفا أن التشخيص المبكر ومن ثم التدخل المبكر يساعدان على منع المضاعفات أو الحد منها. وأضاف القحطاني، أن شريحة الطفرة الجينية السعودية، تمثل نقلة نوعية في التعرف على الأمراض الوراثية والمعدية، لا سيما في مراكز الفحص الطبي قبل الزواج، إلى جانب مساعدتها في التدريب على فحوص التشخيص الجيني للسكان والمسح الصحي، فضلا عن أنها ستسهم في دعم في المجال الصحي العلاجي اقتصاديا من خلال الاكتشاف المبكر للمرض وعلاجه. واستعرض مراحل المشروع البحثي، قائلا إنه مر بثلاث مراحل، موضحا أن المرحلة الأولى تم فيها اكتشاف وتحديد الطفرات الوراثية المتغيرة لمرض الثلاسيميا والمتعلقة بمجتمعنا المحلي في مختبرات أبحاث مركز التميز لبحوث الجينوم الطبي، مشيرا إلى أنها في مرحلة تسجيل براءة الاختراع على المستوى المحلى والعالمي. وعن المرحلة الثانية أفاد بأنهم قاموا بتهجين تلك الطفرة بنظام التهجين المقارن، أما في الثالثة تم طباعة تلك الطفرة على شريحة دقيقة تحتوي على عدد من النقاط المتناهية الصغر، التي يتفاعل معها الحمض النووي وتعد بمئات الآلاف, مبينا أنها شريحة إلكترونية دقيقة من مادة السيليكون، صممت وفق تصميم مرن حتى تستخدم لتشخيص عدد أكبر من الأمراض. وعن كيفية عمل الشريحة في تشخيص الأمراض الوراثية أشار إلى أنه يتم التشخيص بضخ قطرة صغيرة بحجم المايكرون من الحمض النووي داخل الشريحة، حيث تُلتقط المؤشرات الجينية المتغيرة الدالة على المرض الخاضع للبحث عن طريق أشعة الليزر، منوها بأنها تعتمد على قابلية الحمض اللنووي على التحرك والالتحام على سطحها عن طريق قنوات صغيرة بفعل قوة التهجين المقارن.