يوم جئت إلى هذا العالم الجميل .. علمتني أمي كيف أمشي .. علمني أبي كيف أنطق الحروف .. زرعوا في داخلي القيم النبيلة .. وقالوا لي إن الحياة جميلة .. ناصعة البياض .. الناس فيها كلهم أخيار .. وفي رحلتي مع الحياة رأيت أشكالاً لا أعرفها .. وملامح لا معنى لها.. قابلت الكذب .. تعرفت على معادن من نحاس و فضة وذهب .. بل من حطب وقفت حائراً .. تائهاً .. متسائلاً .. أمي !! كيف أتعامل مع الكذب ؟ .. كيف أرد على النفاق والخداع ؟ .. كيف أعيش في هذا العالم بقلب طفل لا يفقه شيئاً في الحياة ؟ .. لماذا لم تنبهني يا أبي ؟ .. يا أمي !! لماذا لم تفتحي لي عيني ؟ .. إني أتعذب !! .. ببراءة قلبي .. وقلة حيلتي .. فقد أتعبتني العثرات .. وأرهقت جسدي الجراحات .. ذقت كثيراً من مرارة الحياة .. وعشت أياماً وليالي أتكبد الألم والمعاناة .. ذكريات الماضي .. أجمل لحظات عمري تلك الأيام التي كانت الحياة فيها بسيطة .. والأصحاب أصحاب قلوب طيبة .. والجار بالجار كالأسرة الواحدة .. برغم قلتهم لم يموتوا .. كانت تلك المبادئ السامية كافية لتحيي ما بقي من رفات أمل في داخلي .. قد يتعجب البعض من حالتنا إلى جانب هذه المقارنات .. وأنا أقول لا داعي للعجب .. فمثل هذه المقارنات تقف مكتوفة الأيدي أمام ما ستمر به من مراحل الحياة .. مناجاة ربي .. يا إلهي خذ بأيدينا لنظل كما تربينا على المبادئ السامية .. ولكن !! بأعين مفتوحة .. وقلوب واعية .. ولو كان الرزق في يد خلقك سبحانك لما أكل أحد عيشاً .. سبحانك أنت العزيز الحكيم .. الرازق الكريم .. التواب الرحيم .. أصلح أحوالنا .. واغفر ذنوبنا .. إنك كنت غفاراً .. أرسل السماء علينا مدراراً .