| يؤكد العارفون بقضية الجدل (بين الفصحى والعامية) انه (لا وجود للغتين: عامية وفصحى. وليست العامية سوى عربية أصابها الانحراف والتحريف الكثير من ألفاظها وتراكيبها، وأهملت فيها قواعد النحو والصرف، وادخلت عليها بعض الكلمات الأعجمية شأنها في ذلك شأن الفصحى دون ادنى فرق). || ان اجادة الرعيل الأول للغة العربية الفصحى، ونقائها في عصرهم كان بسبب (انهم حفظوا القرآن الكريم كله، وقرأوا الأحاديث واستظهروا من الشعر الأمثال ما لا يحصى من شواهدهما، وقرأوا الأدب القديم وهذه العشرة الدائمة مع ما ذكر اثرت افكارهم وعواطفهم ولغتهم واساليبهم، واستعملوا بمهارة عظيمة كلمات القرآن والفاظ الحديث في كتاباتهم شعراً ونثراً (دفاع عن الفصحى، احمد عبدالغفور عطار). | ان سيطرة الالفاظ العامية على تعبيرنا اليومي امر وارد، ولا ننكره.. فاللهجة الدارجة هي الغالبة في التعامل الحياتي لدى المتعلم والجاهل، والكبير والصغير على السواء، فقد يسخر احدهم منك اذا نطقت بالفصحى في الشارع وقلت مثلا : (أريد قدحاً من اللبن) لانه تعود على سماع العبارة العامية (ابغى كاس لبن) او نحو ذلك.. فرغم جمال العبارة الاولى وحسن صياغتها، الا أن (التعود) منح الثانية استعمالاً أكثر. بطبيعة الحال، ننكر مثل هذه الممارسة (اللغوية) في المدارس والمعاهد والجامعات، والمحافل الادبية.. ولغة الكتاب تختلف عن اللهجة العامية.. وفي صحفنا اليومية نجد كتاباً يملكون القدرة على ادخال مزاوجة لطيفة بين الفصحى والعامية تساهم في ايصال الفكرة بسهولة ووضوح، وحتى شعراء (الشعبي) اصبحوا بارعين في رسم الصور الشعرية بألفاظ يغلب عليها (العامية) لكنها قريبة للفهم ومتجددة احياناً (معنى ولفظا). | يحتاج الكاتب أحياناً الى ايراد نصوص معينة لادخالها ضمن موضوعه مثل، الامثال العامية الدارجة، او عبارات حوارية معينة، وهذا لا يعتبر تجنياً على الفصحى، طالما كان الاستخدام يهدف الى الايضاح. وقد كان ادباؤنا من الرعيل الأول يستعملون احياناً العبارة الدارجة، ويضعونها بين قوسين لعدم الخلط بين الفصحى والعامية. | وفي اعتقادي ان المسألة لا تدعو للخوف على لغتنا العربية طالما كانت بيننا، وفي قلوبنا كتاب الله العظيم، واذا اردنا حقاً ان تكون الفصحى، او ما تسمى ب (لغة الحياة العامة) هي المشاعة في مجتمعنا العربي، فإن علينا البدء باستعمالها في المنزل والمدرسة والمجتمع، لأنه لا يمكن ان يستقيم اللسان في ظل نشأة درجت على تلقي (اللهجة العامية) .. فالأسرة لا تتحدث سوى العامية، والمعلم يدخل في شرحه ألفاظاً عامية، والمجتمع لا يتعامل الا بالمفردات العامية.. فكيف نغير الحال؟! والله الهادي الى سواء السبيل.